تكامل التقنيات المتطوّرة وإطلاق أول قمر صناعي لأبوظبي

عندما يصل أول قمر صناعي لأبوظبي متعدد الاستخدامات إلى مداره في الفضاء على بعد 36 ألف كيلومتر عن كوكب الأرض، فلابد لنا هنا من وقفة تأمّل في الدلالات الكامنة وراء تحقيق هذا الانجاز المهم، وفي انعكاساته الإيجابية العديدة على دولة الإمارات بشكل عام وعلى إمارة أبوظبي بشكل خاص. شكّلت لحظة انطلاق الصاروخ «إريان 5» وعلى متنه قمر الياه سات Y1A إلى مداره حول الأرض، خطوة كبيرة ومميّزة لنا جميعاً نحو الانتقال لمستويات أعلى من تبنّي وتطبيق أحدث التكنولوجيات العالمية، وتحقيق رؤية أبوظبي 2030. ونعلم جميعاً التوجّه الراسخ لدى حكومة إمارة أبوظبي بتنويع مصادر الاقتصاد الوطني للإمارة، لبناء منظومة اقتصادية متكاملة ومتنوّعة مستقبلاً في مجموعة من القطاعات الصناعية الحيوية وقطاعات التكنولوجيا المتطوّرة. ولذلك، فإن إنجاز أبوظبي بإطلاق أولى أقمارها الصناعية من شركة الياه سات، هو دلالة واضحة على نهج الإمارة المتميّز في تشجيع بناء اقتصاد مستدام ومتنوّع مبني على الإبداع والابتكار وتبني أفضل وأنجح الممارسات العالمية. ونجاح شركة الياه سات، وجميع الشركات الإماراتية الرائدة، ما هو إلى حلقة واحدة ضمن سلسلة من النجاحات الإماراتية القادمة، التي ستسهم بلا شك في تعزيز مكانة أبوظبي على الساحة العالمية. وإلى جانب الجهود التي تقوم بها عدة مؤسسات وشركات وطنية رائدة، فإن الدور الذي تلعبه شركة استثمار التكنولوجيا المتطورة «آتيك» وشركة الياه سات والشركات التابعة لشركة مبادلة للتنمية، يعد توجّه واضحا وغاية منشودة لتحقيق هذا الهدف. ولا بد أن نؤكّد أن تمكين الكوادر الوطنية، والتصميم والتخطيط الإبداعي المدروس، واتباع رؤية متميّزة تنسجم مع رؤية حكومتنا الرشيدة، قد أسهم بشكل كبير في صياغة برنامج الياه سات، إضافة إلى رسم المعالم الأساسية لإستراتيجية شركة استثمار التكنولوجيا المتطورة «أتيك»، من أجل تطوير قطاع حيوي متكامل في أشباه الموصّلات ضمن إمارة أبوظبي، لتدعم بدورها استراتيجية طويلة المدى ذات أهداف طموحة، لتأسيس اقتصاد قوي ومستدام في مجال قطاع التكنولوجيا المتطورة. ومما لاشك فيه أن المعرفة هي حجر الزاوية الذي يجب أن ترتكز عليه رؤيتنا الاقتصادية، لذا كان لزاماً علينا تحقيق هدفنا عبر العمل على تطوير وتأهيل كوادر وطنية تتمتع بالمعرفة والحافز والمهارات المتميزة، حتى تتمكن من تحمل مسؤولياتها وواجباتها باتجاه تحقيق رؤية أبوظبي. واستدعت عمليات التحضير لإطلاق قمر الياه سات، العمل المتواصل على مدار خمس سنوات قضيناها معاً في إنجاز عمليات التخطيط والتوعية المدروسة بغرض إيجاد وتهيئة كوادر إماراتية تكون قادرة على خوض هذا المجال التخصصي الحديث بكل اقتدار ونجاح. وجاءت النتائج كما هو مخطط له ضمن هذه الرؤية طويلة المدى، فالمحطة الأرضية في منطقة الفلاح والتي ستتولى مهام عمليات التحكم بالقمر الصناعي في نهاية هذا الشهر ستكون بقيادة مهندسين إماراتيين، الأمر الذي نعتبره خطوة مهمة لشركة الياه سات على طريق تحقيق رؤية أبوظبي 2030. وتعمل «آتيك» على إطلاق مبادرة كبرى تستهدف تنمية قطاع التكنولوجيا وصناعة أشباه الموصّلات في الدولة. وتسعى الشركة لتأسيس منشأة تصنيع أشباه الموصّلات في أبوظبي (فاب 9)، والتي تعد الأولى من نوعها في الدولة والمنطقة، وذلك بالتعاون مع شركة «جلوبل فاوندريز» العالمية التي تمتلك أتيك معظم أسهمها. وتعتبر الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصّلات القوة المحركة لحياتنا المعاصرة فهي تلعب دوراً أساسياً في جميع الصناعات الحديثة وتتواجد تقريباً في كل شيء من حولنا، ولذلك فإن المهندسين والتقنيين الإماراتيين الذين سيشغلون مواقعهم هذه المنشأة الجديدة، سيشكلون أيضاً ركناً أساسياً في بناء المستقبل التقني لإمارة أبوظبي. وتتبع «آتيك» إستراتيجية مميّزة، لتأهيل وتدريب الكوادر الإماراتية، من خلال تطوير برامج تدريب متخصصة، وعقد شراكات مع أبرز المؤسسات والمعاهد التعليمية المتخصصة داخل وخارج الدولة، وبناء علاقات شراكة مع أبرز المؤسسات التعليمية المحلية والعالمية، والمؤسسات الحكومية المعنية، بهدف بناء القواعد الضرورية لتطوير برامج تدريب متكاملة ومناهج دراسية متخصصة، تسهم في تحقيق رؤية شركة «آتيك» بإعداد جيل من الشباب والفتيات الإماراتيين القادرين على إدارة وتشغيل منشأة تصنيع أشباه الموصلات في أبوظبي (فاب 9)، وقيادة نمو وازدهار قطاع التقنية والتكنولوجيا في الدولة مستقبلاً. ونحن بصفتنا شركة وطنية رائدة تسهم في بناء وتنويع مصادر الاقتصاد الوطني، فإننا سنسعى في المرحلة القادمة للعمل على تحقيق تنافسية فاعلة على مستوى السوق العالمي، بما يحقق ويتجاوز معايير الإبداع والخبرة التقنية العالمية، وذلك طبعاً دون إغفال مرحلة تعزيز وباء قدرات وكفاءات الكوادر الإماراتية لضمان تلبيتها لاحتياجات ومتطلبات المرحلة القادمة. وتنعكس متطلبات المرحلة القادمة على شركة الياه سات، في مواصلة استخدام واستحداث تقنيات جديدة للأقمار الصناعية، بغرض تلبية احتياجات السوق الإقليمية الواسعة، واستمرار العمل على تأهيل شباب الوطن القادرين على تشغيل وإدارة الأقمار الصناعية الإماراتية. أما فيما يتعلق بشركة استثمار التكنولوجيا المتطورة «أتيك»، فإن المرحلة القادمة ستشهد كذلك، استمرار الشركة في تعزيز وبناء برامج التدريب والتطوير المميّزة، من خلال تأسيس المزيد من الشراكات الإستراتيجية مع معاهد الأبحاث الأكاديمية الرائدة عالمياً، وكبرى شركات التقنيات المتطورة. ومن المؤكد أن تشكّل هذه الشراكات أساساً راسخاً لمركز أبوظبي للأبحاث والابتكار، الذي سيصبح قوة دافعة في المستقبل، تسهم في استمرارية تقديم الدعم اللازم لاستدامة وازدهار ثقافة الإبداع والابتكار في إمارة أبوظبي. وبينما نتطلع الآن إلى المستقبل ونحن نشهد أولى خطوات أبوظبي نحو الفضاء، دعونا نتأمل فيما يحمله هذا الإنجاز من معاني عميقة ودلالات واسعة، فتلك الرؤية الموحدة وهذا العمل الجاد من قبل كافة أعضاء فريق الياه سات، كان وسيظل دوماً عنصراً أساسياً للنجاح والتقدم. كما أن مبدأ المشاركة الفاعلة في تحقيق رؤية أبوظبي المستقبلية، سيبقى عنصراً مهماً بالنسبة لشركة استثمار التكنولوجيا المتطورة «أتيك» وشركة الياه سات وباقي الشركات التابعة لمبادلة، في مساعيها المستمرة نحو بناء قاعدة اقتصادية متنوعة يعتمد عليها مسار تطوير عملياتنا مستقبلاً. ونعي جميعاً، ونحن نشهد اليوم تلك اللحظة التاريخية لإمارة أبوظبي، أن تطبيق رؤية الإمارة الاقتصادية لا يزال في طور النمو وهو عمل مستمر على مدار الفترة الزمنية المستقبلية. ويشكل شباب الإمارات وفتياته أهم العناصر الضرورية التي ستكفل لهذا التوجه الاقتصادي الجديد والمستمر، جميع جوانب النجاح، فشبابنا هم القوة المحركة والدافعة نحو تأسيس اقتصاد عصري ومتنوّع لإمارة أبوظبي. * الرئيس التنفيذي لشركة الياه للاتصالات الفضائية «الياه سات» * * الرئيس التنفيذي لشركة استثمار التكنولوجيا المتطورة «آتيك»