الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الجلسة الثانية تناقش إخفاق الحداثة الغربية وصعود موجات التدين في أوروبا

الجلسة الثانية تناقش إخفاق الحداثة الغربية وصعود موجات التدين في أوروبا
21 أكتوبر 2008 03:02
سلطت الجلسة الثانية من منتدى الاتحاد السنوي ضمن محورها الأول، على ''إخفاق الحداثة الغربية وصعود موجات التدين في أوروبا''، حيث استهل د· حسن حنفي المحور، بالقول إن العصور الحديثة انقلبت على نفسها مائة وثمانين درجة، من النقيض إلى النقيض كما انقلبت هي على عصرها الوسيط من النقيض إلى النقيض، وعادت إلى عصر وسيط جديد· وانتهت قصة سبعمائة عام من التحرر بداية بالعودة إلى الآداب القديمة في القرن الرابع عشر إلى عصر الإصلاح الديني في القرن الخامس عشر إلى عصر النهضة في السادس عشر إلى العقلانية في السابع عشر إلى التنوير في الثامن عشر إلى الثورة الصناعية في التاسع عشر إلى أزمة القرن العشرين، حربان عالميتان طاحنتان في أقل من خمسين عاما· ويبدو أن دورة الحداثة الغربية قد اكتملت على مدى سبعة قرون لتبدأ دورة أخرى، العصر الوسيط الجديد· في حين تبدأ دورة الحداثة في حضارة أخرى مثل الحضارة العربية الإسلامية تحاول أن تغلق عصر الوسيط منذ قرنين من الزمان بعد أن مرت بالإصلاح الديني وبعصر الإحياء وتحاول الانتقال إلى النهضة الشاملة· من النقيض إلى النقيض بدأت الحداثة الأوروبية عنيفة نافية هدامة، من النقيض إلى النقيض في عصر الإحياء في الرابع عشر بدءا بإيثار الآداب القديمة اليونانية والرومانية على الآداب الوسيطة أوغسطين وبويثيوس· والأدب الوثني· برومثيوس يسرق النار من الآلهة· وأوليس وزيوس أفضل من الأدب المسيحي حول الأب والابن والروح القدس الذي أخذ وظائف الآلهة اليونانية وأعطاها لآلهة بني إسرائيل التي تقلل من قيمة الإنسان، تخيفه وترعبه، وتوعده بالعقاب والحرق في الجحيم· ثم بدأ الإصلاح عنيفا ضد الكنيسة والتوسط بين الإنسان والله واحتكار تفسير الكتاب المقدس لصالح حرية الفهم الذاتي، وضد صكوك الغفران لصالح التوبة الصادقة، وضد العصمة البابوية لصالح الخطيئة البشرية، وضد الشعائر والطقوس الخارجية · وأصبحت مبادئ الثورة الفرنسية، الحرية والإخاء والمساواة، انجيلا بديلا للغرب وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن وليس لحقوق الله· ثم جاءت الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر لتفجر العقل في الآلة، وتبدع الثورة التكنولوجية الأولى ثم الثانية· عرفت قوة البخار ثم الكهرباء ثم المغناطيسية ثم الإلكترونية· وأصبح الإنسان سيد الطبيعة· وآمن الغرب بالتقدم اللامحدود· وخلد ذلك في المعرض الصناعى الذي شيد من أجله برج ايفل· وانتصر الإنسان على كل شىء على الكنيسة وأرسطو وبطليموس· وانتقل الغرب من العصر الوسيط إلى العصر الحديث، رد فعل على الكنيسة، العقل ضد الإيمان، والعلم ضد الميتافيزيقا، والإنسان ضد الله، والتاريخ ضد العناية الإلهية· وفي إطار هذا الرد العنيف ألقى الغرب الطفل مع الماء في طقس العماد طبقا للتشبيه الشائع· ونقلت عنه الشعوب الأخرى، ومنها الشعب العربي، النموذج· وتحولت الحالة الخاصة إلى حالة عامة· وأصبح تقليد الغرب هو نموذج الحداثة وسبيل التقدم: العقلانية، العلمانية، العلمية، الإنسانية، الاشتراكية· وكلها ضد الدين· وكلما اشتد تغريب النخبة قويت محافظة الجماهير· وانشقت الأمة إلى فريقين، علمانيين وسلفيين، وكلاهما يتصارعان على السلطة إذا ما ضعــفت الدولة· الحداثة والدين :أي علاقة أما المحور الثاني من الجلسة الثانية، فتناول إخفاق الحداثة العربية وصعود موجات التديُّن في العالم العربي، وفيه يرى د·رضوان السيد عدم وجود رابط بين الإخفاق الحداثي، وصعود موجات التديُّن في العالم العربي· بل إنني أرى أنّ الحكم على العالم العربي بالإخفاق في بلوغ الحداثة، لا يجوز أن يؤخذ باعتباره مسلَّمةً تترتب عليها نتائج مثل الحكم الديكتاتوري مثلاً أو صعود موجات التديُّن· الترابط القائم أو المحتَمَل بين الإخفاق الحداثي وصعود الظاهرة الدينية· وإذا كانت مسألة الحداثة مُشْكِلةً من حيث الحكم على وجودِها أو عدمِه في العالَم العربي؛ فالذي لا شكَّ فيه أنه لا علاقةَ بين الحداثة وجوداً أو عدماً وبين التمسُّك بالدين أو عدم التمسُّك به، وبين صيرورة الظاهرة الدينية إلى تولّي أدوار اقتصادية وسياسية وثقافية· فهناك صعودٌ دينيٌّ كبـــير (ظاهرة الإنجيليين الجدُد) في المجتمـــع الأميركي، وهو مجتـــمعٌ لا يشكُ أحدٌ من التحديثيين العرب أو الغربيين أنه مجتمعٌ حديث· وهناك لا مبالاة دينية كبيرة وظاهرة في أوروبا الغربية التي ظهرت الحداثةُ فيها· ويعرف الكثيرون من الدارسين الاجتماعيين والاقتصاديين نظرية أو فَرَضـــية ماكس فيــــبر (1920) السوسيولوجي الألماني الكبير، والذي رأى وجود علاقة قوية بين الصعود البروتستانتي والصعود الحداثي الرأسمالي· وكنتُ قد تأثّرتُ في البدايات بالرؤى الحداثية الاستشراقية والتي ركّزت على ثُنائية الحداثة/ التقليد، باعتبارهما أمرين متضادَّين· ثم تنبهْتُ من خلال مقولة إرنست غلنر ( في كتابه : مجتمعٌ مسلم) إلى احتمال أن تكونَ الأصوليةُ الإسلامية إحدى ظواهر أو نتائج الحداثة في العالمين العربي والإسلامي
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©