الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كولومبيا... النجم الصاعد لأميركا اللاتينية

14 يوليو 2010 22:16
أندريس أوبنهيمر صحفي أميركي متخصص في شؤون أميركا اللاتينية راقبوا كولومبيا جيدا! ذلك أنه بعد النصر الكاسح الذي حققه الرئيس المنتخَب "خوان مانويل سانتوس"، الشهر الماضي، فإن كولومبيا قد تسير على خطى البرازيل وتشيلي والبيرو، لتشكل قصة النجاح الاقتصادي التالية في أميركا الجنوبية. صحيح أن أشياء غير متوقعة قد تحدث، ومن ذلك صعود جديد لعنف المليشيات الماركسية، وجولة أخرى من التوتر مع فنزويلا والإكوادور المجاورتين... لكن المراقبين للشأن الكولومبي يشيرون إلى أربعة أسباب لاحتمال إقلاع كولومبيا تحت حكم سانتوس. أولا: سانتوس، والذي كان يشغل مؤخراً منصب وزير الدفاع في حكومة الرئيس المنتهية ولايته "ألفارو أوريبي"، فاز بـ70 في المئة من الأصوات، وحصل على مليوني صوت أكثر مقارنة مع أوريبي خلال انتخابه الأخير. وهذا الأمر سيمنح سانتوس أغلبية قوية في الكونجرس، ما سيسمح له بجذب الاستثمارات الخارجية، في ظل ضمانات للاستمرارية الاقتصادية والانكباب على إصلاحات طموحة لقطاعات الطاقة والصحة والتعليم. فحالياً، تعد كولومبيا، حسب تقرير حديث للأمم المتحدة، رابع أكبر مستفيد من الاستثمارات الخارجية في أميركا اللاتينية، بعد البرازيل وتشيلي والمكسيك. ويعتقد العديد من الخبراء الاقتصاديين أن سانتوس قد يستطيع تحقيق ما تعهد به في حملته الانتخابية بشأن تحقيق معدل نمو يبلغ 6 في المئة في غضون عامين؛ لأن تركيزه سيكون منصبا على الاقتصاد. ثم إن سانتوس، وخلافاً لأوريبي الذي يمتهن المحاماة، هو خبير اقتصادي تخرج من جامعة كانساس الأميركية وكلية لندن للعلوم الاقتصادية. وقد بدأ مشواره الحكومي كوزير للتجارة الخارجية، قبل أن يتولى لاحقاً حقيبة وزارة المالية. وبالتالي، فلا غرو أن يكون أول تعيين يقوم به هو تعيين خوان كارلوس إيتشفيري في منصب وزير المالية. ثانياً: قد يكون سانتوس محظوظاً أكثر من أوريبي في إقناع الكونجرس الأميركي بالمصادقة على اتفاقية التجارة الحرة التي وقعها الرئيس الأميركي السابق بوش وأوريبي في 2006. ويذكر هنا أن الديمقراطيين في الكونجرس الأميركي يرفضون المصادقة على الاتفاقية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ضد النقابيين في كولومبيا. وفي هذا السياق، قال لي الرئيس الكولومبي السابق سيزار جافيريا هذا الأسبوع: "إن سانتوس سينسجم مع الديمقراطيين على نحو أفضل لأنه لا يمتلك سجلا (من التوترات) مع أوباما وكلينتون". غير أن مصادر في الكونجرس تحذر من أن أغلبيته الديمقراطية لن تعرض الاتفاقية على التصويت قبل الانتخابات النصفية المقررة في نوفمبر المقبل، وأن ما سيحدث بعد ذلك قد يتوقف على نتيجة الانتخابات. ثالثاً: سانتوس رجل يتمتع بشخصية أقل صدامية مقارنة مع أوريبي، ومن المحتمل أن يحرص على تخفيف أسباب التوتر في الداخل ومع جيران كولومبيا، كما يقول العديد من المراقبين. وفي هذا الإطار، يقول جافيريا: "ثمة حالياً مناخ جديد يتميز بانقسام أقل في البلاد... والناس يعتقدون أن الحكومة الجديدة لن تظل في حرب دائمة مع المنظمات غير الحكومية مثل منظمات حقوق الإنسان، مثلما كان يفعل أوريبي، كما أن سانتوس لن يضع نفسه في عزلة دولية كما فعل أوريبي". رابعاً: لقد تعهد سانتوس في خطاب النصر الذي ألقاه بعد فوزه في الانتخابات بمحاربة إفلات مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان من العقاب، وبتحسين العلاقات الرئاسية مع النظام القضائي، الأمر الذي قد يحسن وضع حقوق الإنسان في كولومبيا. وفي هذا الصدد، قال لي "خوسي ميجيل فيفانكو"، رئيس قسم شؤون أميركا اللاتينية في منظمة "هيومان رايتس ووتش"، والذي يعد أحد أشد منتقدي سجل أوريبي في مجال حقوق الإنسان، إن سانتوس "رجل براجماتي، ما يعني أنه إذا تلقى الإشارات الصحيحة من المجتمع الدولي بخصوص موضوع حقوق الإنسان. فالأرجح أن رده سيكون أكثر إيجابية مقارنة بالرئيس المنتهية ولايته". غير أن فيفانكو أوضح أن ثمة قلقاً بين المهتمين بموضوع حقوق الإنسان بشأن تعهدات سانتوس خلال الحملة الانتخابية بالسماح للجيش بمتابعة أعضائه بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، وإخضاع مكتب المدعي العام لمكتب الرئيس. وشخصياً، لا أتفق مع التفكير السائد في كولومبيا من أن سانتوس سيستطيع تحسين العلاقات مع الرئيس الفنزويلي، وذلك لأن الأخير يحتاج إلى مواجهة مستمرة مع كولومبيا حتى يصرف الانتباه عن تدهور المشاكل الاقتصادية في الداخل ويبرر حكمه السلطوي على نحو متزايد. ومثلما قال لي سانتوس في حوار معه مؤخراً، فإنه وتشافيز "مثل الماء والزيت"، فهذان العنصران لا يختلطان مهماً حاول المرء ذلك. غير أنني أعتقد أن ثمة على الأقل احتمالا لأن ينهض سانتوس بكولومبيا، مستفيداً من الاستقرار الاقتصادي الذي ورثه عن سلفه، والتفويض القوي الذي حصل عليه في الانتخابات، وتركيزه على الاقتصاد. وإذا أبلى بلاء حسناً، فإن كولومبيا قد تصبح النجم الصاعد المقبل في المنطقة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم سي تي إنترناشيونل"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©