الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابان وإعادة النظر في «الدستور السلمي»

16 مايو 2014 23:15
جاستين ماكيري طوكيو منذ توليه رئاسة وزراء اليابان، وضع «شينزو آبي» نصب عينيه هدفاً يعتقد أن تحقيقه سيكون مسك الختام لإرثه كواحد من أعظم المصلحين في البلاد: ويتمثل هذا الهدف في تغيير الدستور السلمي، الذي ظل يقود السياسة الخارجية لليابان منذ قرابة سبعة قرون. وفي هذا الإطار، تقدم اللجنة الاستشارية لرئيس الوزراء الياباني في وقت قريب مقترحات بشأن تعديل العديد من القوانين القائمة والتي، في الواقع، ستعيد تفسير معنى الدستور، بينما تتحاشى مراجعته مباشرة من خلال عدد الأصوات المطلوب من غرفتي البرلمان وإجراء استفتاء في جميع أنحاء البلاد. وهذه التعديلات، حال الموافقة عليها، ستكون بداية لتحول أساسي في دور الجيش الياباني، الذي لم يشارك في أي قتال منذ 1945. وفي مواجهة التهديدات العسكرية المحتملة من قبل الصين وكوريا الشمالية، إلى جانب الانخفاض النسبي في القوة الأميركية، يصر «آبي» وزملاؤه من المحافظين على ضرورة تعديل الدستور لتمكين اليابان من الدفاع عن مصالحها ومصالح حلفائها، ولعب دور أكبر في عمليات حفظ السلام الدولية. وعلى الرغم من مرور 17 شهراً على توليه رئاسة الوزراء، اضطر «آبي» إلى إعادة النظر في خططه لمراجعة الدستور وسط معارضة قوية بين الناخبين وداخل الائتلاف الحاكم – وهي شراكة مضطربة بين حزبه الليبرالي الديمقراطي وحزب «كوميتو» الجديد، المدعوم من البوذيين مع الحفاظ على تقاليده السلمية القوية. ومن المتوقع أن يعلن «آبي» عن خططه بشأن إعادة تفسير الدستور مع إجراء تعديلات للقوانين الحالية بحلول نهاية الشهر، والحصول على موافقة مجلس الوزراء بحلول فصل الصيف، وفقاً لسرعته في الحصول على تأييد حزب كوميتو الجديد. ويستهدف «آبي» المادة التاسعة من دستور عام 1947 – والتي وضعتها قوات الاحتلال الأميركي عقب الحرب العالمية الثانية – وتستنكر حق اليابان في شن حرب كوسيلة لتسوية النزاعات الدولية. وتنص المادة على أن «القوات البرية والبحرية والجوية وكذا إمكانيات الحرب الأخرى لن يتم أبدا الاحتفاظ بها». كما فسرت الإدارات المتعاقبة المادة لتسهيل بناء جيش مجهز تجهيزاً جيداً، ولكنه ذو وضع دفاعي دقيق. ويقول «آبي» وأنصاره إنه من خلال تحرير الدستور من قيوده التي فرضها عدو منتصر سيكون بمقدور اليابان التغلب على الشعور بالذنب الذي انتابها خلال الفترة التي أعقبت الحرب والظهور كأمة «طبيعية.» كما أشار رئيس الوزراء إلى أن اليابان ليس بمقدورها مساعدة أي حليف لها يتعرض للهجوم في ظل الدستور الحالي. ويرى «كويتشي ناكانو» أستاذ العلوم السياسية بجامعة صوفيا بطوكيو، أن «آبي يبحث عن أسهل وسيلة لتغيير الدستور»، ويضيف أنه من خلال تأجيله للاصلاحات الدستورية العام الماضي، فإن آبي «يتصور أنه من خلال إعادة تفسير الحظر المفروض على ممارسة الدفاع الذاتي الجماعي وتجريد المادة التاسعة من كل معنى لها، فسيكون بمقدوره العودة فيما بعد للناخبين، والقول إن المادة التاسعة قد عفا عليها الزمن، فلماذا لا نغيرها أيضاً؟ هذه المراجعة ما هي إلا وسيلة خادعة. وعقب قيامه بطرح الإصلاح الدستوري على إدارته في وقت مبكر، بدا «آبي» مضطرباً بسبب قوة المعارضة العامة، حيث تظهر استطلاعات الرأي باستمرار أن أغلبية الناخبين يفضلون الحفاظ على الدستور بشكله الحالي. أما أنصار الإصلاح فيشيرون إلى أوجه القصور في الترتيبات الدستورية الحالية، والتي يمكنها في نهاية الأمر تعريض الأراضي اليابانية للخطر، وهم يقولون إنه في حالة حدوث هجوم على السفن البحرية الأميركية في أو بالقرب من المياه اليابانية فلن يكون باستطاعة طوكيو الرد بقوة. «وإذا تمسكنا بهذا الموقف، فلن تتمكن اليابان من ممارسة الردع اللازم للدفاع عن أمننا القومي، أو الحفاظ على سلام واستقرار المنطقة»، كما قال «تاكيشي إيوايا»، نائب بارز بالحزب الليبرالي الديمقراطي والمسؤول عن سياسة الدفاع بالحزب. ومن جانبه، رحب الرئيس الأميركي باراك أوباما بمراجعة ممارسة الدفاع الذاتي الجماعي عقب زيارته الأخيرة لطوكيو، نظراً لأنها ستمكن القوات اليابانية من لعب دور أكثر فاعلية في المعاهدة الأمنية الثنائية. وفي الشهر الماضي، ذكر «دنيس بلير»، قائد القوات الأميركية السابق في المحيط الهادئ، أن قوات الدفاع الذاتي في اليابان بحاجة لأن يكون لديها مزيداً من المرونة للعمل وفق مصالح بلادهم. مهما كانت نتيجة النقاش الدائر حول إعادة تفسير الدستور، فمن غير المرجح أن يتخلى آبي عن هدفه المثالي في تنقيح الدستور، وهو الهدف الذي يلقى تبجيلا من قبل الحركة السلمية الكبيرة باليابان وفي نفس الوقت لعنات المحافظين، ومن بينهم جد آبي نفسه «نوبوسوكي كيشي»، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في أواخر الخمسينات من العقد الماضي. ومن ناحية أخرى، حذر البروفيسور «جيرو ياماجوتشي»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة «هوسي» في طوكيو، من أن عدم الارتياح العام لن يثني آبي عن عزمه، خاصة في ظل عدم وجود معارضة فعالة في البرلمان. وفي نهاية المطاف، فإن أكبر حافز لآبي قد يكون حافزاً شخصياً وليس سياسياً. ففي السعي نحو تحقيق الإصلاح الدستوري - وهو المطمح الذي أشار إليه عندما أصبح مشرعا في عام 1993 – نجد أنه ببساطة يحاول تحقيق العمل الذي لم ينجزه جده. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©