السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سهام قورة: تقدم الشعوب يقاس بمقدرتها على الحفاظ على بيئة سليمة ونظيفة

سهام قورة: تقدم الشعوب يقاس بمقدرتها على الحفاظ على بيئة سليمة ونظيفة
7 مايو 2011 19:25
الإنسان الذي حمل الأمانة، كثيراً ما فرط وقصر فيها، فعاد عليه ذلك بالضرر البالغ، فقد خلق الله له الماء والهواء ويسر له سبل الغذاء وأمره بالصحة والعافية، وجعل كل ذلك أمانة في عنقه، فإن حافظ عليها حفظ حياته سليمة وصحته قوية، وإن فرط فيها أصابته وأحاطت به الأخطار والأضرار، وحياة الإنسان منذ أن هبط على الأرض ترتبط بالبيئة التي وجد فيها، كما ارتبط تطوره العقلي والحضاري بارتقاء استغلاله لشتى إمكاناتها وطاقاتها. جاء اهتمام الإنسان بالزراعة في المقام الأول ليضمن لنفسه احتياجاته الغذائية، وكانت هذه المرحلة داعمة لقدراته العقلية فيما يختص بدراسة الأحوال الطبيعية، والظواهر البيئية التي قادته في النهاية إلى مرحلة الزراعة والاستقرار، ثم دخل الإنسان المرحلة التالية وهي المرحلة المستمرة حالياً، وهي مرحلة التصنيع، ومن أجل أن نعلم ماذا يتوقع العلماء عن مصير الإنسان في الخليج والجزيرة العربية وفي العالم أيضاً. غازات ونفايات تقول الدكتورة سهام عبد الواحد قورة أستاذ مادة العلم والحياة بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا، إن الصناعات نتجت عنها غازات ونفايات، يتعذر على البيئة استيعابها، فأصبحت هناك خطورة كبيرة على مستقبل البشرية، فتعالت الأصوات تنادي بحماية البيئة، فقضية حماية البيئة أصبحت التحدي الرئيسي لحياة الإنسان وبقائه، كما تمثل نوعاً من الحفاظ على حق الإنسان في الحياة، فالبيئة هي الإطار الذي يمارس فيه الإنسان حياته وأنشطته المختلفة، ولأن الإنسان هو الغاية من كل تنمية وتطوير، فمن حقه أن يعيش في بيئة سليمة ونظيفة. وتضيف قورة “أصبحت قضية البيئة وحمايتها والمحافظة عليها من مختلف أنواع التلوث، واحدة من أهم قضايا العصر وبعداً رئيسياً من أبعاد التحديات التي تواجهها البلاد النامية، خاصة في التخطيط للتنمية الشاملة في ضوء التجارب التي خاضتها البلاد المتقدمة، والمشاكل البيئية المعقدة التي تحاول أن تجد لها الحلول الممكنة، قبل أن تقضي تراكمات التلوث على إمكان العلاج الناجح، ولم تعد اعتبارات التنمية رغم أهميتها البالغة عذراً لتجاهل المحافظة على البيئة أو اتخاذ التدابير الفعالة لمكافحة التلوث، فالقضية هي قضية البقاء ونوعية الحياة التي يحياها الإنسان لكي تستمر. وتوضح قورة أن أهداف التنمية والمحافظة على البيئة وحدة متكاملة، لأن الهدف في النهاية واحد، وهو تحسين مستوى معيشة الإنسان كماً وكيفاً، وقد أطلق كثير من الباحثين لفظ الإدارة البيئية على عملية المحافظة على البيئة وتنمية مواردها، وعادة تعتمد الإدارة البيئية على التشريع، وبقدر ما يكون التشريع نابعاً من عقيدة الأمة يكون أكثر فاعلية وجدوى. الواقع أن الاهتمام بحماية البيئة جاء متأخراً إلى حد كبير، بعد أن تعرضت البيئة لتخريب واسع الأبعاد لعناصرها كافة، كما أن التنبؤات بالتغيرات التي سوف تحدث مستقبلاً في البيئة مخيفة جدا، فالمؤكد أن كل الأمم ستعاني من اختفاء الغابات المطيرة في المناطق الإستوائية، وفقدان أنواع من النبات والحيوان والتغيرات التي تحدث في أنماط هطول الأمطار، كما ستواجه البلدان النامية تحديات التصحر وزوال الغابات والتلوث، وتواجه البلدان الصناعية تحديات التلوث بالمادة الكيماوية والنفايات السامة والمطر الحمضي. وضع حد للتصحر وتكمل الدكتورة سهام أن الإنسان حالياً يعيش مواسم جفاف حادة، تهدد دولاً كثيرة في العالم وآخرها الصومال، الذي يعاني الجفاف غير المسبوق منذ عشر سنوات، وما حل قبلها في مساحات من القرن الأفريقي ومناطق واسعة من الصين وغيرها، وكثر الحديث عن التغير المناخي، مثلما حدث من ثلوج في مناطق بالمملكة العربية السعودية وفيضانات في عُمان، وعواصف رعدية في دول الخليج، وقد حذرت الأمم المتحدة من أن الوطن العربي، سيكون من أكثر المناطق تأثراً بالتغير المناخي، رغم إسهامه المتواضع نسبياً في إطلاق الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وحقيقة الأمر فإن التحدي الذي نواجهه هو كيفية التعامل مع هذه القضية. والحديث عن سبل المساهمة في وقف التصحر في العالم العربي، أصبح مطلباً حيوياً، ولعل الحل يكمن من خلال ممارسات عملية ولو صغيرة، ويمكن أن تفتح ما يشبه نافذة أمل للتغيير نحو الأفضل، حيث أكدت قورة أنها رأت بعينها نماذج صالحة للتطبيق وليست خيالية، حيث يمكن أن تساهم في وضع حد للتصحر، حيث تحولت المناطق المحيطة للمنازل من أراض صخرية قاحلة إلى حدائق خضراء، وأصبحت تتساءل لو كان بإمكان كل أسرة تحويل الأرض المحيطة بمنزلها إلى حديقة خضراء، فهل سيؤدي ذلك إلى وقف التصحر ولو بنسبة قليلة، وتعتبر الأمر ليس مستحيلاً، ولكنه يحتاج إلى أناس يحبون البيئة ويسعون إلى إصلاحها. وتقول “على مستوى الدولة، فالحل جاري العمل به لإيقاف التصحر، وذلك عن طريق دفن المخلفات العضوية، مثل مخلفات مصانع التغذية وغيرها من المخلفات العضوية في باطن الأرض، حيث تقوم الديدان الموجودة داخل الأرض بدور مهم، في تحويل المخلفات العضوية إلى سماد عضوي بجودة عالية، تحت ظروف ملائمة من الرطوبة والحرارة والتهوية”. وعي بيئي فقد وجد أن سماد الديدان ذو كفاءة عالية وخالٍ من بذور الحشائش ومفكك وخفيف الوزن، ويمكن استخدامه كتربة صناعية في المشاتل، كما أن العملية ذاتها غير ملوثة للبيئة واقتصادية وغير مستهلكة للطاقة، أو عن طريق إعادة تدوير المخلفات الحيوية، وتتمثل المخلفات الحيوية في بقايا الأطعمة ونواتج تقليم الأشجار والحقول، ويعاد تدوير تلك المخلفات في وحدات تصنيع السماد العضوي، لإنتاج مواد ذات قيمة سمادية عالية، ثم تدفن تلك المواد في التربة الصحراوية وتروى بالماء، وبذلك تتحول إلى تربة خصبة صالحة للزراعة. وتوضح “الحل ليس صعباً والبداية دائماً متواضعة ثم تكبر، ولكن على الإنسان أن يبدأ بتطوير وعيه البيئي، فلا نسمح لأحد بتدمير البيئة من أجل مردود أوعائد اقتصادي، لأن البيئة ليست ملكاً لأحد أو شركة أو مؤسسة، فهي للجميع، ويعد الوعي البيئي عملية إعداد الإنسان للتفاعل الناجح مع الكون بما يشمله من موارد مختلفة، ويتطلب هذا الإعداد إكساب المعارف البيئية التي تساعده على فهم العلاقات المتبادلة بين الإنسان وعناصر بيئته من جهة، وبين العناصر وبعضها البعض من جهة أخرى”. كما تتطلب العملية تنمية مهارات الإنسان التي تمكنه من المساهمة في تطوير ظروف البيئة على نحو أفضل، وتستلزم التربية البيئية أيضاً تنمية الاتجاهات والقيم التي تحكم سلوك الإنسان، إزاء بيئته وإثارة ميوله واهتماماته نحو هذه البيئة، وإكساب أوجه التقدير لأهمية العمل على صيانتها والمحافظة عليها وتنمية مواردها. وتؤكد الدكتورة سهام أن نجاح الأمم وتقدم الشعوب وصونها لحضارتها، يقاس بمقدرتها علي الحفاظ على بيئة سليمة ونظيفة، حيث يقول عالم البيئة زمرمان إن مصادر الثروة تتكون كنتاج للتفاعل بين الإنسان وعناصر البيئة التي يعيش فيها، فالمحاصيل الزراعية هي نتاج التفاعل بين الإنسان وبين التربة، ولا يكون حقل البترول ثروة إلا عندما يكتشفه الإنسان.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©