السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حمدي قنديل: حذار من مقاولي الفضائيات

حمدي قنديل: حذار من مقاولي الفضائيات
21 أكتوبر 2008 01:20
يحذر الإعلامي حمدي قنديل من دخول ''مقاولي الفضائيات'' إلى ساحة الإعلام العربي تحت عباءة الدين تارة، والربح السريع تارة أخرى· ويؤكد أن الإعلام الحر يحتاج إلى مجتمع حر يترعرع فيه، منطلقا من أن الحقوق الإعلامية مكملة للحقوق السياسية· ويزيد في الوقت ذاته أن رفع سقف حرية الصحافة يحتاج إلى مجتمع قارئ قادر على التعاطي مع الجرعات الإعلامية التي يتلقاها، منتقدا التطور التكنولوجي لمعدات البث على حساب تنمية كوادره البشرية· في سياق متصل، يقول قنديل الذي أمضى في حقل الإعلام نحو نصف قرن، إن هناك طفرة تكنولوجية وفنية كبيرة شهدها الإعلام العربي، ولكنها جاءت على حساب الاهتمام بالعنصر البشري، وهو ما ينطبق بشكل واضح على الاذاعة والتليفزيون، لأن ما أنفقته محطات الاذاعة والتلفزيون على المعدات في السنوات الأخيرة يفوق أضعاف مضاعفة ما أنفقته علي تنمية الكوادر البشرية العاملة في تلك المحطات، ومع ذلك لا يبدو متشائما لأن هناك محطات فضائية على مستوى عال من حيث الإمكانيات البشرية والتكنولوجية· هموم الصحافة وأما عن الصحافة المطبوعة في العالم العربي، فيجد قنديل أنها تواجه العديد من المشاكل، أولها أن العرب شعب غير قارئ، وبما أنه لا يوجد قراء بالعدد الكافي، إذا فلايوجد توزيع واسع للصحافة المطبوعة، وبالتالي تصبح عملية تطوير الصحف إلى الحد المقبول مسألة صعبة للغاية· وتتعلق المشكلة الثانية، وفقه، بالحريات، لأنه لا يمكن للإعلام أن يزدهر دون حرية، رغم وجود دول عربية تترك للصحف المعارضة أن تقول ما تريده، لافتا إلى أن فتح المجال أمام تلك الصحف ليس مصدره الايمان بالحرية، وإنما معرفة واقع القراءة في العالم العربي، ففي هذه البلدان عدد القراء محدود، بسبب ارتفاع مستوى الأمية، ومحدودية دخل معظم الأسر بما لا يتيح لها شراء الصحف· والحكومات تعرف هذا المعادلة جيداً، ولذلك تعطي المجال للصحف المعارضة والمستقلة أن تصدر· ويزيد صاحب برنامج ''قلم رصاص'' الذي يعرض على شاشة دبي مشكلة أخرى من مشاكل الصحافة العربية، وهي ما يسمى بـ ''محلية الاهتمام''، موضحا أن لكل دولة صحافة وطنية وليس من صحافة عربية· تنافس فضائي وبانتقال الحديث عن التلفزيون بوصفه الأداة الإعلامية الأقوى تأثيراً، يرى قنديل أن ''دخول الإرسال الفضائي، وقيام المحطات الفضائية، أحدث نوعاً من المنافسة التي أحدثت بدورها نقلة كبيرة في مجال التلفزيون سواء الحكومي أو الخاص، وهو ما أدى إلى ظهور بعض القنوات العربية، التي أصبح لا يقل مستواها على الإطلاق عن القنوات الدولية، مثل قناة الجزيرة التي تبث باللغة الانجليزية''· ورغم أن قنديل يبدي حماساً لقنوات اعتبرها ''جادة'' غير أنه يلفت إلى مشكلة دخول ''مقاولين الفضاء'' فعلى غرار ''سينما المقاولات''، ظهرت ''فضائيات المقاولات''، في السياق ذاته يوضح أن ''المقاولات قد تكون مقاولة دين، بإصدار الفتاوى العشوائية، أو مقاولة قمار بأن تكون القناة أشبه بنادي قمار بالمسابقات التي قد تكون غير حقيقية، فضلاً عن قنوات الفجر والدعارة، والأخطر من هذا كله قنوات التعصب المذهبي والتعصب السياسي''· وحول قدرة الإعلام العربي على تجسيد القضايا العربية والدفاع عنها، يفيد قنديل بأن ''العرب لا يملكون إعلاماً عالمياً، لأنه لا يوجد في الأصل سياسة عربية أو وجهة نظر عربية واحدة تقدم للخارج، وفي الوقت الحالي لا يوجد إعلام موجه إلى الأجنبي إلا في قناة الجزيرة الدولية الناطقة باللغة الانجليزية، وإلى حد كبير تمكنت من سد فراغ في هذه المسألة، ولكنها لا تستطيع وحدها القيام بعبء هذا الدور على مستوى العالم الخارجي كله''· الحياد صعب ويؤكد أن ''الحياد الإعلامي مصطلح لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع· ويقول ''صعب جدا أن تكون حياديا في المجال الإعلامي لأنه مجال متعلق بالفكر وبالروح، وكل ما يتعلق بالفكر والروح والإبداع لا يمكن أن يكون حياديا، لا يوجد مثقف دون اتجاه وموقف، ومن غير الطبيعي أن أحرم الإعلامي من أن يعبر عن موقفه، ولكن هناك أصولا للمهنة يجب مراعاتها وهنا تظهر الممارسة المهنية، ولا أمانع في أن تعبر المحطة عن رأيها، ولا الإعلامي عن وجهة نظره، على أن يكون ذلك من خلال برنامج رأي، ولكن في المناقشة والحوار يجب على الإعلامي أن يكون محايدا بقدر الإمكان بحيث تعبر المحطات التلفزيونية عن الرأي والرأي الأخر، ولا تقتصر على رأي دون ثان''· هذه قصتي مع هيكل وعن علاقته بالمؤرخ والإعلامي محمد حسنين هيكل يقول قنديل:''هيكل كان واحداً من صانعي الأحداث، فقد كان في دائرة الحكم منذ بداية الثورة، وكنت مجرد واحد من ملايين المؤمنين بالثورة وبجمال عبد الناصر· وتربطني بالأستاذ هيكل علاقة وثيقة، وأعتبره أستاذ الصحافة والإعلام في العالم العربي، وأنا سعيد جداً بإطلالته المميزة على قناة الجزيرة، والتي كسر من خلالها أي قاعدة تليفزيونية فنية مهنية وذلك بحديثه لمدة ساعة كاملة وهو شيء غير معتاد في البرامج التليفزيونية''· ولا يمانع قنديل وجود ''إعلام موجه''، انطلاقا من أن المناداة بفتح الأبواب أمام الإعلام الخاص، لا ينكر على الآخرين حقهم في وجود إعلام حكومي، فمن حق الحكومة أن يكون لها وجهة نظرها، لأن الحكومة بشكل أو بآخر تعبر عن شريحة من المجتمع مع التسليم بأنها ليست شريحة الغالبية، متمنيا أن'' يكون هناك إعلام موجه للتنمية، والتعليم، ومساندة المبادرات التطوعية في مختلف المجالات لتقديم خدمات حقيقية للناس · ويشدد قنديل على أن ''العمل الإعلامي عمل إبداعي يعتمد على الموهبة، ودراسة الإعلام وحدها دون وجود موهبة حقيقية لن يفيد''، مضيفا أن ''الإعلامي يؤدي رسالة وليس وظيفة''· وينصح الإعلامي بأن ''يكون صادقاً مع نفسه، ليتمكن من التأثير على الناس، وعليه أن يلتزم بقضايا بسطاء الناس، وإذا كان هناك تعارض بين السلطة وبين الناس، عليه أن يحسن إختيار المعسكر الذي ينبغي أن يقف فيه''· سقف الحرية وعن إمكانية رفع سقف الحرية ليتسع لكل الإتجاهات الفكرية، يرى قنديل أن الإعلام لا ينفصل عن المجتمع، وطالما لا يتمتع المجتمع بكامله بالحرية، فلن يتمتع الاعلام بأي حرية، المسألة تعتمد على البيئة كلها، فلا يمكن أن تصدر صحيفة تتمتع بالحرية، أو تنشأ محطة تليفزيون تتمتع بالحرية في الوقت الذي لا يتوافر فيه نظام حزبي يسمح بظهور تعددية حزبية، مضيفا أنه ''من غير الممكن وجود حرية اعلامية مع إنكار حق التظاهر أو حق التجمع، بصفة عامة الحقوق الإعلامية مكملة للحقوق السياسية والعكس صحيح''· وفي إطار عمل نقابات الصحفيين، يجد قنديل أن ''نقابات الصحفيين انشغلت بالبحث عن المكتسبات المعيشية للصحفيين، دون الاكتراث بالارتقاء بمهنة الصحافة، معتقدا أن ''النقابات عاجزة عن القيام بأي شيء حياله، لأن الواقع يؤكد أنها ليست نقابات بالمعنى الحقيقي ولا تمثل الصحفيين، وإنما هي ظل للحكومات في معظم الدول العربية، ورغم تلك العلاقة الوثيقة بين النقابات والحكومات، إلا أنها عجزت أن تستخلص بعض الحرية للصحفيين من قبضة الحكومات''· ويتلمس قنديل تراجع الإعلام المصري، معتبراً أنه ''مرآة لتراجع الدور المصري السياسي عربياً''· ويشير إلى قيام تيارات مصرية تدعو للاهتمام بالوطن أولا قبل الوطن الأكبر ما أدى إلى انحسار الدور المصري عربياً، مستبعداً ''عودة الريادة المصرية للإعلام العربي في المستقبل القريب على الأقل''·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©