الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تضخيم الادعاءات... قصة تحذيرية من العراق

3 مايو 2013 23:16
بينما كان أوباما في تكساس من أجل افتتاح مكتبة بوش الابن إلى جانب أربعة رؤساء أميركيين سابقين، كتب مدير الشؤون القانونية في البيت الأبيض «ميجيل رودريجيز» إلى عضوي مجلس الشيوخ «كارل لويس» و«جون ماكين» يقول إن أجهزة الاستخبارات الأميركية تقدر «بنوع من الثقة المتفاوتة أن النظام السوري استعمل أسلحة كيماوية على نطاق صغير في سوريا، خاصة غاز السارين». وتوضح الرسالة أن هذا التقدير مبني جزئياً على «عينات فسيولوجية»، بمعنى خلايا أو عينات جلدية، بينما قال آخرون إن عينات من التراب استُعملت أيضاً. وخلال إيجاز قدم للصحفيين في البيت الأبيض حول خلفية الرسالة، ظهر أنه من الواضح أن العراق كان حاضراً في ذهن مسؤول كبير، عندما قال: «بالنظر إلى تاريخنا مع التقديرات الاستخباراتية، ومن ذلك التقديرات الاستخباراتية بشأن أسلحة الدمار الشامل، من المهم أن نكون قادرين على تقديم دليل يكون دامغاً». وخلافاً لبوش ومستشاريه، الذي أخذوا كل معلومة استخباراتية لتضخيم الادعاءات بأن صدام كان يمتلك أسلحة دمار شامل، يتوخى أوباما وفريقه قدراً كبيراً من الحذر والحيطة. ففي اليوم التالي لعودته من تكساس، قال أوباما إن التقييمات الحالية أولية، ومبنية على المعلومات الاستخباراتية التي جمعت حتى الآن، والتي لدينا فيها «درجات متفاوتة من الثقة بشأن الاستعمال الحقيقي». وأضاف قائلاً: «وهناك عدد من الأسئلة حول كيف ومتى وأين قد تكون هذه الأسلحة مخبأة. ولذلك، فإننا سنتبع تحقيقاً دقيقاً جداً»، إلى جانب آخرين في المنطقة والأمم المتحدة. والآن، لنعد بذاكرتنا إلى السابع من أكتوبر 2002. فقبل ثلاثة أيام من تصويت مجلسي النواب والشيوخ على قرار يرخص لبوش استعمال القوة في حال رفض العراق التخلي عن أسلحته للدمار الشامل- التي لم يكن يمتلكها- ألقى بوش خطاباً متلفزاً يتحدث عن «تهديد خطير للسلام، وتصميم أميركا على قيادة العالم في مواجهة ذلك التهديد». وبعد أن أشار إلى هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، قال بوش: «إننا متفقون على أنه يجب ألا يُسمح للديكتاتور العراقي بتهديد أميركا والعالم بواسطة سموم وأمراض وغازات فظيعة وأسلحة ذرية»، مضيفاً أن صور المراقبة كشفت عن أن العراقيين «يقومون بإعادة بناء منشآت استعملوها من قبل لإنتاج أسلحة كيماوية وبيولوجية». وقال بوش أيضاً إن العراق «لديه أسطول متزايد من المركبات الجوية المأهولة وغير المأهولة التي يمكن استعمالها لنشر أسلحة كيماوية وبيولوجية» وإنه «بصدد بحث طرق استعمال مركبات جوية غير مأهولة لمهمات تستهدف الولايات المتحدة». ثم أضاف يقول: «إن العراق والقاعدة تدور بينهما اتصالات رفيعة المستوى تعود إلى عقد من الزمن» وإن الولايات المتحدة «علمت أن العراق قام بتدريب أعضاء في القاعدة على صنع القنابل والسموم والغازات المميتة». وقال أيضا إن العراق «يستطيع أن يقرر في أي يوم تزويد منظمة إرهابية أو أفراد إرهابيي بسلاح بيولوجي أو كيماوي... الأمر الذي يمكن أن يسمح للنظام العراقي بمهاجمة أميركا من دون ترك أي بصمات». ثم إن «الأدلة تشير إلى أن العراق أخذ يعيد تشكيل برنامجه للأسلحة النووية». ولكن كيف عرف بوش ذلك؟ صور الأقمار الصناعية كشفت أن «العراق يقوم بإعادة بناء منشآت في مواقع كانت جزءاً من برنامجه النووي في الماضي». ثمة هناك محاولة «شراء أنابيب ألمونيوم ذات قوة عالية «تستعمل للمساعدة على تخصيب اليورانيوم. وأخيراً، هناك الشعار الذي نتذكره جميعاً: «أمام أدلة واضحة على الخطر، لا يمكننا انتظار الدليل النهائي، الذي قد يأتي على شكل «سحابة فطر» ( أي انفجار نووي)». بوش لم يكن لديه «دليل واضح على الخطر». ولكن القرار مرر في كلا المجلسين؛ وبعد ذلك بأربعة أشهر، غزا الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة العراق مستعملاً القرار كأساس قانوني لتحركه. إن الدرس ينبغي أن يكون واضحاً: فالادعاءات حول استعمال أسلحة كيماوية في سوريا يجب التحقق منها جيداً. غير أن شيئاً ما حدث في التاسع عشر من مارس الماضي في «خان العسل»، وهي قرية بالقرب من مدينة حلب الواقعة شمال البلاد، حيث تتبادل الحكومة السورية والثوار تهمة باستعمال الأسلحة الكيماوية في الحرب. كما أن هناك تقريراً لمسؤولين بريطانيين يفيد بأن جنوداً سوريين قد يكون سقطوا ضحايا، إما قذيفة ذهبت إلى الهدف الخطأ، أو محاولة من حكومة الأسد لتوريط الثوار وإلصاق التهمة بهم. وفي الأثناء، تتوافر الأمم المتحدة على فريق خاص للتحقيقات يتكون من 15 شخصاً، ويرأسه العالم السويدي آكي سيلستروم. وينتظر هذا الفريق في قبرص إرساله إلى سوريا متى أعطته دمشق موافقتها على ذلك، ولكن النظام حتى الآن يقول إن الفريق يمكنه الذهاب إلى خان العسل فقط. والحال أن التأخير يعيق التحقيق؛ ذلك أن عينات البول مفيدة خلال الأيام القليلة الأولى، وبالمقابل، فإن الدم لديه «فترة صلاحية» أطول. كما أن التكنولوجيا المتطورة تستطيع البحث عن مواد كيماوية في الحمض النووي للأشخاص وفي التراب – والتي يمكن أن تكون موجودة لأسابيع. ومع ذلك، فإن الآثار لن تخبر المحققين بالفاعل. ولكن السؤال الأصعب هو: ماذا سيفعل أوباما إذا وُجد دليل «دامغ» يثبت تورط نظام الأسد؟ الواقع أنه إذا كانت تجربة بوش تقدم أي درس، فهو عدم الثقة في غريزة الرئيس بخصوص إصدار أمر بتحرك عسكري، خاصة إذا كان ذلك الرئيس لم يسبق له أن شارك في حرب. والتر بينكس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©