الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وتعطلت لغة التواصل بين الزوجين غرباء تحت سقف واحد

وتعطلت لغة التواصل بين الزوجين غرباء تحت سقف واحد
27 يناير 2008 00:50
الحب والاحترام والتفاهم دعائم أساسية لاستمرار أي علاقة زوجية تتخذ من الحوار مبدأ لها، وهي خير طريق لتجنب الوقوع في دوامة من المعارك وتخفيف التوتر وإنهاء الخلافات· فالحوار يعمل على تقريب وجهات النظر بين الزوجين، وغالباً ما يصل الطرفان من خلاله إلى نتائج مثمرة··· لكن ما حقيقة وجود مبدأ الحوار بين الزوجين؟ وما هي المفاهيم الخاطئة التي تعشش في عقول معظم الأزواج حول أسلوب الحوار؟ ''لا أستطيع أن أدخل في حوار مع زوجي''، بهذه الكلمات بدأت أميرة خالد حديثها لتكمل: ''كثيرا ما أُلْجَم بألفاظ بذيئة مؤلمة تنخر ما تبقى في نفسي من مشاعر تجاه زوجي· ويتملكني الصمت عند أي مشكلة قد تحدث بيننا، منعا لاحتدام الامر وتفاقمه· فزوجي لا يعترف بالحوار، والكلمة كلمته بغض النظر عن صوابها من عدمه''· مفتاح الانسجام أما سهام فرج، فترى أن ''الحوار بين الزوجين هو مفتاح التفاهم والانسجام، والقناة التي من خلالها نتواصل مع الآخر· وعندما نتحاور إنما نعبّر عن أنفسنا بكل خبراتنا الحياتية وبيئتنا الأسرية والتربوية، ونعبّر عن جوهر شخصيتنا وأفكارنا وطموحاتنا، فأي علاقة زوجية لابد أن تبنى على التواقف والانسجام التام· الحوار يقرب الزوجين إلى بعضهما، ويزيد من ترابط افراد الاسرة وإشاعة الالفة والمحبة والاحترام فيما بينهما، وكم تهدمت أسر نتيجة غياب لغة الحوار''· فيما تؤكد كريستينا زيد: ''أن الحوار يتطلب الكثير من الحذر في اختيار الالفاظ أو الاسلوب الذي من خلاله نستطيع أن نؤثر على الطرف الآخر ونقنعه بوجهة نظرنا، فعندما أدخل في نقاش مع زوجي أتجنب القوة والحدة في طريقة الحديث، وأحرص على الليونة والأسلوب الهادئ لأمتص غضبه''· وتعلق علياء أحمد قائلة: ''الرجل كثيرا ما ينتقص من شأن المرأة، ولا يأخذ رأيها على محمل الجد، وعندها لا تجد المرأة مجالاً لاستخدام أسلوب الحوار لأنه لا يجدي مع الرجل الذي يعتبر ان القرار قراره، وهو نمط موجود بكثرة - للأسف- في مجتمعنا· اختلاف الجنسين حول طبيعة الاختلاف بين الرجل والمرأة يرى أحمد سليمان الحمادي موجه اجتماعي تربوي أن الحياة الزوجية لا تخلو من المشكلات، ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم· بل قيل عن المشكلات الزوجية إنها ملح الطعام، لا غنى عنه، فما دام الناس يتفاوتون في مستوى تفكيرهم، ويختلفون في أمزجتهم وطبيعتهم، ونظرتهم للأمور، فالمحصلة الطبيعية لتلك الخلافات تصادم الإرادات والسلوكيات بين الأفراد ومن الجنسين· فالحياة الزوجية مختبر صغير، ونموذج مصغر، للاختلاف البشري، ويقول الله عزوجل ''وليس الذكر كالأنثى''· بيد أن ذلك الاختلاف لا يعني بالضرورة استحالة التوافق والانسجام بين الزوجين، بل إن ذلك يمكن أن يكون أساساً للتكامل والانصهــــار (كنفس واحدة) في إشارة إلى الآية الكريمة ''ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة''· ويأتي الحوار كأسلوب علاج لتفاهم الطرفين وحل المشكلات القائمة على هذا الاختلاف الذي هو في اساسه تكامل وليس تفاضل بين الذكر والانثى''· ويضيف الحمادي: ''تكمن أهمية الحوار أيضا في بناء حقائق لا استنتاجات مبنية على الشك الذي كثيرا ما يخلق مشكلات زوجية تتطلب الحوار والمصارحة لتبديد المخاوف، وحل الخلافات في اجواء هادئة ونفسية مريحة بعيدا عن التشجنات والانفعالات التي أصبحت شائعة بين المتزوجين· والزوجان اللذان يفتقدان الحوار العائلي بينهما هما في الحقيقة غريبان في بيت واحد، يجهلان عن بعضهما البعض أكثر مما يعرفان، وكذلك أفراد العائلة الذين يفتقدون للحوار العائلي بينهم هم غرباء في بيت واحد، حتى لو سكنوا وأكلوا وجلسوا مع بعضهم البعض· ويؤكد الحمادي أن التحلي بالقدرة على فهم الاختلاف مع الآخر، تجعلنا نقر بأن الحياة الزوجية تحتاج الى الحوار، لكن الملاحظ ان اكبر مشكلة تعاني منها النساء على مستوى العالم كما يقول ''غراي'' في كتابه صمت الرجال· وحاول تفسير هذا الصمت على انه حاجة يجب ان تفهمها المرأة على ان الرجل يحب ان يثبت نفسه بالانتاج ويلجأ الى الصمت كهدف يجد فيه حلولا لمشكلاته النفسية ومعاناته، وعلى المرأة ان تساعده لا ان تبتعد عنه· وتبقى الاختلافات كثيرة، وعلى الزوجين البحث عنها كثقافة نبني عليها حياة مشتركة طويلة، كما يبقى الحوار هو الأسلوب الناجع والطريقة المثلى لحل مشكلاتنا· القدوة الحسنة منهج الحوار ليس أسلوباً حديثاً في التعاملات الزوجية وإنما وسيلة مارسها الناس منذ عهود مضت، ويؤكد الاستاذ عبدالله عبدالقادر الكمالي أن من طبيعة هذه الحياة التي نعيشها وجود شيء من المنغصات، ففيها الألم والأمل، وفيها الحزن والفرح، والعلاقات الزوجية لابد ان تشوبها بعض المشاحنات وسوء الفهم، لكن على الإنسان أن يتجاوزها ويقود السفينة إلى بر الأمان بحكمة وهدوء، وهذه واحدة من مقومات فن الحوار الذي يجب أن يكون محورا أساسيا في الحياة الزوجية، فالزوجان لابد ان يتحاورا ويتناقشا ويتبادلا الآراء والافكار· ومن خلال الحوار يتعرف الزوجان على مشاعر بعضهما البعض، وما يكرهه كل طرف أو يحبه، وما يحزنه وما يفرحه· وبالحوار تُخفــــف الأحزان فلا يصح أن تكتم الزوجة ما في داخلها أو أن يصمــــــت الزوج إلى الحــــد الذي يسبب لزوجته العصبية والتوتر ويؤثر بالتـــــالي على صحتها النفسية· ويعد الحوار بين الزوجين علامة من علامات المحبة والاحترام، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يستشير نساءه، ويأخذ برأيهن، فقد أخذ برأي أم سلمة (رضي الله عنها) في غزوة الحديبية· كما ان الحوار سبب من أسباب زيادة المودة والرحمة والألفة والمحبة بين الزوجين والعكس أيضا صحيح، فالزوجة التي لا تدع لزوجها مجالا للنقاش والحوار لا شك أنها ستفقد حبه، وبالحوار تتوثق العرى بين جميع افراد الأسرة، لأن الأطفال يتحابون عندما يروا الأم والأب متحابين متراحمين· فن الاستماع ويتعلق بفن الحوار فن آخر هو فن الاستماع، يقول الكمالي: ''كثير من الناس يتحدثون عن فنون الحوار والخطاب ونبينا (صلى الله عليه وسلم) يعلمنا فنا راقيا من فنون الحوار ألا وهو فن الاستماع· هذا الفن الجميل يجهله كثير من الناس الذين لا يستمعون إلا لأنفسهم، ولا يرون إلا رأيهم أما الرأي الآخر فلا يعرفونه أبداً· لقد كان النبي يسمع من الصحابة الكرام ويسمع من نسائه ويسمع من الأطفال أيضا· ولكن - للأسف - هناك بعض الازواج يجهلون قيمة الحوار، ويظنون أنه لا تنبغي مشاورتها وهم يرددون مقولة ''شاوروهن وخالفوهن''· وبعض النساء يتصورن أن المرأة القوية هي التي تتمكن من رد فكرة زوجها وأنها بإصرارها على رأيها ورفض أي مناقشة ستحقق نصرا كبيرا، وتنسى أن الحوار ثم الحوار هو سبيل وضوح الرؤية التي من شأنها أن تحقق الحلول للمشكلة·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©