الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفورنت الهنغاري··· وأزمة المال العالمية

الفورنت الهنغاري··· وأزمة المال العالمية
21 أكتوبر 2008 02:16
بينما امتدت تداعيات الأزمة المالية إلى أوروبا خلال الأسابيع الأخيرة، وجدت هنغاريا، بشكل خاص، نفسها ضعيفة وغير محصنة نظرا لأن البلد - لذي كان وجهة مفضلة للمستثمرين في يوم من الأيام- مثقل بالديون؛ والأدهى هو أن الحكومة مولت جزءا لا بأس به من موجات الاستهلاك الماضية بقروض العملة الأجنبية التي تزداد غلاء في وقت تزداد فيه العملة الوطنية انخفاضا؛ بيد أن المواطنين الهنغاريين العاديين يعانون أيضا، وذلك لأنهم كانوا قد تقاطروا بأعداد كبيرة على البنوك خلال السنوات القليلة الماضية من أجل الحصول على قروض بالفرنك السويسري واليورو -قروض كانت رخيصة نسبيا في السابق - من أجل شراء منازلهم وسياراتهم· واليوم، وجدوا أنفسهم عرضة لارتفاع قيمة الدين· الواقع أن الحكومة اتخذت سلسلة من التدابير والخطوات الرامية إلى دعم موقع البلاد وسط مشكلة الائتمان التي نتجت عن الأزمة، كما تمكنت الأسبوع الماضي من حشد دعم صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي؛ غير أنه لا يسع المستهلكين الهنغاريين إلا الأمل في أن تستقر عملتهم الضعيفة ''الفورنت''؛ وفي هذا السياق تقول ''بوري بيند'' -البالغة 26 عاما والتي تمتلك هي وزوجها، ليس شقة واحدة وإنما شقتين ممولتين بقرضين عقاريين-: '' لا يستطيع المرء فعل أي شيء آخر''؛ وكان الزوجان قد اشتريا شقة أكبر جديدة وشرعا في البحث عن مشتر لشقتهما القديمة -شقة بغرفة نوم واحدة بجزء واعد من المدينة- حين ألمت الأزمة بأسواق الائتمان وأصابت المشترين بالخوف فعدلوا عن الشراء· أصبح الاقتراض بعملة أخرى، وهو مفهوم غريب بالنسبة لأغلبية الأميركيين من الطبقة الوسطى، أمرا بسيطا هنا في هنغاريا بساطة الذهاب إلى أقرب فرع بنكي والتقدم بطلب الحصول على قرض؛ كانت معدلات الفائدة أكثر انخفاضا، وكان ثمة خطر، ولكن فقط في حال تراجعت العملة الهنغارية مقارنة مع العملات الأخرى، وهو ما سيضطر معه المقترضون إلى دفع مبالغ أكبر لتسديد الأقساط الشهرية، ولكن هذه الإمكانية لم تثن 90 في المائة تقريبا من المقترضين هذا العام عن الحصول على قروض بالفرنك السويسري أو اليورو، حسب البنك المركزي؛ وبمجرد ما بدأت الأزمة، بدأ المستثمرون القلقون بشأن استقرار الاقتصاديات الأوروبية الشرقية يسحبون أموالهم من البلاد، ليتحول بذلك الخطر إلى حقيقة: فبدأ ''الفورنت'' في الانخفاض بحدة، متراجعا بـ10 في المائة مقابل اليورو وبـ13 في المائة مقابل الفرنك السويسري هذا الشهر· وعلى الرغم من أن هنغاريا ليست في وضع سيئ ومترد -على غرار ذاك الذي توجد فيه ايسلاندا، حيث سيطرت الحكومة على عدد من البنوك الكبرى- إلا أنها صُنفت كواحدة من بلدان أوروبا التي تعاني مشاكل بسبب ديونها، وثلثها تقريبا بعملات أجنبية؛ ونتيجة لتراجع الائتمان، تم خفض أهداف النمو وتقلص حجم الإنفاق العمومي، كما انخفض مؤشر سوق الأوراق المالية في هنغاريا، حيث سقط بما يقارب 40 في المائة· وبالنسبة للسيدة ''بيند'' وزوجها، فإن هذا الاضطراب الاقتصادي يعني إنفاق أكثر من 500 دولار في الشهر من أجل الاحتفاظ بشقة فارغة؛ ويمكن القول إن المفكرة الصغيرة التي في محفظة ''بيند توجز'' القصة بشكل جيد؛ ذلك أنها تضم ملاحظات ومعلومات دُونت على عجل حول ما كان في يوم من الأيام يمثل وابلا من المشترين المحتملين الذين كانوا يتصلون بشكل مكثف، ولكنها سرعان ما تحولت إلى صفحات بيضاء عندما توقفت الاتصالات والاستفسارات فجأة الأسبوع الماضي؛ وتقول بيند: ''إني أعمل بجد حقا، ولدي وظيفتان، وأستطيع بالتالي تحمل الأمر''؛ غير أنه في نوفمبر من المتوقع أن يتغير معدل صرف العملة بالنسبة للقرض العقاري الخاص بالشقة، حيث تعيش وزوجها ليعكس معدل القيمة النسبية لـ''الفورنت''، وذلك على غرار ما يحدث كل ستة أشهر· ويشرح ''أندراس سيمور'' -رئيس ''بنك هنغاريا الوطني'' (البنك المركزي)، في حوار معه بمكتبه هنا في بودابست- كيف أن البنك سعى جاهدا خلال فترة من الفترات إلى إبطاء وتقليل الاقتراض بالعملة الأجنبية ويقول: ''إذا اقترضت العملة الأجنبية، فإنك تركب أخطارا، ولكن الناس لم تكن واعية تمام الوعي بالأخطار الكامنة''؛ كما أشار ''سيمور'' إلى أن البنوك الهنغارية لم تكن تركب المخاطر على غرار ماكانت تفعله نظيراتها في الولايات المتحدة، حيث لا تشترط وثائق ثبوتية كثيرة مقابل منح القروض العقارية· غير أن بنوك هنغاريا كانت تتخذ القرارات بخصوص منح قروض بالعملة الأجنبية قبل أن تبدأ الأزمة الاقتصادية في ضرب أوروبا، وتثير أسئلة حول أوروبا الشرقية بصفة خاصة؛ فلئن كان بعض الخبراء يقولون إن بعض البلدان، مثل سلوفاكيا وجمهورية التشيك وبولندا، استغلت قروضها لتوسيع قدراتها التصديرية وتنافسيتها على المدى البعيد، فإن أخرى، وبخاصة دول البلطيق، استثمرت المزيد من قروضها في المنازل ومراكز التسوق· غير أن كل البلدان في المنطقة تقريبا تشعر بأنها معرضة للخطر نوعا ما وينتابها القلق من أن تقع ضحية لنفس المشاكل التي ألمت بهنغاريا وأوكرانيا المنخرطتين حاليا في محادثات مع صندوق النقد الدولي؛ وفي هذا الإطار يقول ''كريستوف روزنبورغ'' -رئيس مكتب صندوق النقد الدولي لأوروبا الوسطى والشرقية-: ''إذا ازداد هذا الأمر برمته سوءا، فلا مناص من تعرض مزيد من الأبرياء للضرر''· نيكولاس كوليش- هنغاريا ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز'
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©