الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنوب أفريقيا والولاء لـ «المؤتمر الوطني»

16 مايو 2014 23:15
بونجاني مادوندو جوهانسبيرج في نهاية الشهر الماضي، انتشرت ألوان الأصفر والأخضر والأسود التي ترمز إلى حزب «المؤتمر الوطني» في أنحاء جنوب أفريقيا، بينما ضرب حزب «التحرير» الأقدم في أفريقيا بجذوره في خامس انتخابات عامة منذ انتهاء التفرقة العنصرية، والسباق الانتخابي الأكثر ترقباً منذ خروج نيلسون مانديلا من السجن. وعلى مدار أعوام، ارتقى حزب «المؤتمر الوطني» في نفوس مواطني جنوب أفريقيا ليصبح في مكانة سامية، كونه الرابط الوحيد بين أجيال متعددة من الكبار والشباب بتحرير السود من التبعية للمستوطنين البيض. وبقيادة زعيمه «الملهم» جاكوب زوما ـ واسمه الأوسط «جدلييهلكيزا» الذي يعني «القاتل المبتسم» بلغة قبيلة الزولو ـ هزم حزب «المؤتمر الوطني» أحزاب المعارضة الضعيفة مرة أخرى.. ومن بين القوى السياسية الأخرى الموجودة في جنوب أفريقيا، «التحالف الديمقراطي»، و«حزب المقاتلين من أجل الحرية الاقتصادية» الذي يروج لنفسه على أنه لينيني ماركسي، وحزب «إنكاثا للحرية» وعدد من الحركات الأخرى الصغيرة التي أحدثت كل تلك الضوضاء المتوقعة من خصوم صغار يحاولون الإزاحة بعملاق مترنح من السلطة. وبنظرة على العامين الماضيين، شاهدت صوراً تظهر عبق المظاهرات في عصر التفرقة العنصرية، حيث قنابل المولوتوف التي تلقى على المنشآت الحكومية وعمال المناجم المضربين والذين تعرضوا لمذبحة في ماريكانا وغيرها، لدرجة أن أي أجنبي يزور جنوب أفريقيا ربما سيتساءل إذا كان الناس العاديون لا يزالون مخلصين لمحرريهم الممثلين في حزب المؤتمر الوطني.. وأنا نفسي أتساءل! فاز حزب «المؤتمر الوطني» في النهاية بنسبة 62 في المئة من إجمالي أصوات الناخبين، بينما لم ينل «التحالف الديمقراطي» سوى 22 في المئة، حصل على أغلبها من الطبقة المتوسطة من بين هؤلاء «الذين ولدوا أحراراً»، أي جيل شباب جنوب أفريقيا الذين لم يعاصروا التفرقة العنصرية بصورة مباشرة، وحصل «حزب المقاتلين من أجل الحرية الاقتصادية» على 6 في المئة بعد أن أبلى بلاء حسناً بين الشباب الفقراء.. ويبدو أن فكرة أن بعض الأشياء لا تتغير أصبحت مألوفة لدى شعب جنوب أفريقيا في غضون الأعوام العشرين الماضية. وعشية الانتخابات تناولت العشاء مع صديقتي «تسيلان تامبو» في مطعم يوناني في إحدى الضواحي الشمالية الثرية، وهي الابنة الصغرى لأوليفر ريجينالد تامبو، الذي شغل منصب رئيس حزب «المؤتمر الوطني». وكثيراً ما تنشر «تامبو»، وهي كاتبة ومدونة، تغريدات وتصريحات متطرفة عن استيائها من الوضع الراهن للحزب الذي ولدت في أروقته. وقالت تامبو: «إن هؤلاء بالطبع يهرجون»، والتقطت صحيفة «ذا ستار» اليومية، وأشارت إلى تقرير رئيسي بعنوان: «وزارة الأشغال العامة تنفق 21 مليون دولار على تحسينات أمنية في منزل زوما»، وتشمل التحسينات نظاماً لمكافحة الحريق وحمام سباحة. وكان «زوما» زعم أنه يشعر بعدم الأمن بعد حرق أحد منازله! وأبدت «تسيلان» امتعاضها قائلة: «إن الدولة تترنح، وهؤلاء القادة يكنزون في جيوبهم»، لكنها استدركت مقطبة الوجه، «لكن حزب المؤتمر الوطني منزلي وقد ولدت فيه وهو كل ما أعرف». وفي يوم الانتخابات، اصطحبت أسرتي في سيارة أجرة وتوجهت إلى أحد مراكز التصويت المحلية، حيث نعيش في منطقة كيلارني القريبة من ضاحية «هوفتون» التي كان يعيش فيها مانديلا في آخر حياته، وأجري التصويت في المنطقة في نادي الجولف.. وسرعان ما وجدت نفسي في طابور مع تيتو مبويني، الحاكم السابق لبنك الاحتياطي، وتريفور مانويل، وزير المالية السابق، وكلاهما من المنتمين السابقين لحزب «المؤتمر الوطني»، ومن أشد منتقديه. ومع اقترابنا من قاعة التصويت، خرجت امرأة خمسينية بيضاء، وكانت ترتدي ثوباً أسود مكتوبا عليه: «تذكروا الجنود الذين سقطوا في ماريكانا.. لقد ماتوا من أجلنا»، وهي إشارة إعلانية لحزب المقاتلين من أجل الحرية الاقتصادية اليساري المتطرف. ومرت المرأة بجانبي وتنهدت قائلة: «إنه طريق طويل جداً، وقد كان يوماً صعباً، ولكن يوماً ما سيحكم العمال». وربما أنها محقة.. ولكن في الوقت الراهن بغض النظر عن مدى إدراكنا للفساد، لا يزال مواطنو جنوب أفريقيا مجموعة من الموالين لحزب «المؤتمر الوطني». وكما يقول أحد العمال البسطاء في خارج النادي: «على رغم أخطائه لا يمكنني التخلي عن حزب المؤتمر الوطني، فهو في دمي، وحتى إذا كان بلا جدوى ولا يكترث سوى بالأغنياء، فهو حزب أجدادي». يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©