الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإيجور في الصين··· وقوانين الشيوعيين الصارمة

الإيجور في الصين··· وقوانين الشيوعيين الصارمة
22 أكتوبر 2008 02:37
يمكننا أن نرى في هذا المسجد الذي يجتذب آلاف المسلمين كل أسبوع في هذه المدينة، جميع الأشياء والمظاهر الدالة على التقوى والورع التي يمكن لنا أن نراها في أي مكان للعبادة، سجاجيد صوفية متربة للصلاة، وصف من العمائم واغطية الرأس التي يمكن أن يرتديها الرجال الحاسرو الرؤوس الذين يترددون على المسجد للصلاة، ومحراب يتجه نحو الكعبة في مدينة مكة السعودية· ولكن اللافتات الكبيرة المعلقة خارج المسجد تضم تعليمات تنتمي إلى الحزب الشيوعي الصيني، بأكثر مما تنتمي إلى التعاليم القرآنية؛ من تلك التعليمات على سبيل المثال ألا يتجاوز وقت خطبة الجمعة نصف ساعة، وأن الصلاة في الساحة العامة الواقعة خارج المجلس ممنوعة، وأن سكان مدينة ''خوتان'' غير مسموح لهم بأداء الصلاة في أي مسجد يقع خارج المدينة؛ ومن ضمن القواعد التي تطبقها سلطات المدينة : أنه لا يجب أجبار موظفي الحكومة أو الأشخاص غير المتدينين على حضور الصلاة في المسجد قسرا، وهي عبارة مخففة المقصود بها ضمنا أن موظفي الحكومة، وأعضاء الحزب الشيوعي الصيني غير مسموح لهم على الإطلاق بممارسة الصلاة· لكي يستطيع أي مسلم ملتزم أن يعيش ويمارس شعائر دينه في مقاطعة ''شينجيانج ''الواقعة في شمال غرب الصين، فإنه يتعين عليه التكيف مع سلسلة معقدة من القوانين واللوائح المقصود بتطبيقها الحد من ممارسة وانتشار الإسلام ـ الدين الغالب بين طائفة ''الإيجور'' المتذمرة من الحكم الصيني· والأوامر المكتوبة على اللافتات تمس كل جانب من جوانب حياة المسلمين في هذه المدينة: فنسخ القرآن التي توزعها الحكومة هي الوحيدة القانونية، والأئمة غير مسموح لهم بإعطاء دروس خصوصية لتعليم وتحفيظ القرآن، كما أن تعلم العربية غير مسموح به سوى في مدارس حكومية خاصة· وهناك أيضا قيود شديدة مفروضة على ممارسة ركنين من الأركان الخمسة للإسلام، وهما صيام شهر رمضان والحج إلى مكة، حيث يتم إجبار موظفي الحكومة وطلبة المدارس على الإفطار في نهار رمضان، كما تتم مصادرة جوازات سفر الأئمة في مختلف أنحاء ''شينجيانج '' لإجبارهم على الالتحاق ببعثات الحج الحكومية، والحيلولة بينهم وبين السفر إلى مكة بوسائلهم الخاصة ومن خلال أساليب غير قانونية؛ كذلك، ليس مسموحا لموظفي الحكومة ممارسة شعائر الإسلام علنا، كما أن أي مظهر من مظاهر التدين والتقوى، يبدو على أي شخص سواء كان رجلا أو امرأة يمكن أن ينتهي به ـ أو بهاـ إلى الطرد من العمل· يرجع سبب التشدد، الذي تبديه السلطات الصينية إلى خشيتها من الأنشطة الإنفصالية في المنطقة، حيث يرى بعض المسؤولين أن الجماعات المتمردة في ''شينجيانج'' تمثل واحدا من أخطر التهديدات بالنسبة للصين، كما يرى مسؤولون آخرون أن قوى الانفصال، والإرهاب، والتطرف الديني، تهدد بزعزعة استقرار المنطقة برمتها· يختلف بعض الخبراء مع الرؤية الحكومية هذه، ويرون من ناحيتهم أن تشدد السلطات وإجراءاتها الصارمة ضد المسلمين والقيود التي تفرضها عليهم، لا تحقق شيئا سوى دفع المزيد من أبناء طائفة ''الإيجور'' إلى طريق التشدد؛ والعديد من تلك القوانين المتشددة موجودة في الكتب والسجلات منذ سنوات عديدة، غير أن المسؤولين استخرجوها من تلك الكتب ووضعوها على اللافتات، وعلى العديد من مواقع الإنترنت بشكل لافت خلال الأسابيع السبعة الماضية؛ وقد تزامنت هذه الإجراءات مع قدوم شهر رمضان الذي بدأ من سبتمبر حتى أوائل أكتوبر، وجاء مباشرة في أعقاب سلسلة من الهجمات التي وقعت في أغسطس، وأدت إلى مصرع مالا يقل عن 22 من ضباط الأمن، وأحد المدنيين وفقا للتقارير الرسمية· وهذه الهجمات مثلت أقوى موجة من موجات العنف تجتاح ''شينجيانج'' منذ تسعينيات القرن الماضي، وهو الأمر الذي دفع بعض كبار مسؤولي الحزب في المقاطعة إلى إطلاق سلسلة من التصريحات المتشددة التي تهدد بشن حملة قمع ضد ''الإيجور''· فمسؤول الحزب الشيوعي الصيني في المقاطعة منذ مدة طويلة و يدعى'' وانج ليكوان'' أدلى بتصريح قال فيه: ''إن الحكومة منخرطة في صراع حياة أو موت في المقاطعة''؛ وأن سيطرة الحكومة على الأنشطة الدينية سوف تشتد، وأن المسألة الدينية غدت هي بارومتر الاستقرار في''شينجيانج''· يشار أن طائفة ''الإيجور'' تشكل أكبر مجموعة عرقية تعيش في ''شينجيانج'' وتبلغ نسبتهم 46 في المئة من إجمالي عدد سكان المقاطعة البالغ 19 مليون نسمة؛ والعديد من هؤلاء السكان يزعمون أن ''الهان'' الذين يشكلون القومية الغالبة في الصين بأسرها؛ يمارسون التمييز ضدهم في مجالين هما اللغة والدين؛ ومن المعروف أن ''الإيجور'' قد اعتنقوا الإسلام السني منذ بداية القرن العاشر، وأن الإسلام قد اكتسب المزيد من الشعبية بعد مرور عدة عقود من الحكم الشيوعي القاسي، حيث يبلغ عدد المساجد الموجودة في المقاطعة الآن 24 الف مسجد كما يبلغ عدد رجال الدين 29 ألفا؛ ويرى الكثيرون من ''الهان'' أن الدين الإسلامي هو أساس المشكلات الاجتماعية التي تقع في تلك المقاطعة، فالعديد منهم يرون أن المسلمين كسالى، وأنهم يضيعون معظم وقتهم في الصلاة، ولا يعملون إلا قليلا· ولكن المنتقدين من ''الإيجور'' يتهمون الحكومة بأنها تحاول الحد من حركة المسلمين منهم كما يحدث في هذه المدينة على سبيل المثال، وذلك للحيلولة بينهم وبين الاتصال بغيرهم من المسلمين في المقاطعة خوفا من أن يؤدي ذلك إلى بناء نوع من الهوية الإسلامية، التي يمكن أن تنتشر عبر المقاطعة بأسرها وقد تمتد إلى ماوراءها· دوارد وونج خوتان- الصين ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©