السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المرأة أكثر حاجة من الرجل للتعبير بعدما جرت العادة على إلغاء صوتها

المرأة أكثر حاجة من الرجل للتعبير بعدما جرت العادة على إلغاء صوتها
23 أكتوبر 2008 00:49
انشغل نقاد كثر في البحث حول مفهوم ومضمون الأدب النسائي: هل كل نص تكتبه امرأة ينتمي إلى هذا التصنيف؟ وماذا لو كتب رجل نصا يعبر عن مكنونات النساء·· إلا يمكن زجه في خانة الأدب النسائي؟ بعيدا عن هذا الانشغال، الذي لم يصل إلى مبتغياته، نطرح هذه القضية: لماذا تكتب المرأة أصلا؟ وعلى وجه أشد وضوحا: لماذا نجد في الساحة الثقافية الإماراتية عددا كبيرا من الأقلام النسائية، قد يفوق إو يوازي عدد الأقلام الرجالية إذا ما جرت احصائية رقمية في هذا المجال؟ قد تأتي الإجابة الجاهزة بأن الكتابة ما هي إلا تعبير عما يختلج في النفس من مشاعر وأحاسيس يصعب أحياناً ترجمتها شفهياً· وقد يستطرد البعض في هذه الإجابة بالقول: إن المرأة أكثر حاجة من الرجل للتعبير عن دواخلها، بعدما جرت العادة عند العرب على إلغاء لغة المرأة (صوتها) بجميع أشكالها وتعبيراتها، بسبب سيادة الصوت الذكوري في مجتمع لا يعترف بالأنثى إلا من الناحية الفيزيولوجية· هل يعني ذلك، إن استلال المرأة لسلاح القلم، هو بديل عن حرمانها من سلاح الصوت؟ وهل استطاعت الكتابة الأنثوية، في المجتمع الإماراتي خصوصا أن تأخذ موقعها في الطرف المقابل لمعادلة الرجل/ المرأة، أم أنها جاءت في سياق التكامل؟ هنا تجيب عدد من النساء، صحافيات وشاعرات وكاتبات، عن سؤال يشبه تلك الأسئلة الوجودية: لماذا يكتبن؟ مع الفارق: أن كل من ساهمن في هذا الاستطلاع كن يعرفن الإجابة: كتابة منتفضة نورة حسن السويدي، مديرة تحرير مجلة ''بنت الخليج'' تقول: إن المرأة وعلى مر العصور كان لها الدور المهم في حضارات الشعوب وفي شتى المجالات، وهي بذلك قد جعلت لنفسها مكاناً لا يمكن تجاهله، أو غض الطرف عنه، ومن أهم ما برزت به هو الكتابة الأدبية في آفاقها كلها، فكانت المبدعة التي تصور الأشياء بإحساس مرهف، وبقدرة فنية تحمل في طياتها النظرة المثالية، فالكتابة وبالنسبة للمرأة وإن كانت متنفساً في بعض الأحيان إلا أن لمستها الإبداعية لا بد وأن تكون حاضرة، وحينما نقول المتنفس فإننا نقصد تلك الفترة التي غُيبت به المرأة عن المجتمع بفعل الذكورية المحضة التي حجمتها، والتي حاولت جاهدة أن تهمشها بل وتلغيها، فانطلقت كتابات الكثير من المبدعات منتفضة على تلك الرؤية، مثبتة أن المرأة تملك زمام الإبداع مثل شقيقها الرجل، فعبرت ومن خلال كتاباتها عن نظرتها ورؤيتها في بناء مجتمعها، فكانت الكتابة متنفساً يحمل إبداعاً، بل وتطويراً ومضياً نحو البناء المتكامل· والمرأةُ من حيث تركيبتها النفسية لا تزال لغزاً حيَّر أكبر الأخصائيين النفسيِّين والاجتماعيين فضلاً عن الفلاسفة والأطباء، ذلك أنها تنطوي على جملة من الأمور باعتبارها تحمل لثنائيات جميلة بالتوازي مع حملها لمتناقضات تعجز حتى هي عن تفسيرها في كثير من الأحيان· وأمامَ هذه المعطيات تفكر كثير من النساء أن تترجم شعورها الداخلي في كتابات بمختلف القوالب ترى منه إما متنفساً في ظل غياب المحاوِر، أو إبداعاً تبلور به طموحها اللامحدود الذي زخر به مخزونها الثقافي الدفين الممزوج بكثير من المشاعر التي أبت إلا أن تحبسها بين جنبيها خوفاً من عواقب البوح بها· فالكتابة إذن أداة مطواعة لترجمة مخزون من مشاعر وهواجس امرأة تعسر لها في كثير من الأحيان أن تبوح به لتبعثه عبر صفحاتها يكون متنفساً إذا ضاقت به ذرعاً، وشكل لها هاجساً في النوم واليقظة، كما يعد إبداعاً في الوقت ذاته إذا كان يعبر عن فسيفساء من تراكيب رصينة توحي بجمالية دفينة مستوحاة من رهف الإحساس الذي يجمل نفسيتها الداخلية· الأقرب للأنوثة زينب عامر، شاعرة وناقدة ومذيعة في إذاعة إمارات إف إم تقول: الكتابة هي لغة الروح، وبما أنها كذلك فالروح عند المرأة دائما هي الأطغى على جميع الأصعدة، والعاطفة في جميع حالاتها جياشة أكثر عند الأنثى من الرجل، فأظن ومن خلال تجربتي الكتابية أن الكتابة هي اختناق الروح بالبوح، لتفيض بعده بما يعذب سمعه وينعه، وحين القطاف تكون الثمار قد أينعت، أما الكتابة التي تأتي لمجرد إثبات الوجود دون الداعي الوجداني، فهي كتابة نظمية لا طعم فيها ولا لون، تموت بها صنعة النص الأصلية التي تحاكي الحاجة الإنسانية إلى ما يعبر عنها، واللسان هو حلقة الوصل بيننا وبين هذا العالم الشاسع، ولولا لغاتنا لما تواصلنا ولما استنطقنا الجمال، لذا فالأنثى التي تكتب بدون دافع عاطفي وروحاني، هي بالأحرى تعبث مع من هم أوسع منها هماً، وتلبس قلنسوة لا تليق برشاقتها المفرطة جمالاً وأنوثة، لنترك نحن النساء مهمة الحكمة والمعارك القبلية للسان الرجل، فهناك ما هو الأقرب لأنوثتنا، والأحق بأقلامنا، والأحرى بعذاباتنا التي لا يدركها إلا قليل من العارفين· التنفس والتنفيس مريم ناصر، كاتبة تقول: أعتقد أن الكتابة حاجة إنسانية مشتركة مثلها مثل التنفس والتنفيس أيضاً، تنفيس الأفكار وتجارب الحياة المختلفة، والثقافة التي نكسب جديدها دائماً، ولا أحب التفريق بين كونها متنفسا عند المرأة فقط، فهي بالتأكيد متنفس أيضاً عند الرجل كذلك، والمرأة بطبيعتها عاطفية و حساسة لما حولها لذا فمن الطبيعي جداً أن تكتب و أن تبرع في ذلك، ولذلك كله تكتب المرأة· أنواع الكتابة كلثم عبد الله، شاعرة وأديبة: الكتابة في حياة المرأة تأتي بثلاثة أنواع، النوع الأول تكون بالنسبة لها عبارة عن ترف، بمعنى أنها تكتب لمجرد الكتابة لامتلاكها المال فتكون شبه متفرغة لكتابة بغض النظر عن قيمتها الأدبية، فيكون همها الوحيد هو تواجد اسمها وتداوله، أو تكون ذات اسم وصيت واسع فتلجأ للكتابة لحفظ اسمها سواء أكان حقيقياً أو مستعاراً، والمرأة من هذا النوع تجدها تكتب من أجل الكتابة، وليس الهدف منها تبني قضية أو حتى لفت النظر لظاهرة يتوجب حلها، بل ينصب همها في إصدار كتاب بغلاف جميل يجذب القارئ لاقتنائه دونما الاهتمام بمضمونه· أما النوع الثاني فتكون الكتابة فتكون الكتابة بالنسبة للمرأة كتعبير عن هم ومعاناة وإحساس بمن حولها وبقضايا المجتمع، وما يختلج في نفسها من إرهاصات وهواجس تلجأ من خلال الكتابة إظهارها على شكل متنفس، إذا ما صعب عليها التصريح والمواجهة، فتتخذها مهرباً من واقعها الذي تعيشه، خاصة إذا كان واقعاً مؤلماً يُشكل حجر عثرة في طرق مواصلتها الحياة· والنوع الثالث هناك من تثبت نفسها بالكتابة لتحدي الرجل بقدرتها على التعبير أسوة به، بل وتتفوّق عليه في أحيان كثيرة، ويجتمع النوعان الأول والثاني ليشكلا النوع الثالث، وأعرف الكثير من الكاتبات بظروف مختلفة وتكون صعبة في أغلبها، ولكنها تقف شامخة لتثبت بأنها تتسلح بكتاباتها وتقف في وجه الظروف مهما كانت، فقط من أجل إظهار قوتها الكتابية والتعبيرية، خاصة في مجتمع كمجتمعنا الشرقي الذي تكون للرجل كلمته، وبالأخص فيما يتعلق بكتابة المرأة سواء أكانت شاعرة أم كاتبة، فيكون ذلك بمثابة العار أو الإحراج عند بعض الأسر، لذا تلجأ الكثير من النساء إلى الكتابة بأسماء مستعارة، وبالتالي لا تضع حداً أو نهاية عندما يتعلق الموضوع بكتاباتها، فتواصل حتى في أصعب حالاتها، فهدفها من الكتابة أولاً وأخيراً هو إشراك المجتمع قضاياها ورؤاها وفكرها، ومن خلالها تحقق الاسم والشهرة إذا ما وجدت القبول والاستحسان من الآخرين، وبذلك تثبت نفسها ككاتبة لها قلمها الحر· بلا إجابة سلمى فاضل، شاعرة، تقول: حقيقة سؤال راودني كثيراً (لماذا تكتب المرأة؟) لم أجد الإجابة بعد، ولكن عني أنا شخصياً، فأنا أكتب لأنني أجد راحتي في الكتابة، قد تكون طبيعتي الكتومة هي التي فرضت عليّ اللجوء للكتابة، ولكني وكما أسلفت فإني عبر الكتابة أستطيع التعبير عن رأيي والتنفيس عن مشاعري بحرية أكبر، وأحمد الله على هذه الموهبة فلولاها لعشت عمري بالكتمان· ودائماً ما أردد هذه الأبيات بيني وبين نفسي: ''أنا أكتب لأني ما أعرْف أحكي! أو الأحرى، ألاقي راحتي أكثر وإذا احسست إني لازمٍ أشكي أحس إني على الأوراق بس أقدر!''· صراعات خفية باسمة يونس، كاتبة، تقول: لن نضع المرأة في إطار يبعدها عن مجتمعها وعن الاعتراف بها ككاتبة مبدعة كما هو حال الأدباء مع الرجال، فالمرأة مبدعة ولديها قدرات فكرية وطاقة هائلة في مجال الإبداع والخيال، لكن لاشك بأن هناك بعض الصراعات الخفية التي تحدث من قبل أشخاص معينين، رغبة منهم في التقليل من قيمة ما تقدمه، لذا يحاولون القول بأنها تتنفس الحرية التي حرمت منها من خلال الكتابة، وهذا برأيي هو حال الكاتب الرجل أيضا، فهو يتنفس الحرية من خلال الكتابة كذلك· ويمكنني الرد بشكل أوضح وأشمل، بأن الكاتب يعبر عن داخله من خلال قلمه وكلماته، كما يعبر الفنان عنها باللوحة والريشة، والممثل يدخل في شخصيات متنوعة بحثاً عن حرية التنقل بين الشخصيات التي يحلم بها، أو يرغب بأن يكون جزءاً منها، والشاعر يطلق قريحته التي تتعلق بأجنحة الطيور وتتمنى لو كانت تملك هذه الأجنحة· وقد اتفق جميع الكتاب بالماضي واليوم على أن المبدع في المجالات الفكرية والأدبية بحاجة ماسة إلى الحرية، وهذه الحرية قد لا تتأتى له من خلال حياته الاجتماعية وأية قيود أخرى يفرضها عليه العمل أو الارتباطات الضرورية، ومن هنا فهو يخترع لنفسه عالماً جديداً يطلق فيه حريته وقلمه ومخيلته، ويبتعد عن الواقع الذي يضعف قدراته أو يحوله إلى إنسان عادي وتقليدي، فالمبدع بحاجة إلى مساحات واسعة وإلى أحلام أكبر من الحقيقية التي يعيشها، وملكة الكتابة التي وهبها الله تعالى لهؤلاء، هي أغلى وأثمن من كل أموال العالم، وهي تحقق متعة الحرية لنفسه، فالكتابة هي الحرية، والتعبير عما يجول في الخاطر هو الحرية، والبوح بمكنونات النفس هو الحرية· تقدير الرجل برديس فرسان خليفة، شاعرة وإعلامية، تقول: أرى بأن المرأة تلجأ إلى الكتابة لإثبات قدرتها، ليقينها بأن لديها ما يجب أن يُقال ويظهر للآخرين من خلال الشعر أو أي نوع آخر من فنون الأدب، والدليل على ذلك بأن الكثير من الكاتبات والشاعرات لم يظهرن بشكل ملفت لمجرد أنها أنثى بلفت نظر الرجل لها، بل وجدت بأن هناك رسالة يجب قراءتها من قِبل الرجل والمجتمع، لقضاياها وهمومها وما يختلج في نفسها من خلال الشعر والقصة· أما التنافس قد يكون الوقت مبكراً على ذلك، والتنافس على وجه العموم غير محبذ في مجال الكتابة للجنسين معاً، فالإبداع وحده الحكم الذي يفصل بين كتابة وأخرى، والدليل أن أغلب الكاتبات لسن منافسات بل مشاركات في الإبداع، ولتكون الكتابة متنفساً بعيداً عن الشد العصبي الذي يكمن في التفكير في المنافسة، لتكون هناك مساحة من الحرية في التعبير، خاصة وأنها مرت بوقت مؤلم حيث لم يكن يُسمع لها صوت في ظل سيادة الرجل، فتكون الكتابة هي ترجمة عنها وعما يدور في خلدها، خاصة في بعض المواضيع التي لم يتجرأ الرجل في طرحها لحساسيتها، فوجدت المرأة الجرأة والقدرة على التعبير وبشكل متقن لتشرك مجتمعها في بحثها وحلها· وأضيف أن تقدير الرجل لكتابات المرأة واضح، حيث دفعها ذلك لتقديم الأفضل والمضي قدماً نحو الإبداع، وهذا ما يتضح من خلال نشر كتاباتهن في مطبوعات يديرها رجال، مما يؤكد بأنه لا مجال للعنصرية عند حضور الإبداع، فالإبداع إبداع، والدليل أن هذه المطبوعات تخصص صفحات وأعمدة لكاتبات، لهن متابعون وقراء، وما زالت تفتح ذراعيها وصفحاتها لهن ولإبداعاتهن منذ سنوات وللآن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©