السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أرصفة الميناء ··· مرافئ الرزق

أرصفة الميناء ··· مرافئ الرزق
21 أكتوبر 2008 01:15
يعيشون على رصيف الميناء في أبوظبي من دون تأشيرة زيارة أو عمل لفترة لا تتجاوز 21 يوماً بناءً على قانون يتم العمل به منذ فترة طويلة في الموانئ البحرية· إنهم ''بدو البحر'' يمخرون عبابه ويستريحون في موانئه، يبيعون ممّا اشتروه كالفينيقيين القدامى، ويلجأ إليهم السكان لأن أسعارهم متدنية حتى لو باتت بضاعتهم منتشرة بوفرة في الأسواق الداخلية، تفتح لهم أبوظبي ذراعيها فيقيمون لمدة على أرصفتها، يتنقلون في سوق الميناء ويدخلون المدينة بناء على تصريح يسري لمدة نصف يوم· بحارة وتجار، توارثوا في غالبيتهم مهنة الإبحار أبّاً عن جدّ، يتقنون أكثر من لغة، وثمة من يعود بينهم إلى أصول عربية لم يقضِ الزمن على لغتها ولم تغيّرها الجنسيات التي اكتسبوها· يخبر سعيد عبد العباس عن تنقلات البحارة العرب منذ زمن لم يحدّده، استقاه من تاريخ العائلة المتوارث شفهياً· ويقول إن عائلته ''تنحدر من أصول عربية ولا تزال تحافظ على اللغة العربية في محادثاتها العائلية''· ويضيف ''لست وحدي هنا (يقصد في الميناء) من أصل عربي فثمة العديد من العائلات العربية الأصل''· ويشبه تاريخ ميناء زايد وبسطات ''بدو'' البحر تاريخ هذه العوائل، إذ أنه غير مدوّن تستقيه من أخبار الكبار في السن· ثمة بينهم اليمني الأصل والسعودي والإيراني والعماني· كانت بضاعتهم تفرش على رصيف ميناء زايد تحت خيم القماش، إلى أن بنيت لهم ''هناجر'' مكيّفة بدل ''البسطات''، كما يخبر أحد البحارة الذي توارث مهنته عن جدّه من والده· وبدأ تنظيم الميناء وتوسعت رقعته وبات له عدة أقسام أبرزها سوق الأواني وسوق الخزفيات وسوق الخضار وسوق السمك والمسلخ، ومن يحب تذوق الطعام الإماراتي فثمة مطعم الظفرة التراثي بطابعه وبمائدته المؤلفة من مأكولات الإمارات الشعبية· الهناجر عائلة خير الله قاسمي تبحر منذ أكثر من 35 سنة باتجاه الميناء في أبوظبي محمّلة بالبضائع لبيعها على الميناء في السوق ''الحرة''· جابر الابن (36 سنة) مقيم في أبوظبي يعمل في منطقة الميناء، وكذلك شقيقه وابن خالته وابن عمه· يأتي بالبضاعة عبر البحر ويبيع منتوجات إيرانية وصينية وتايوانية· وإلى جانب محلّه تمتد ''الهناجر'' التي تعرض الخزفيات والسجاد، حيث تختلف وجوه الباعة من فترة إلى أخرى ولا تختلف البضاعة· ويسمي البعض الميناء هذا بالمنطقة ''الحرة'' ليس لتدني أسعار السلع والمنتوجات فيها وحسب، إنما لرمزية الرسوم الجمركية على بضائعها· ويقول جابر خير الله ''لا تتجاوز نسبة الرسوم الـ 5 %''· ويشير جابر إلى أن تاريخ البيع في هذه الناحية وإقبال البحارة والتجار إليه يعود بحسب معلوماته التي استقاها من جدّه، إلى نحو 70 سنة قبل إنشاء الاتحاد· وحين يخرج البحارة والتجار من منطقة الميناء ويقفلون عائدين إلى مملكتهم الصغيرة، وهي عبارة عن سفينة صغيرة الحجم أو طراد، تندهش لدى رؤيتها وتستغرب كيف يتخذونها وسيلة تنقّل في البحر لأنها تبدو قد صنعت منذ عهود قديمة وقد طلي خشبها بمادة تمنع تسرب المياه إلى جوفها، لكنها تبدو ركيكة للناظر إليها· وإذا ماج البحر بها، يُسرع البحارة في طريقهم إلى الجزر ويحتمون بها، أو يمددون ركونهم في ميناء أبوظبي· ويؤكد مدير إدارة الجنسية والجوازات في أبوظبي ناصر المنهالي إعطاء فرصة للبحارة لمدة 5 أيام في الظروف المناخية الصعبة· التجارة شطارة يبيع سعيد منذ 8 سنوات الخزفيات في الميناء، لا يسمح له التصريح بالبقاء لأكثر من 21 يوما، ويقول أن عليه أن يغادر صباح اليوم الـ ،21 فيخرج إلى البحر يغيب من 30 إلى 40 يوما ليعود محملاً بالمزيد من البضائع إلى الميناء· ويلجأ إلى وضع البضائع المتبقية في المخازن مقابل إيجار بسيط (150 درهماً في الشهر)· ويقول إن المردود يتراوح بين 3000 درهم و4 آلاف، ويلفت إلى أن غالبية المشترين من المواطنين الذين يقصدون الأسواق و''الهناجر''أكثر من المقيمين· يحتاج سعيد لزيارة أبوظبي تصريحا من دائرة الجنسية والجوازات يسمح له بالخروج من منطقة الميناء الحرة، لمدة لا تتجاوز الـ 12 ساعة، أو بحسب أحد البحارة ''إذا خرجنا الساعة السابعة صباحا فعلينا أن نعود قبل منتصف الليل''· ويطبق على سعيد وأمثاله عرف البحارة وتجّار البحر، الذي يسمح له بالدخول عبر البحر إلى الميناء حصراً لفترة 21 يوما يمنح فيها تصريحاً لا تأشيرة زيارة (سياحية) ولا تأشيرة عمل، وإذا أراد الدخول إلى مدينة أبوظبي فيتقدم ليُمنح تصريح يخوّله تمضية 12 ساعة فيها· ويلفت أحد التجار إلى أنه يتوجه أحياناً إلى دبي ويضمن شرط العودة ضمن المدة المحددة· تنظيم وفي المقابل، يؤكد المنهالي أن تصاريح دخول المدينة الخاضع لقضاء حاجيات معينة فيها لا يخوّل حامله التنقل من إمارة إلى أخرى· ويشير إلى أن تنظيم عملية الدخول استُحدث لضبط منطقة الميناء التي يدخلها بالإضافة إلى البحارة والتجار، زائرو الترانزيت الذين يقصدون المغادرة عن طريق الجو، وهؤلاء يطبق عليهم نظام آخر معروف بنظام الـ 96 ساعة (4 أيام)· وتبرم إدارة التخطيط المالي في بلدية أبوظبي عقود الإيجار لأصحاب المحلات التجارية والأسواق الشعبية، ويتبع للبلدية أسواق السمك والخضار والمواشي والطيور والأواني والسجاد والمحلات التجارية والمسلخ الآلي ومباني جمعية الصيادين· وتتقاسم البلدية مسؤولية رصيف الميناء مع شركة الموانئ البحرية· أما الرصيف ككل فهو ملك عام تابع للمجلس التنفيذي لأبوظبي· وتتولى إدارة الجمارك الرسوم على البضائع· فيما تتولى إدارة الجنسية والجوازات شؤون التصاريح وعرف الـ 21 ساعة والترانزيت· وتلفت مصادر إلى توقف منح التصاريح في بعض الأحيان، ويؤكد المنهالي أنه لم يتوقف إصدار التصاريح، وإنها في العادة تعطى وفقا لاحتياجات البحارة والتجار المرافقين لهم، ملفتاً إلى أنهم يتعاملون مع البحارة عبر الوكلاء الملاحين· والوكيل الملاحي عبارة عن شركة يملكها مواطن تنهي كل الإجراءات المتعلقة بالبحارة والتجار المتواجدين على ظهر السفينة· ولم ينفِ المنهالي بعض التشديد في ضبط ميناء زايد، غير أن هذا التشديد لم يؤد إلى توقيف إعطاء التصاريح، وسببه تسجيل عدد من حالات التسيّب، مؤكدا أن الأمن في الميناء مضبوط بنسبة تفوق الـ 90 %· ويضيف ''الأولوية في عملنا هي للناحية الأمنية في الميناء، إنما نراعي في الوقت عينه المصالح التجارية بشكل لا يؤثر على أولوياتنا''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©