الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب في أفغانستان··· والسلام بدون سلاح

الحرب في أفغانستان··· والسلام بدون سلاح
22 أكتوبر 2008 02:38
في غرفة قديمة بالقرب من أطراف البلدة، جلست مجموعة من الرجال على الأرض وانخرطوا في نقاش ساخن، يخططون لحدث يأملون منه التأثير على الحياة السياسية الأفغانية، ألا وهو ''جيرغا''، أو جمعية للسلام، تعمل من أجل إنهاء الحرب بين طالبان والحكومة الأفغانية، وذلك عبر حث الجانبين على التوصل إلى تسوية، وفي هذا السياق يقول ''بختر أمينزاي'' من ''الجيرغا الوطنية للسلام'' في أفغانستان، وهي منظمة تضم في عضويتها طلبة وأساتذة ومحامين ورجال دين وآخرين: ''لقد ضاق الناس ذرعاً بالاقتتال، ولذلك، علينا أن نضغط على الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي من أجل إيجاد حل بدون استعمال الأسلحة''· ''أمينزاي'' ليس الوحيد الذي يتبنى مثل هذه الأفكار والمواقف، فبينما تتصاعد أعمال العنف وتتكرس حالة اللاأمن في هذا البلد الذي دمرته الحرب، تعمل شبكة واسعة من نشطاء السلام في صمت على الدفع نحو المفاوضات والمصالحة مع طالبان، وتتزامن هذه الجهود مع محادثات تمهيدية جرت مؤخراً في السعودية، حيث استضافت الحكومة السعودية اجتماعاً سرياً رفيع المستوى في سبتمبر الماضي مع مسؤولي طالبان السابقين وأعضاء من الحكومة الأفغانية، وكان الهدف من اللقاء فتح الباب أمام محادثات مباشرة مع طالبان، وحسب عدد من المحللين، فإن أغلبية الأفغان يفضلون نوعاً من التسوية المتفاوض بشأنها بين الأطراف المتناحرة، ولكن العديد من نشطاء السلام انتقدوا المحادثات السعودية، وفي هذا الإطار تقول ''فاتانا جيلاني'' -رئيسة ''المجلس النسائي الأفغاني''، وهي منظمة غير حكومية بارزة في افغانستان-: ''إننا نريد المصالحة مع طالبان عبر اللويا جيرغا'' أو الجمعية الكبيرة، مضيفة: ''إننا لا نريد تدخلاً من بلدان أجنبية أو مفاوضات مغلقة''· وعلى غرار ''المجلس النسائي الأفغاني''، قامت العديد من المنظمات غير الحكومية المحلية بإدراج أنشطة مناوئة للحرب ضمن روتينها وأنشطتها، وانضمت مؤخراً إلى منظمات أخرى من المجتمع المدني تروج لفكرة الحوار، وفي هذا الإطار، عقد ''المجلس النسائي الأفغاني'' ''جمعية سلام'' الربيع الماضي، ووجّه دعوة لأعضاء من الحكومة الأفغانية وطالبان للحضور، كما نظم مؤتمرات وندوات في قندهار، معقل طالبان، تشدد على أهمية الحوار والتفاوض، وبدورها، نظمت ''جيرغا السلام الوطنية'' أيضاً سلسلة من جمعيات السلام خلال الأشهر الأخيرة، شارك فيها آلاف الأشخاص، وتتميز هذه الاجتماعات عادة بخطابات نارية تندد بالقوات الدولية لقتلها مدنيين، ولكنها تندد أيضاً بطالبان· ومن جانبه، يقول ''إسراير أحمد كريميزاي'' -رئيس ''شباب صحوة أفغانستان'' منظمة بارزة مناوئة للحرب-: ''يجب أن يتوقف القتل في أفغانستان''، فبعد أن لاحظ ''كريزماي'' تصاعداً قوياً لأعمال العنف العام الماضي، قرر عدد من أصدقائه تأسيس ''شباب الصحوة'' بهدف خلق حركة مستقلة عن كل من الحكومة وطالبان، وفي أواخر سبتمبر الماضي تزعمت منظمته مبادرة إحياء اليوم العالمي لسلام بخطابات وتجمعات وتعهد كل من القوات الدولية وطالبان بإلقاء سلاحهم ليوم واحد، وحين استجاب الجانبان للنداء، جعلا من ذلك اليوم واحداً من أقل الأيام عنفاً في التاريخ الحديث للبلاد، وهي النتيجة التي شجعت المنظمة على مضاعفة جهودهم· الواقع أن منظمة ''شباب الصحوة'' ليس سوى واحدة من منظمات المجتمع المدني الأفغانية التي ظهرت وانتشرت خلال السنوات الأخيرة، وإذا كانت المنظمات غير الحكومية الدولية تلقى معظم الاهتمام، فإن المنظمات غير الحكومية الأفغانية تشكل في الواقع الجزء الأكبر من مجموع المنظمات غير الحكومية الموجودة في البلاد، كما يقول ''هاشم ميار'' نائب مدير ''وكالة الهيئة المنظمة للإغاثة''، وهي منظمة تضم تحت لوائها المنظمات غير الحكومية الناشطة في أفغانستان· ويضيف ''ميار'': ''إن المنظمات غير الحكومية المحلية تلعب دوراً كبيراً ولاسيما أثناء تدهور الوضع الأمني''، وتقدر الوكالة أنه من أصل 1400 منظمة مسجلة تقريباً، فإن 1100 هي عمليات أفغانية صرفة· أما ''شيلا صميمي'' -مديرة ''الشبكة النسائية الأفغانية''، وهي منظمة أخرى بارزة تدافع عن حقوق النساء- فترى أن المنظمات غير الحكومية المحلية مؤهلة لتبعث برسالة مناوئة للحرب إلى الأفغان، وتتألف ''الشبكة'' من 63 منظمة نسوية صغيرة تنشط عبر البلاد· ويقوم ''المجلس النسائي الأفغاني'' بتوعية النساء وتعليمهن عدداً من المهارات، حيث يرسل نساء إلى البلدات الأفغانية الفقيرة والمحافظة لتدريس وتوعية القرويات بخصوص حقوق النساء ومزايا دعم مفاوضات السلام، ورغم نقاط القوة هذه، إلا أن منظمات السلام الأفغانية تعاني أيضاً من نقاط ضعف، وفي هذا الإطار يقول ''حبيب الله رافح'' -المحلل السياسي في ''الأكاديمية الأفغانية للعلوم''-: ''الكثير من هذه الجهات منظمة وفق خطوط عرقية أو قبلية''، فمنظمتا ''شباب الصحوة'' و''الجيرغا الوطنية للسلام''، على سبيل المثال، تتألفان في معظمهما من البشتون، المجموعة العرقية الأكبر في البلاد· وعلاوة على ذلك، فإن الكثير من المنظمات غير الحكومية الأفغانية تعتمد على دعم المانحين الأجانب، وهو ما قد يضعف قدرتها على التحرك بشكل مستقل، وفي هذا السياق يقول ''نادر نادري'' من ''اللجنة لمستقلة لحقوق الإنسان الأفغانية'': ''إن عمليات المجتمع المدني الأفغاني تتأثر كثيراً بميزانية المانحين''، غير أن هذا لا يعني بالنسبة لجيلاني ونشطاء سلام آخرين عدم محاسبة الغرب أو انتقاده إذ يقول: ''إننا ضد سياسة غربية في أفغانستان، عليهم أن يدفنوا أسلحتهم في قبر ويركزوا على الدبلوماسية والتنمية الاقتصادية''· أناند جوبل- كابول ينشر بترتيب خاص مع ''كريستيان ساينس مونيتور''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©