الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عنــــاق الـــورد والسكّـــر

عنــــاق الـــورد والسكّـــر
27 يناير 2008 00:56
- الحسناء التي يفوح شذاها في قصائد الشعراء، ويملأ لونها البهي كتابات الأدباء، كإحدى أجمل عطاءات الطبيعة، لم يعد يقتصر وجودها على التمتع برونقها الأخاذ وعطرها النفاذ، فزهرة ''الورد البلدي'' التي عُرفت منذ فجر التاريخ بأنها مفيدة للجسد والروح معاً، تنعشهما وتبهجهما بلونها الوردي وشذاها العطري الجميل، واحتلت صدارة الأعشاب الطبية لما لها من فوائد واستخدامات مختلفة علاجية وتجميلية، تمّ حالياً تطوير استخداماتها، عبر طهي ثمرتها وتحويلها إلى مأكولات شهية، تعدها أياد ماهرة مباركة تمتهن طهي زهور الورد البلدي وتحويلها إلى عصير ومربى شهي المذاق· لم تعد أهمية زهرة الورد البلدي في بعض المدن العربية ''الطائف'' و ''المدينة المنورة'' و ''حلب'' و ''الدار البيضاء'' تقتصر على التمتع بمنظرها الجميل، وعبير عطرها الشذي، بل باتت بعد قِطافها ومرورها بعدة مراحل، إحدى أهم الحلويات· السيدة أم محمد، واحدة من عاشقات الورد البلدي، حدثتنا عن مهنتها قائلة: ''التعامل مع الورد البلدي وطهيه ليس أمراً سهلاً كما قد يبدو للوهلة الأولى، بل عمل صعب بعض الشيء، يحتاج إلى خبرة ودقة في مقادير المواد المستخدمة، فأي خلل في المقادير المضافة، سواء السكر أو الماء أو الليمون، قد يُفسد عشرات الكيلوغرامات من الورد البلدي، ويذهب التعب سدى''!· وتتجلى صعوبات المهنة في كونها موسمية، وتعلق أم محمد على ذلك قائلة: ''يعتمد رزقنا على فترة محددة من السنة بعد قطاف الزهور في شهر أيار لأن مذاق المربى أشهى وألذ حين يكون الورد ندياً طازجاً غير مجفف''· وعن تحضيره، تقول: ''نشتري الورد من المزارعين أو الباعة الجوالين، نقسمه إلى قسمين، نجفف الأول لمؤونة الشتاء، عبر نشره في مساحات واسعة نظيفة، ويُترك للشمس كي يجف، ثم نحفظه في أكياس من القطن، كي نحوّله في الشتاء إلى شراب ساخن، وإلى مربى وحلوى، أما القسم الثاني فنقوم بطهيه طازجاً، بعد تنقيته من بذوره وتنظيفه وغربلته، ومن ثم عجن أوراقه مع السكر وبعض الليمون وإضافته إلى الماء المغلي، ومتابعة مراحل تحضيره، إلى أن يصبح لدينا مربى الورد، بينما الماء المحلى الذي يتبقى من المزيج يصير شراباً يُضاف إليه الماء البارد وقطع الثلج في الصيف، أما الورد المجفف فيُغلى ويُشرب منقوعه شتاءً''· وتختم أم محمد كلامها بالقول: ''نبيع انتاجنا من المربى والعصائر إلى محلات شهيرة ببيع هذه المواد الغذائية، أو بحسب طلبات خاصة من ربات البيوت، وليست هناك فوارق كبيرة في مذاق مربى الورد بين المملكة العربية السعودية وسورية والمغرب، بخاصة إذا كانت طريقة التحضير واحدة''· تركت أم محمد غارقة في كائناتها الجميلة، تحولها إلى مادة غذائية شهية ومفيدة في آن معاً، بحيث يبدو الورد البلدي كأنه يقوم بنزهة بين أصابعها، لا يلبث أن يغطيها خلال العجن، فيحار المرء من يغطي الآخر: الورد أم الأصابع التي تصطبغ بلونه؟
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©