السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من نحن؟

من نحن؟
3 مايو 2013 21:38
في اليابان يقدمون وجبات طعام يومية لتلاميذ المدارس، وهي وجبات مغذية وصحية بالتأكيد، ويقوم مدير كل مدرسة بتناول طعامه من وجبة الطلاب ذاتها، لكن قبل نصف ساعة من موعد تناول الطعام عند التلاميذ. طبعاً هناك من يتساءل عن السبب، هل هو استعلاء على الطلبة، أم ماذا؟ والجواب لا استعلاء ولا ماذا، لكنه إخلاص... إذ تخشى المؤسسة التربوية أن تكون الوجبات قد تعرضت للفساد أو التلوث دون أن يعرفوا، بالتالي يتم إطعام المدير من الطعام ذاته حتى تظهر آثار المرض أو التسمم- إن وجد- على مدير المدرسة- حيث تتم معالجته- ويتم سحب الطعام فوراً من المدرسة قبل أن يتناوله الطلاب. وحينما يسأل أحدهم الياباني عن السبب يقول لك ببساطة، وهو مندهش من مجرد السؤال: ? طبعاً.. هؤلاء التلاميذ هم مستقبل اليابان؟ قامت وزارة التربية في بلدي، قبل سنوات، بتوزيع علب حليب بالنكهات، وعصير وفواكه على بعض المدارس بها، حيث تم إلغاء المشروع بعد أشهر نظراً لحدوث حالات تسمم وإسهالات.. وفساد. وقد حمل البعض هذه الأخطاء إلى سوء التخزين، وآخرون إلى انتهاء الصلاحية، ورسو المناقصة على من يرشو المسؤولين أكثر، وآخرون اعتقدوا أنها مؤامرة ضد من رسا عليه العطاء.. وهكذا. الغريب أن كل هذه الأسباب كانت صحيحة تماماً.. لكن السبب الأساسي هو أننا نفتقر إلى المنظومة الأخلاقية التي تحمي المجتمع وتؤدي إلى نجاحه وتقدمه. ببساطة، نحن شعب يسرق مستقبله، وإن لم يستطع يقوم بقتله... هكذا نفعل في كل شيء. وهكذا يسرق المسؤولون في العالم العربي البلاد والعباد على طريقة «الفعط»؛ لأنهم لا يعرفون متى تنتهي مشمشية الفساد. فلا ينهي الطالب عندنا المرحلة الابتدائية إلا ويكون مديوناً بعدة آلاف لصناديق العالم ودوله العظمى، التي تحصل منا على فوائد ديون، أقـلّها قرارنا الوطني المستقل. بالتأكيد أعرف وتعرفون أننا من المؤسف مقارنة أنفسنا مع اليابانيين من الناحية الاقتصادية والأخلاقية أيضاً، وما بينهما من برازخ.، فهم يعيشون في منطقة بلا موارد طبيعية تذكر، ويتوزعون في منطقة تتعرض للزلازل كل يوم تقريباً، ومع ذلك، فقد استطاعوا أن يخرجوا من حرب مدمرة، ومن تحت ركام النووي الذي قصفتهم به أميركا، ليصنعوا ثاني اقتصاد في العالم. بالتأكيد لا يمكن مقارنتهم بنا، فالتلاميذ هناك يشاركون المدرسين يومياً في تنظيف المدرسة، ما خلق أجيالاً متواضعة وتحترم النظافة وتعتبرها واجباً وطنياً أخلاقياً لا يمكن المساس به. بالتأكيد لا نقارنهم بنا، فالمواطن الياباني الذي يذهب إلى المطعم يأخذ من الطعام بقدر حاجته دون زيادة أو نقصان، ولا يترك وراءه أطناناً من الطعام المرشح للزبالة، رغم ملايين الجائعين الهائمين في الشوارع. بالطبع لا نقارنهم بنا، فهم رغم أن مدخولهم الشهري أضعاف أضعاف مداخيلنا، وانشغالاتهم في العمل أكثر من انشغالاتنا بعشرات المرات، إلا أنهم يخدمون أنفسهم، ولا يجلبون الخادمات من سريلانكا والفلبين وغيرها. لا نقارنهم بنا؛ لأن التلاميذ منذ الصفوف الأولى يدرسون مادة تسمى «الطريق إلى الأخلاق»، يتعلمون فيها طرق التعامل مع الناس باحترام ومودة. طبعاً لا نقارنهم بنا فنحن: ? أصحاب الديانات السماوية. ? ونحن أصحاب البلدان الحبلى بالخيرات. ? ونحن.. أهل الألى والعلى. ? ونحن أبناء يعرب أعرب الناس لساناً وأنضر الناس عوداً. ? ونحن خير أمة.. من شك في قوله...... كفر. ? ونحن.. ونحن ونحن... من نحن....؟ يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©