الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أضواء على رحلة المعـراج

أضواء على رحلة المعـراج
15 يوليو 2010 20:26
يقول الله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى* ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى* وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى* ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى* فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى* مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى* أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى* وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى* عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى* إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى* مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى* لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} (سورة النجم ، الآيات1-18). سورة النّجم مكيّة، وهي تتناول أهداف السور المكية، العقيدة بموضوعاتها الرئيسة (الوحدانية، الرسالة، البعث والنشور). وقد روي عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: أول سورة أنزلت فيها سجدة (والنجم)، قال: (فسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسجد من خلفه، إلا رجلاً رأيته أخذ كفاً من تراب، فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافراً، وهو أمية بن خلف) (أخرجه البخاري). كما روي عن ابن عمر ـ رضي الله عنهماـ قال: (صلّى بنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقرأ النجم، فسجد بنا فأطال السجود) (أخرجه البيهقي). إنَّ حادثة الإسراء والمعراج من المعجزات، والمعجزات جزء من العقيدة الإسلامية، فارتباط المسلمين بهذه البلاد هو ارتباط عقديٌّ، وليس ارتباطاً انفعالياً عابراً، ولا موسمياً مؤقتاً. والإسراء كان رحلة أرضية من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بالقدس، حيث تحدثنا في المقال السابق عن رحلة الإسراء، أما المعراج الذي نتحدث عنه اليوم فكان رحلة سماوية من المسجد الأقصى المبارك إلى ما بعد سدرة المنتهى، حيث لا يعلم مدى ذلك إلا الله سبحانه وتعالى، حتى وصل عليه الصلاة والسلام إلى مرحلة كان فيها وحيداً دون جبريل أمين وحي السماء عليه السلام، فنظر عليه الصلاة والسلام فلم يجد جبريل عليه السلام، فقال: أفي هذا المكان يترك الحبيب حبيبه؟! فقال جبريل عليه السلام للرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (أنت إن تقدمت اخترقت، وأنا إن تقدمت احترقت). إنَّ حادثة المعراج ثابتة في كتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم -، فالآيات الأولى من سورة النَّجم والتي ذكرناها آنفاً تبيِّن ذلك، كما ورد ذكر المعراج في الصحيحين. إنَّ الله أيَّد نبيَّنا ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالمعجزات فشقَّ له القمر، وأسال الماء من بين أصابعه الشريفة، وألان له الحجر، وحن إليه جذع النخلة، وأكرمه بمعجزة الإسراء والمعراج، وأراه في ليلة الإسراء والمعراج بعض آياته الكبرى، أوحى إليه ما أوحى، وقد رأى عليه الصلاة والسلام مشاهد من أهل الجنَّة ومشاهد أخرى من أهل النّار، للترغيب في عمل الخير، والتحذير من عمل الشّر فمن المشاهد التي شاهدها: رأى رسولنا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليلة الإسراء والمعراج قوماً تضرب رؤسهم بالحجارة فتتفتت، ثم تعود كما كانت وتضرب مرة أخرى، فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال هؤلاء قوم تكاسلوا عن الصلاة المكتوبة، وما ظلمهم الله، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. إنّ للصّلاة في الإسلام منزلة عظيمة، فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم -: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) (أخرجه الحاكم)، وهي أول ما يحاسب عليه العبد، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله؛ وإن فسدت فسد سائر عمله) (ذكره السيوطي في الجامع الصغير 1/112)، وهي آخر وصيّة وصّى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عند مفارقته الدنيا: (الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم) (أخرجه أحمد بن حنبل). - ورأى قوماً أمامهم قدور فيها لحم نضيج شهي طيب؛ وقدور أخرى فيها لحم نيّئ خبيث، فيتركون الطيب؛ ويأكلون الخبيث، وقال له: هؤلاء هم الزناة. الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان، فعندما يحرم أمراً فهو يوجد البديل، لقد حرم الإسلام الزنى وأوجد البديل وهو الزواج، وحرم الربا وأوجد البديل وهو التجارة، فالزواج هو الطريق الشَّرعي لتكوين الأسرة المسلمة ولحفظ النّسل، وصيانة المجتمع من الرذيلة، والزنى سبب للهلاك في الدنيا والآخرة، لذلك لم يحرِّم الإسلام الزنى فقط، بل حرّم كل منافذه من خلوة، ونظر، ومجون، وغير ذلك، صيانة لأعراض الأمة، وحفاظاً على المجتمع الإسلامي من انتشار الرذيلة. - ورأى قوماً يزرعون في يوم ويحصدون في يوم، كلما حصدوا عاد الزرع كما كان، فقال له جبريل: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنات بسبعمائة ضعف. للشهداء مكانة خاصة، وقد بيَّن الفقه الإسلامي أنَّ الشهيد أرفع النّاس درجة بعد الأنبياء والصديقين، (جاء رجل إلى الصلاة والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلي، فقال حين انتهى إلى الصف: اللهم آتني أفضل ما تؤتي عبادك الصالحين، فقال: لمّا قضى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصلاة قال: من المتكلم آنفاً؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: “إذاً يُعْقَرُ جوادك وتُستشهد”)(أخرجه الحاكم). هذا أفضل ما يؤتيه الله عبداً صالحاً، أن يُقتل في سبيله، فالشّهادة إذاً مكانة خاصة لأناس يريد الله أن يرفع درجتهم، والشهيد سمي بذلك لأن الملائكة الكرام يشهدون موته فهو مشهود. - ورأى رجلاً ممسكاً بساق العرش وهو منغمس في النور، فقال لجبريل: أهذا نبي؟ قال: لا، قال: أهذا ولي؟ قال: لا، قال فمن يكون؟ قال: هذا رجل كان لسانه رطباً بذكر الله. ما أجمل المؤمن إذا كان محباً في الله! معطياً في الله! مانعاً في الله، مبغضاً في الله! إذا أعطي شكر! وإذ منع صبر! وإذا ظلم غفر! وإذا أساء استغفر!. هذه بعض المشاهد التي رآها الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رحلته الميمونة، فيها العبر والعظات لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وفيها بيان لقدرة الله عز وجل القوي العزيز، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. فعلينا أن نعود إلى ديننا مصدر عزتنا وكرامتنا، وعلينا أن نعتمد على ربنا، فلا نتوكل إلا عليه، ولا نستعين إلا به، وعلينا أن نستعد لاستقبال شهر رمضان المبارك بالتوبة الصادقة، بالإقلاع عن المعاصي والندم على ما فات، وعقد العزم على عدم العودة، ورد الحقوق لأصحابها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©