الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إغلاق جوانتانامو... وعْد أوباما المؤجل

4 مايو 2013 22:17
إيريك بوزنر أستاذ القانون في جامعة شيكاجو في مؤتمر صحفي عقده مؤخراً، أعاد أوباما التأكيد بأنه يريد إغلاق معتقل جوانتانامو، لكن الكونجرس يمنعه من ذلك، قائلاً: «إنهم لا يرغبون في إغلاق المعتقل»، والحال أن الأمر مغاير تماماً، فالرئيس يستطيع الوفاء بتعهده إن كان يريد فعلاً إطلاق سراح المعتقلين على نحو قانوني. ورغم العراقيل التي وضعها الكونجرس وقد عقّدت الأمر قليلاً، فإنه ليس مستحيلاً إغلاق المعتقل. وبصرف النظر عما يقوله أوباما يبدو أنه غير راغب في إغلاق مركز الاعتقال سيىء السمعة. وفي هذا السياق يبرز القانون الذي يبيح لأوباما الإفراج عن المعتقلين، وهو قانون «رخصة الدفاع الوطني» الذي يؤيد ويدعم الحرب التي شنّها الرئيس على «القاعدة» والشبكات المرتبطة بها، وهي أيضاً الرخصة التي مُنحت له بموجب قانون آخر يسمى «رخصة استخدام القوة العسكرية» الذي اعتمد في أعقاب هجمات 11 سبتمبر. وبمقتضى القانون الأول، رخصة الدفاع الوطني، يمكن للرئيس احتجاز المقاتلين الأعداء، ومنع نقلهم إلى داخل التراب الأميركي، لكنه لا يمنع الرئيس من الإفراج عن المعتقلين، ذلك أن المادة 1028 من القانون المذكور تسمح للرئيس بتسليم هؤلاء المعتقلين إلى حكومات أجنبية على أن تكون مستعدة للقبول بهم. وهنا تبرز مشكلة رفض أغلب الحكومات القبول بالمعتقلين، فيما اليمن التي يمثل معتقلوها 90 في المئة من إجمالي نزلاء جوانتانامو لا تستطيع ضمان السيطرة على المعتقلين، وهو شرط تسليمهم إلى السلطات الأجنبية. لكن في بند آخر من القانون يمكن للرئيس إطلاق سراح المعتقلين إذا ارتأى بأن الحرب على «القاعدة» وبقية التنظيمات الإرهابية المرتبطة بها لم تعد قائمة، وبأن عمليات مكافحة الإرهاب قد انتهت. فالرئيس باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة له الحق في إنهاء الأعمال العدائية مع «القاعدة»، ولا يحتاج من أجل ذلك سوى إعلان انتهاء الحرب رسمياً. والأمر هنا لا يتعلق بإحدى الصلاحيات الخلافية للرئيس الأميركي، بل بحق أصيل يكفله الدستور، وله العديد من السوابق، حيث لجأ عدد من الرؤساء الأميركيين إلى إنهاء الأعمال العدائية دون أن يتطلب ذلك عملاً تشريعياً من الكونجرس، وقد حدث هذا الأمر في حرب فيتنام والحرب الكورية والحربين العالميتين الأولى والثانية، هذا ناهيك عن تأكيد المحكمة الدستورية لهذا الحق الأصيل للرئيس الأميركي. وحتى من الناحية الأمنية والعسكرية لا يوجد ما يمنع أوباما اليوم من إعلان انتهاء الحرب على «القاعدة»، لاسيما بعد دحر النواة الصلبة للتنظيم، وقد ألمح أحد مسؤولي وزارة الخارجية مؤخراً إلى أن نهاية الحرب مع «القاعدة» باتت وشيكة مع استكمال سحب القوات الأميركية من أفغانستان خلال السنة المقبلة. وإذا كانت بعض بنود قانون رخصة الدفاع الوطني تمنع الرئيس من نقل المعتقلين إلى داخل أميركيا وإبقائهم في جوانتانامو، إلا أن القانون لو طبق بحذافيره لمنع الرئيس أيضاً من ترحيل المعتقلين إلى الخارج، ليبقى الخيار الوحيد بموجب القانون الذي وضعه الكونجرس وصادق عليه البيت الأبيض هو إبقاء المعتقلين محتجزين إلى ما لا نهاية، وهذا أمر مشكوك في شرعيته، ولا يمكن القبول به بموجب الدستور الأميركي. وعندما رخصت المحكمة الدستورية في عهد بوش باحتجاز المقاتلين الأجانب في سجن جوانتانامو إلى ما لا نهاية، فذلك لأنها راعت القانون الصادر حديثاً بشأن الدفاع الوطني والظروف التي كانت فيها أميركا وقتها بعد شن حربها على «القاعدة»، أما اليوم وبعد انتهاء الأعمال العدائية التي يستطيع أوباما الإعلان عنها وقتما يشاء، فإن الأمر مختلف وما عاد هناك مبرر لعدم إطلاق سراح المعتقلين. لذا لابد من اللجوء إلى التأويل الديمقراطي لبنود قانون رخصة الدفاع الوطني الذي يعقد من خلاله الكونجرس عملية إغلاق جوانتانامو وقراءة القانون في سياق الحرب على الإرهاب وليس خارجها، لاسيما وأن المحكمة الدستورية نفسها اعترفت للرئيس بحقه في تأويل القوانين والتشريعات التي تنطوي على قدر من الغموض؛ ولأن أوباما يمكنه تأويل القانون وليس خرقه، فهو لا يستطيع بموجب القانون إطلاق سراح معتقلي جوانتانامو إلا بعد عرضهم على المحكمة وصدور قرار بذلك، وهو أمر غير موجود حالياً ليبقى الحل الأمثل إعلان انتهاء الأعمال العدائية حتى لا يتم التعامل معهم كمقاتلين أجانب، وبالتالي لا ينطبق عليهم قانون رخصة الدفاع الوطني الذي يقتصر تطبيقه على المقاتلين الأجانب. وفي هذا السياق لا يمكن القول إن أوباما متحرج من توظيف صلاحياته التنفيذية كرئيس للولايات المتحدة لاستصدار قرار رئاسي بإنهاء الحرب على «القاعدة»، لاسيما وأنه سبق وأن أصدر قرارات دون اللجوء إلى الكونجرس، مثل تدخله العسكري في ليبيا. وإذا أعلن أوباما انتهاء العمليات القتالية، لن ينظر القانون إلى المعتقلين على أنهم عناصر تمثل خطراً ماحقاً على الأمن القومي الأميركي، وسيتم التعامل معهم كسجناء عاديين يمكن الإفراج عنهم. وبالنسبة للذين لا يستطيعون الذهاب إلى بلدان أخرى يمكنهم التقدم بطلبات اللجوء السياسي، أما الذين لا تثبت بحقهم تهمة جنائيـة فيتعين إطـلاق سراحهم. هذا الأمر قد لا يكون مستساغاً من الناحية السياسية، لكن لا غبار عليه من الناحية القانونية. المشكلة أن أوباما نفسه ليس جاداً في إغلاق جوانتانامو، رغم تعهده بذلك، بل يوظف العراقيل التي يضعها الكونجرس من خلال التشريعات والقوانين، لتجميد الموضوع، لاسيما وأن الرأي العام ما زال رافضاً إغلاق المعتقل، وأي محاولة للقيام بذلك ستؤجج غضب الكونجرس. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©