الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القهـوة العربية حسناء عمـرها مئات الأعوام يفوح عبقها في المجالس

القهـوة العربية حسناء عمـرها مئات الأعوام يفوح عبقها في المجالس
22 أكتوبر 2008 01:18
- يفوح أريج القهوة العربية في البوادي منذ مئات السنين، فقد ارتبط بها سكّان البادية ارتباطا كبيراً بحيث شكّلت أبرز علامات الضيافة والكرم الأصيل لدى الأجداد، وعكست حسن الاستقبال والضيافة عندهم عبر تقديمها مع عبارات الترحيب ومشاعر المودة· يشير العلامة أبو بكر بن أبي يزيد، إلى زمن انتشار القهوة ''ظهرت في أراضي اليمن قبل مئات السنين، في ما بعد انتقلت خلال الحكم العثماني عبر الحجاج والتجار خلال رحلاتهم، فانتشرت في البلاد العربية''· بينما يذكر كتاب ''أحوال البادية'' لمؤلفه فضل الراوي ''أنّ القهوة مشتقة من الإقهاء بمعنى ''الإقعاد''، وأن اسمها الأجنبي مأخوذ من caffa اسم قرية في الحبشة، كانت أشجار البن تنبت فيها· استكملت القهوة رحلتها عبر الزمن، ففي عصرنا لا يكاد يخلو منها بيت إماراتي أو عربي، لتشكّل بذلك مقياساً لكرم المضيف، وعنواناً للألفة في المجالس، إذ تحرص على تقديمها البيوت والمؤسسات والفنادق ومعظم مرافق الدولة· يقول أبو محمد من قسم الضيافة في ''نادي تراث الإمارات'': ''أنتقي من السوق الشعبي أجود أنواع القهوة المستوردة من اليمن أو الهند (البرية واليافعية والعدنية والخولانية والهرري والحبشية) وأختار المنكهات والمطيّبات (الهيل والزعفران والزنجبيل والقرنفل والشمطري وبهار العويدي والعنبر والزباد) لتمنح القهوة نكهة مميزة ورائحة عطرة زكية''· يشدو أبو محمد ببيت من الشعر: ''مع زعفران والشمطري الى انساق···· ريحه مع العنبر على الطاق مطبوق'' ويضيف: ''أعدّ القهوة وفق عدة مراحل، بداية من إشعال الحطب قبالة المجلس أو الخيمة، وجلب الأدوات المستخدمة في إعدادها ''المعاميل'' وهي: المحماس، المبرادة، النجر أو المهباش، المنفاخ، الليف، البق، دلال متفاوتة الأحجام، فناجين·· بينما تبدأ طريقة الإعداد بوضع المحماس على النار وفيه القهوة، وتُحرك حتى تصبح شقراء، ثم تُبرد بـ''المبرادة'' عدة دقائق قبل طحنها في ''النجر'' وصبها في الماء لتغلي· بعد ذلك يُطحن الهيل وبعض المطيبات وتوضع في ''المبهارة'' لتضاف فوق ''الدلة'' وتترك تغلي قليلاً، بعدها تصفى بمصفاة ناعمة، وتنقل من دلة إلى دلة للتأكد من لزوجتها، وخلال ذلك تضاف إليها باقي الطيبات، وتُوضع بعد أن تجهز على مجمر المنقل الموجود في المجلس أو الخيمة الشعبية''· إلى ذلك فإن للقهوة العربية آداباً وأصولا تجب مراعاتها خلال تقديمها للضيوف·· يقول أبو بخيت، ممسكاً بيسراه دلة القهوة ليصبّ منها في فنجان يقدمّه بيده اليمنى: ''تقتضي الأصول والعادات أن تدور فناجين القهوة على جميع الجالسين، فيُصبّ الفنجان ويقدم باليد اليمنى، ويتناوله الضيف باليمنى كذلك، وعندما ينتهي من شرب القهوة يهزّ الفنجان إشارة إلى الكفاية والشكر، ولا يجوز أن يغادر أحدهم المجلس في حالة الضيافة ودوران الفناجين''· ويضيف موضحاً المزيد من آداب تقديم القهوة:''يبدأ تقديم الفناجين أولاً إلى الشيخ أو كبير القبيلة أو الضيف الكبير، وإذا كان والد ساقي القهوة موجوداً في المجلس، يتوجه نحوه ويقدم له القهوة، بينما يشير والده بيده ليقدم القهوة إلى الضيف أولاً· كذلك يجب أن يدور الساقي بفناجينه من اليمين إلى اليسار، وأن يكون مقدار القهوة في الفنجان أقل من النصف تقريباً، فأي خلل في هذا المعيار يشكّل إساءة تجاه الضيف''· وللقهوة العربية دلالات أيضاً معروفة في البادية تتصل بأسماء ومعاني الفناجين -قديماً- إذ يلفت أبو بخيت إلى أن ''أول فنجان يُصب في المجلس يسمى ''الهيف'' يحتسيه المضيف ليختبر جودة وصلاحية القهوة قبل تقديمها· ويسمى الفنجان الثاني ''الضيف'' ولا يمكن للضيف رفضه إلاّ في حالة العداوة أو وجود طلب له، فلا يشربه إلا بعد وعد من المضيف بالتلبية· أما الفنجان الثالث فيسمى ''الكيف'' ويقدم للضيف لتعديل مزاجه وإكرامه· في حين أن فنجان ''السيف'' هو إعلان من الضيف للمضيف -والعكس صحيح- بالاتحاد معاً في السراء والضراء
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©