الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قضايا اللغة العربية في العصر الحديث للدكتور سمر روحي الفيصل

قضايا اللغة العربية في العصر الحديث للدكتور سمر روحي الفيصل
23 أكتوبر 2008 00:38
اتسعت دائرة اللغة العربية بعد ظهور الإسلام الحنيف، وطاوعت ألسِنَة كثيرة من الأمم والمجتمعات التي لا تمتّ بصلة لغويّ إلى العربيّة، فارتضتها لغة أساسيّة، لا في مجال الشعيرة الدينية حسب، إنّما في التعامل والإبداع الفكري· واليوم ألم ندرك نحن العرب بأنّنا فقدنا الكثير من عناصر وجودنا في هذا البحر الخِضَم من الصراع على البقاء كأمة، أمام الهجمة الشرسة من الجهات جميعها تاريخاً وفكراً وانساناً، وارتضينا أن نعود بالإيابِ من الغنيمة، إلاّ اللغة التي لم يبقَ شيء سواها، فتعاورت كلّ نفثات سُموم الطامعين للنّيْلِ منها وتبديد شمل عزّتها، وهي تسعى جاهدة إلى أن تكون هذه الحرب العَوان، تصدر عن أهلها بالذات، حتى لا يبقى من الوجود بقيّة· ونحن نعلم وهم يعرفون أنّ اللغة من أساسيات الوجود والبقاء لا بل هي جوهر الثقافة· يجيء كتاب'' قضايا اللغة العربية في العصر الحديث'' لمؤلفه الدكتور سمر روحي الفيصل، الصادر عن مركز زايد للتراث والتاريخ التابع لنادي تراث الإمارات، ليلقي الضوء من خلال سبع قضايا تتوزع من كل قضية عدّة مسائل، محاولة منه لإنعام النظر في قضايا اللغة العربيّة الفصيحة في العصر الحديث، لكي يدرس هذه اللغة دراسة علميّة تقيلها عثراتها، وتُعيد إليها أبناءها العاقِّيْنَ وتُزيل عنها الأوهام التي علقت بها في عصور الضّعف والانحطاط، وتُرجع إليها صفاءَها وإشراقها وبيانها· وتضمن محتوى الكتاب إثر مقدمته وخاتمته على القضايا السبع ومحاور كلّ واحدة منها، ابتدأها الفيصل بالقضية الأولى'' قضية الازدواجية اللغوية'' عرض فيها ثلاثة محاور هي:'' مفهوم اللغة الفصيحة ، مفهوم العاميات العربية، والازدواجية بين الفصيحة والعاميات''· حيث ذكر في المحور الأول بأنّ الثّابت أنّ اللغة التي نزل بها القرآن الكريم هي اللّغة الأدبيّة المُشتركة التي اصطُفِيَتْ في العصر الجاهلي طِوَال قرون لا نستطيع تقديم تحديد علمي لها· إنّها لغة الشّعر الجاهليّ والحِكَم والأمثال والخُطَب قبل ظهور الإسلام، ولغة القرآن والحديث الشريف والأدب بعد ظهوره· استيعاب العِلْم أما القضية الثانية: قضية التحديات المعادية، فتناول فيها محوريون: صعوبة الفصيحة، والتحديات الفرعية التي تحدث فيها عن: الدعوة إلى العامية، تيسير الكتابة العربية، تسير النحو، والتعليم باللغات الأجنبية الذي يرى فيه مؤلف الكتاب بأنّه من أكثر التحديات المُعادية وضوحاً··· وما كان المُستَعْمِر غافلاً عن الارتباط بين اللغة والفِكْر، ومِن ثَمّ فرض لُغاته على التعليم ليُربي الشعب العربيّ على التبعيّة له والنّفْرَة من الفصيحة وتُراثها، ويقطع صلة الأجيال بحضارتها العربيّة الإسلاميّة· وحُجّته الرئيسة واضحة، هي أنّ اللغة العربيّة الفصيحة صعبة لا تصلُح للتعليم· بينما أشار سمر الفيصل في القضية الثالثة: قضية قدرة اللغة العربية على استيعاب العلم وتأصيله، إلى: قدرة اللغة العربية على استيعاب العلم، التي قسمها إلى قسمين اثنين: قضية المصطلحات العلمية العربية، وقضية المصطلحات العلمية العربية وبعض تجاربها التي تناول فيها أيضاً لكل من: بدايات التجربة السورية (1918 - 1920)، اتساع التجربة السورية (1920 - 1945)، وعمق التجربة السورية وحيرتها (1946 - ······)، وإثرها تحدث عن قضية التجربة التاريخية ، ثم قدرة اللغة العربية على تأصيل العلم الحديث· الترجمة والتعريب ثم جاءت القضية الرابعة تحت عنوان: قضية الترجمة والتعريب وإشكالات المعاصرة، بحث فيها مؤلف الكتاب لأربعة محاور فيها والمتمثلة في: الحضارة العربية الإسلامية والمدنية ، مفهوم الترجمة والتعريب ، الإشكالات المعرفية والتاريخية واللغوية، وآخرها النتائج والاقتراحات اللغوية حيث يقترح الفيصل فيها إلى اقتراحات لغويّة لعلّ أبرزها برأيه من الزاويّة اللغويّة الاطمئنان إلى أنّ اتهام اللغة العربية الفصيحة بالقصور عن الوفاء بالحاجات العلميّة العربيّة لا أساس له من الصحة· فهي- اللغة- قادرة على وضع المُصطلحات وترجمة الكتب ونقل ما يُستجدُّ في اللغات الأجنبيّة استناداً إلى خصائصها الذّاتيّة مِن اشتقاق ومَجَاز ونَحْتٍ وإبدَالٍ واقتراض وتضمينٍ وقِيَاسٍ وقَلْبٍ وتَرجَمَةٍ وتَعْرِيْبٍ· الكتابة بالعربية عرض بعدها الفيصل للقضيّة الخامسة: قضية الكتابة باللغة العربية، التي بيّن فيها من خلال أربعة محاور أيضاً لكلمة (الكتابة) ودلالاتها، ورابعاً الكتابة الإبداعية بين الواقع والطموح· في حين قدّم المؤلف خمسة محاور ضمن القضيّة السادسة المعنونة بـ: قضية لغة الحوار في الأدب، موضحاً فيها لخمسة محاور جديدة تتمثل في تاريخ لغة الحوار، الازدواجية ولغة الحوار، الواقعية ولغة الحوار، لغة الحوار بين الواقع الفني والواقع الحقيقي ، ونتائج لغة الحوار، إذ قال فيه بأنّ الواقعيّة قد سُمِيَّت في العقد الثّاني من القرن العشرين مذهب الحقائق· وقد دعا أتباع حركة التمصير إلى هذا المذهب بحماسة بُغيّة خلق أدب عصريّ مصرِيّ، ونصُّوا على أنّ غاية الكاتب هي: التحريّ عن الحياة وتصويرها بأمانة وإخلاص كما تبدو لنا· وعبارة'' كما تبدو لنا'' التي استعملها عيسى عبيد عام 1921م في مُقدمة مجموعته القصصيّة'' إحسان هانم'' خير دليل على أنّ مذهب الحقائق في مفهوم أتباع حركة التمصير يعني مُحاكاة الواقع· *الكتاب: قضايا اللغة العربية في العصر الحديث *المؤلف: د· سمر روحي الفيصل * الناشر: نادي تراث الإمارات، مركز زايد للتراث والتاريخ، العين، 2007م
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©