الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كان فوزه بنوبل متوقعا لكن العرب فوجئوا به لغياب الترجمة المنتظمة

كان فوزه بنوبل متوقعا لكن العرب فوجئوا به لغياب الترجمة المنتظمة
23 أكتوبر 2008 00:34
قبل تقديم جان - ماري غوستاف لوكليزيو، الحائز جائزة نوبل للآداب ،2008 تتعين الإشارة الى أن هذا الكاتب لم يجد اي من كتبه العديدة طريقه الى العربية - مطلقا لعلمي - شأنه في ذلك شأن السواد الأعظم الكاسح من كتاب الرواية في العالم· وهذا أمر ينكأ جرح الترجمة الغائر في جسد ثقافتنا· وكالعادة في موسم أرقى الجوائز الأدبية والأهم من نوعها في العالم، نفاجأ بأن ''الأكاديمية السويدية''، اختارت روائيا لا يسري اسمه على ألسنتنا، علما أن فوزه كان متوقعا في الأوساط الأدبية الأوروبية· في الجهة المقابلة فنحن المشتغلين بالصحافة الأدبية على الأقل، ندرك اننا لا نحيط علما بكل الكتابات بغض النظر عن علو (أو تدني) شأنها· لكننا نسارع الى الاستكشاف عندما نعلم أن روائيا ما بلغ درجة حصوله على جائزة نوبل للآداب· وقبل ذلك نلعن جهلنا بالفائز بها وبكتاباته· وسعيا للإنصاف، يتعين القول إن هذا أمر ليس جديدا وليس حكرا علينا نحن· فللقارئ تصور رد الفعل الغربي على فوز نجيب محفوظ بالجائزة نفسها في العام 1988 نجيب محفوظ؟ من هو بحق الجحيم؟ بشكل عام فهذه مقدمة الى أسماء كثيرة آتية سنفاجأ بنيلها جائزة نوبل للآداب رغم اننا الأغلبية العظمى منا تسمع عنها أو عن إبداعها الأدبي من قبل، لغياب الترجمة المنتظمة الى العربية· ولنذكر هنا ان تقريرا للأمم المتحدة خرج علينا بإحصاء مخيف وهو أن عدد الكتب التي تترجم في عموم العالم العربي لا يزيد على 330 كتابا في السنة مقارنة بمتوسط 1650 في دولة صغيرة كاليونان· ليس ذلك وحسب، بل ان التقرير يفجر قنبلة مدوية بالقول إن عدد الكتب التي تترجم الى الاسبانية في العام الواحد يعادل كل ما ترجم الى العربية في ألف عام، وتحديدا منذ انتهاء عصر الترجمة الذهبي مع إسدال الستار على عهد الخليفة المأمون في القرن التاسع الميلادي· وهذا ينطبق على أعمال جان - ماري غوستاف لوكليزيو الفائز بأعلى وسام أدبي في زماننا هذا· فهل يسارع المثقفون العرب الناطقون ايضا بالفرنسية الى ترجمة شيء من أعماله؟ وربما كان الأجدر أن يكون السؤال هو: هل تسارع جهة تملك المال لاستئجار مثقفين عرب ناطقين ايضا بالفرنسية لترجمة أعماله ونشرها؟ من هو؟ منذ طفولته الباكرة أظهر الموريشاسي - الفرنسي جان ماري غوستاف لوكليزيو، الذي يكتب تحت أحرف اسمه الأولى سابقة لاسم عائلته J M G Le Clezio، شغفا غير عادي بالقراءة والكتابة رغم الزمن الصعب الذي ولد فيه وهو بداية الحرب العالمية الثانية، إذ كتب قصته الأولى وهو في سن السابعة· وقد مضى على هذا الدرب حتى نشر روايته الأولى ''محاكمة شفاهية'' التي تحكي عن شاب ذي لوثة عقلية· وقد لفتت هذه الرواية الأنظار في فرنسا الى تفردها حتى رشحت لجائزة ''غونكور'' فور صدورها في 1963 ووصلت الى قائمتها النهائية· وقتها كان لوكليزيو في سن الثالثة والعشرين· ومع ان الرواية لم تفز بهذه الجائزة الأدبية الشهيرة، فقد فازت بجائزة رينيدو في العام نفسه· ومنذ ذلك الحين نشر لوكليزيو ما يقارب الأربعين عملا من مختلف ضروب الأدب بدءا من القصة القصيرة والرواية وقصص الأطفال الى الترجمة (عن أساطير سكان الأميركتين الأصليين)· وكل هذا بالإضافة الى عدد لا يحصى من المقالات والابحاث المشتركة· منذ بداية الستينات الى منتصف السبعينات تناول لوكليزيو مواضيع ''مظلمة'' تتعلق بتهويمات العقل البشري وتأرجحه بين الرجوع عن أو السقوط في هاوية الجنون· وتميزت هذه الفترة عنده بالتجريب الذي لا يعرف الحدود· ولا غرو فقد كانت هذه الحقبة نفسها هي زمن ''الانعتاق'' من التقليدي في الموسيقى والتشكيل والسينما ومختلف أصناف الفنون والآداب كأول نتاج لثورة التحرر الاجتماعي في الغرب عموما· لكن لوكليزيو تخلى بعد ذلك عن جموحه في التجريب وصار مذاق مواضيعه أقل مرارة من سابقه· فأصبح يكتب عن الطفولة والصبا والبراءة والتسفار، مكتسبا بذلك شعبية عريضة من القراء خاصة في فرنسا· وتوج هذه الفترة العام 1980 بكونه أول من نال جائزة ''بول - موران'' التي استحدثتها ''الأكاديمية الفرنسية'' في العام نفسه· وقد فاز بها عن روايته ''الصحراء'' التي تحكي عن الاستعمار الفرنسي في شمال افريقيا من وجهة نظر امرأة من الطوارق· وبفوزه بنوبل لهذا العام، أعاد لوكليزيو الأدب الفرنسي الى الواجهة بعد غياب دام 23 عاما بعد فوز كلود سيمون بها في ·1985 وهذا رغم ان ان غاو سينغجيان نالها في ·2000 لكنه كان صيني المولد فرنسيا بالتجنس· وفي معرض أسبابها منح ''نوبل'' لكليزيو، قالت ''الاكاديمية السويدية'' انه كاتب ''سبر آفاقا جديدة واتسمت أعماله بالمغامرة الشعرية والنشوة الحسية··· هذا مستشكف للانسانية الى ما وراء حدود الحضارة السائدة · وفي قصر الاليزيه وصفه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بأنه ''ينتمي في مواطنته للعالم بأكمله، وهو ابن القارات بأجمعها''· من جهته قال لوكليزيو، المدافع ايضا عن حقوق الكتّاب بلغة ''الكريول''، إنه سيستخدم خطاب قبوله الجائزة في ديسمبر المقبل في استكهولم لإلقاء الضوء على الكتاب خارج التيار الرئيسي· ويعتقد ايضا انه سيهاجم مفاهيم تتعارض مع مبادئه مثل الحروب واضطهاد المرأة واستغلال الأطفال في العالم الثالث· نبذة عن حياته ولد لو كليزيو في 13 أبريل 1940 مع اندلاع الحرب العالمية الثانية بمدينة الريفيرا الفرنسية نيس لأب موريشاسي بريطاني بالتجنس وأم فرنسية· وكان أجداده البعيدين قد هاجروا من مقاطعة بريتاني الفرنسية الى جزيرة موريس الافريقية (موريشاس حاليا) في منتصف القرن الثامن عشر قبل عودة أحفادهم بعد زمن الى فرنسا· ولهذا يشار اليه اليوم باعتباره ''فرنسيا - موريشاسيا''· وإبان الحرب العالمية الثانية انشطرت أسرته لأن أباه كان عاجزا عن الوصول اليها· وبعد الحرب التأم الشمل قبل أن تنتقل العائلة، ولوكليزيو في سن الثامنة، الى نيجيريا حيث عمل والده جراحا في مستشفى للجيش البريطاني· بعد قضائه عامين في جامعة بريتسول الانجليزية (1958 و1959)، أكمل تعليمه العالي في ''معهد الدراسات الأدبية'' في نيس· وبعد عدة سنوات قضاها بين لندن وبريستول، انتقل الى الولايات المتحدة التي عمل فيها مدرسا· لقضاء خدمته العسكرية الإجبارية أرسل الى تايلاند في ،1967 لكنه سحب منها سريعا بسبب احتجاجاته الغاضبة على الاستغلال الجنسي للأطفال، فأرسل الى المكسيك لإتمام هذه الفترة· بعدها استقر أربعة أعوام في بنما (من 1970 الى 1974) مع قبيلة من الهنود الحمر تسمى امبيرا وونان· عام 1964 حصل لوكليزيو على الماجستير في أعمال اونري ميشو من جامعة ايكس - اون - بروفانس، وعلى الدكتوراه العام 1983 في تاريخ المكسيك المبكر من جامعة بيربينيان· وهو متزوج من المغربية جيميا منذ ·1975 ومنذ بدايات التسعينات صار يتنقل في سكنه مع اسرته بين موريشس والمكسيك والولايات المتحدة والمغرب وفرنسا إضافة الى مختلف الدول التي درّس الأدب في جامعاتها ولهذا عرف بـ''الروائي البدوي''· لوكليزيو: أردت أن أفهم والدي بارع في وصف مشاهداته وقابليته فائقة بتغذية مؤلفاته بصور من خياله د· اشراق صالح في التاسع من أكتوبر أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جائزة نوبل للآداب لسنة 2008 إلى الروائي الفرنسي جان ماري غوستاف لوكليزيو، المتميز بأعماله الأدبية الناقدة للحضارة المعاصرة، وكما هو متعارف عليه تمنح جائزة نوبل للآداب سنوياً لكاتب تطغى على مؤلفاته بشكل عام المسحة المثالية· يعتبر هذا الكاتب، البالغ من العمر الثامن والستين، ظاهرة استثنائية لكونه أحد الكتاب المجددين، ويوصف بكاتب المغامرات الحالمة والمتعة الحسية· فقد أشادت به الأكاديمية السويدية لجائزة نوبل للآداب كونه: ''أوجد واقعاً إنسانياً خارج نطاق حضارتنا الحالية''· لقد قضى هذا الكاتب معظم سنوات حياته متنقلاً بين الحضارات والثقافات المختلفة باحثاً عن عوالم مجهولة ولهذا لقب بـ''جول فيرن'' العصر الحالي· ولد لوكليزيو عام 1940 في مدينة نيس - جنوب فرنسا، من أب بريطاني وأم فرنسية، فنشأ وهو يجيد اللغة الإنجليزية والفرنسية· انتقل مع والدته في سن الثامنة إلى نيجيريا، حيث التقى للمرة في حياته بوالده، الذي كان يسكن بكوخ ويعمل كطبيب عسكري أثناء الحرب العالمية الثانية· وبعد أن وضعت الحرب أوزارها عادت الأسرة إلى نيس في عام ،1950 وقد دون الكاتب انطباعاته حول رحلته الأولى إلى أفريقيا ولقائه بوالده في روايته الشهيرة ''الأفريقي''، التي نشرت بالفرنسية عام ،2004 حيث ترك ذلك البلد الأفريقي والمكان المتواضع لسكن والده أثراً عميقاً في نفسه، فظل يراود مخيلته بوضوح طيلة هذه السنين، فوصف ذلك بروايته المشار إليها بهذه الصورة: ''لا مرآة، لا صور، هنا فقط السُّكَّانُ الأصْلِيُّونَ - إيبو، ويوروبا، البلاط من الأسمنت، والجدران الأربعة من الاسمنت أيضاً والطوب غير المجصص، السقف من جذوع النخيل مغطاة بصفائح معدنية، لا وجود للزينة، هناك فقط الأراجيح المعلقة على الجدران للنوم، والشيء الوحيد الفاخر هنا، هو دوش الحمام''· تفتقت موهبته الأدبية الفذة منذ نعومة أظافره وهو في سن السابعة حيث ألف كتابين، وذلك خلال رحلته البحرية مع والدته إلى أفريقيا، التي استغرقت عدة أشهر· درس لوكليزيو الأدب في مدينة نيس وعمل كمدرس ولغوي في دول عديدة· قام بنشر أكثر من ثلاثين قصة ورواية، أغلبها تتناول العلاقة بين الأحداث التي يمر بها الإنسان والوعي، وله مقالات عديدة، كما قام بترجمة أسطورتين من تراث الهنود الحمر· وكتب للأطفال والأحداث أيضاً· حاز لوكليزيو جوائز أدبية محلية عدة من ضمنها ''جائزة رونود'' عام ،1963 وذلك حول روايته الأولى ''البروتوكول'' وكان يبلغ من العمر آنذاك ثلاثة وعشرين عاماً· تعتبر هذه الرواية من أكثر أعماله الناقدة للحضارة الحديثة، حيث تسلط الضوء على الجانب المعتم للحضارة الأوروبية ويصبو الكاتب من خلالها إلى حياة أفضل· أما الرواية الثانية ''صحراء'' فتتحدث عن مأساة أنهيار حضارة الطوارق في شمال أفريقيا، ويسعى الكاتب هنا إلى خلق عالم طوباوي نقيض عن العالم الأوروبي، الذي يصفه الكاتب ''بالعنيف والخالي من المشاعر''· ومن رواياته الأخرى المهمة ''المدن الثلاث المقدسة'' الحائزة ''جائزة بول موران'' في عام ·1980 في السبعينات من القرن الماضي مكث لوكليزيو في المكسيك وأميركا الوسطى وأحتك بالهنود الحمر واطلع على حضارتهم الغابرة، فنالت أعجابه وسعى من خلالها في العثور على حقيقة فكرية جديدة· تزوج لوكليزيو عام 1975 من فتاة مغربية تدعى ''جميا'' وعاش الزوجين حتى اليوم بالتناوب ما بين نيو مكسيكو و جزر موريس ونيس· يتميز أسلوب لوكليزيو بالمجازات اللغوية الغزيرة وبالشفافية والسلاسة، فهو بارع في وصف مشاهداته اليومية، وله القابلية الفائقة بتغذية مؤلفاته بصور مستمدة من خياله الخصب المتأثر بحضارات وثقافات مختلفة، كان قد تعايش معها وتعرف إليها، فهو المسافر الدؤوب، الذي لا يكل ولا يمل من سفره وتنقله بين القارات· يحاول الكاتب في رواياته اقتفاء أسرار العلاقة ما بين الإنسان والطبيعة، فهو ليس بالكاتب الأوروبي التقليدي، بل هو الكاتب العالمي ذو الجذور الأوروبية، والذي ينتمي الى ثقافات عديدة، حيث قضى جزءاً كبيراً من حياته خارج أوروبا، كما أشرنا سابقاً، ونستطيع أن نلمس هذا بوضوح في جميع مؤلفاته· لوكليزيو يحلم بالتقارب البشري ويعتبر العالم بأسره مصدراً لإلهامه، فكل عمل أدبي جديد يقوم به، هو بمثابة عملية بحث عن ذاته، حيث صرح في إحدى المقابلات بما يدور في أعماق نفسه القلقة: ''لقد لعب بحثي المتواصل عن هويتي وجذوري دوراً جوهرياً في مؤلفاتي· أردت أن أفهم والدي''· ومن المواضيع الجديرة بالاهتمام لهذا الكاتب، والتي يتطرق لها في مؤلفاته ويشير لها باستمرار حتى في المقابلات الصحفية هي فترة الاستعمار الفرنسي والإنجليزي ومردوداتها السلبية على الدول المستعمرة· لوكليزيو يؤكد رسالة الأدب الإنسانية وأهميتها ويدعو العالم إلى مواكبة الاطلاع على النتاج الأدبي بقوله: ''ينبغي ألا نكف عن قراءة الرواية''· بعض أبرز أعماله - ''المحاكمة الشفاهية'' (1963) - ''الطوفان'' (1966) - ''النشوة الحسية'' (1967) - ''كتاب الهروب'' (1969) - ''الحرب'' (1970) - ''العمالقة'' (1973) - ''تسفار على الجانب الآخر'' (1975) - ''موندو وقصص أخرى'' (1978) - ''الغريب على الأرض'' (1978) - ''الصحراء'' (1980) - ''الباحث عن الذهب'' (1985) - ''الحلم المكسيكي والفكرة المقطوعة'' (1988) - ''اونيتشا'' (1991) - ''النجم الهائم'' (1992) - ''الافريقي'' (2004) - ''اورانيا'' (2006) أوسمة على صدره 1963- جائزة رينادو 1972- جائزة فاليري لاربو الأدبية 1980- جائزة بول - موران الكبرى (الأكاديمية الفرنسية) 1997- جائزة جان جيانو الكبرى 1998- جائزة أمير موناكو 2008- جائزة ستيغ داغرمانبريست 2008- نوبل للآداب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©