الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أسماك الإمارات» خلاصة رحلات ناصر الكاس البحرية

«أسماك الإمارات» خلاصة رحلات ناصر الكاس البحرية
17 مايو 2014 20:04
هناء الحمادي (رأس الخيمة) البحر هذا الجبار المتمرّد، الذي يمتدّ إلى مرمى البصر، لم يزل الإنسان أسير أمواجه وزرقته، ومع ذلك كانت رائحة البحر الأوكسجين الذي يهب الحياة، وذكريات الليالي التي يزينها القمر سلوى الناس الذين يقطعون الوقت في تذكرها، وتفاصيل التعب اليومي زادهم الذي يشعرهم بأنهم أقوى من أي شيء. والوالد ناصر حسن الكاس آل علي نموذج للبحارة الذين تغرّبوا، وجابوا البحر بحثاً عن لقمة العيش، عاش كما عاش أقرانه تجربة الابتعاد عن الوطن، وتحسس عن قرب شعور الإنسان، وهو بعيد عن أهله ووطنه وسط محيط هادر ليس للإنسان إزائه سوى التسليم لمشيئة الله تعالى. وحكاية ناصر الكاس، في عالم البحار بدأت مع حكاية الرزق والتعب ورحلة المغامرة، ورحلة السفر بين أزرقين هما البحر والسماء ولا شيء بينهما سوى هموم تلك الوجوه المخضبة بشمس الانتظار والتطلع دوماً صوب الشواطئ البعيدة عن الأهل والأحبة، حيث لم تكن رحلة الغوص قديماً مثل تلك الرحلات العادية، بل كانت في ظل ظروف قاسية وبوسائل صيد بدائية عاش عليها أهل الخليج. رحلة الغوص يسترجع ناصر الكاس ذكرياته برفقة والده في بداية الأمر عبر رحلات الصيد التي كانت محفوفة بالمخاطر حيناً، وحيناً آخر تمتلئ بالخير الوفير من الصيد، ويقول: «عندما دخلت أغوار البحر كان عمري حينذاك عشر سنوات، كنت حينها أتعلم من الوالد تلك الجولات البحرية مع الغواصين من لحظة إبحار السفينة «الشاحوف»، وحتى العودة إلى شاطئ البحر الذي كان يعج بالأهل والأقارب لاستقبال الغواصين الذين يمكثون في عرض البحر لعدة شهور بحثاً عن الرزق. ورغم أن الكاس لم يتلق تعليمه في المدارس، فقد حفظ القرآن الكريم على يد مطوعة الفريج، وهي امرأة في الخمسين من العمر، ثم أصبح يرافق والده في حلة وترحاله في رحلات الغوص وطلعات البحر، لتبدأ مرحلة صيد اللؤلؤ، حيث إن لكل إمارة «هيارة» خاصة بها، ومواقع محددة لاستخراج اللؤلؤ. ويقول: «يتألَّف طاقم السفينة من 40 غواصاً و40 سيباً من الذين يمسكون بحبال الغوص و20 من الجلاس الذين يقومون بفلق المحار، بالإضافة إلى النوخذة، والمجدمي، والنهام (المنشد). ويقول: بعد عودتهم من رحلة الغوص الكبير أو غوص الصيف، حوالي 4 شهور يعودون مرة أخرى إلى البحر في (ردَّات) صغيرة تستغرق كل ردّة 15 يوماً، حتى يحل الشتاء، آنذاك يتقلص عدد (الغيص) من 40 غواصاً إلى 10 غواصين، وكذلك السيب، وكانت (تبات) الغوص تلك تسمى المثناة، وفي حين تقلصها إلى خمسة غواصين كانت تسمى مثلوثة. والكاس مرحلة ذهابه إلى الكويت وعمله هُناك في مجال المراكب وانتسابه لمدرسة المرقاب المسائية، وتعرفه على برنامج التراث الذي كان يبث كل يوم اثنين ووقتها استمع إلى عبد الله الطائي، وهو يتحدَّث عن تاريخ الإمارات وتراثها ومنطقة جلفار وغيرها، ثم ترك المدرسة لكثرة انشغالاته ومسؤولياته. الاستعداد للرحلة يذكر الكاس أن الاستعداد لرحلات الغوص كان غالباً يتم قبل شهر، ويبدأ ساعة أن يُعلن النوخذة النية للقيام برحلة غوص، حيث يتقدم البحارة الذين لديهم النية للذهاب في رحلات الغوص ويوقع معهم «بروه»، وهو عقد، ويعطيهم الخردة «المال» لشراء احتياجاتهم واحتياجات عائلاتهم حتى الرجوع من الغوص. ويضيف: «تبدأ الاستعدادات لرحلات الغوص التي تتصف بالمشقة والتعب والصعوبة وتغيرات موج البحر أثناء تقلبات الطقس، من مطلع الفجر حتى المغيب، ومن ثم يتناولون (السح) التمر والقهوة، بعدها يبدأ الغوص، حيث ينزل الغواصون إلى البحر واضعين على أنوفهم (افطام)، وهو يشبه الملقط ليمنع التنفس أو دخول الماء إلى الانف، كما يربط الغيص في إحدى رجليه (الحصاة)، وهي عبارة عن حجر أو رصاص يصل وزنه من 10 إلى 14 رطلاً للإسراع به في النزول إلى الماء، فإذا وصل نزعها من رجله فيسحبها السيب بواسطة حبل يطلق عليه (الزيبن)، كما ينزل الغواص إلى الماء ومعه (الديين)، وهي السلة المصنوعة من حبال (الكمبار)، أو القطن يضعها الغواص في رقبته يجمع فيها المحار، وتكون مربوطة من خصره بحبل يسمى (البدا)، وهو الذي يهزه عندما يريد أن يخرج من الماء لتصل الإشارة إلى السيب الذي يقوم بسحبه من الماء، مؤكداً أنه خلال تواجده في رحلات الغوص كان يعمل في فلق المحار مع طاقم الجلاس. تأليف الكتاب يحلو الاستماع لذاكرة الحنين التي يسردها الكاس الذي يعد من أول الذين جمعوا أدوات الصيد والغوص القديم، وأحد الذين ساهموا بتأسيس جمعية ابن ماجد للفنون الشعبية والتجديف، منذ كان عضواً في فرقة آل علي للفنون الشعبية في السبعينيات وقد ألف كتاباً يحمل اسم «أسماك من الإمارات»، وصل عددها إلى ما يُقارب 175، نوعاً منها يتكاثر في فصل الشتاء وأنواع أخرى في الصيف. يذكر الكاس رحلة الكتابة التي استغرقت 18 شهراً لإنجازه، والذي يضم أقساماً تنوعت بين الأسماك المختلفة التي تعيش في مياه دولة الإمارات، والشعاب المرجانية، والأصداف، والأعشاب البحرية، وأدوات الصيد، ويقول: «لم تكن رحلة البحث عن أنواع الأسماك سهلة، بل كنت أتنقل بين سوق السمك في رأس الخيمة من (7 - 1) ظهراً إلى سوق السوق في منطقة المعيريض من (4 - 11) ليلاً، حيث كان برفقتي مصور لالتقاط مجموعة كبيرة من الأسماك التي يجلبها الصيادون من رحلات الصيد في عرض البحر، والتي تكون شباكهم محملة بخير وفير لأسماك مختلفة الشكل والحجم والاسم، وخلال تواجدي في السوق حين يقوم البائعون بعرض الأسماك للبيع، غالباً ما اقتنص الفرصة لتصوير تلك الأسماك واسأل بائعي السمك من المواطنين الذين لهم خبرة كبيرة في أنواع الأسماك التي تعيش في مياه الإمارات، عن موسم الصيد، وطريقة صيدها وأوقات الصيد. ويلفت الكاس: «مياه الإمارات بها الكثير من الأسماك الغنية بالفوائد الغذائية، منها ما هو معروف لدى أهل الإمارات ومنها ما يجهل البعض أسماءها، لكن من أهم الأسماك المشهورة والمعروفة والتي تتصف بمذاقها الطيب هو سمك «الكنعد» الذي يتوفَّر في فصل الشتاء وبداية الصيف، حيث يعرف الصياد وجوده من خلال رائحة البحر والإفرازات التي يفرزها، أيضاً الخباط، والقباب، والصدأ، والهامور، والسلطان إبراهيم، ونقرور، وبدحه، وخن، وغيرها من الأسماك الأخرى التي لها طرق مختلفة في الصيد والتي تتنوَّع بين الصيد عن طريق الحداق، أو القراقير، أو السكار. ويذكر الكاس في كتابه أيضاً أهم أنواع غذاء الأسماك بين القواقع التي توجد في الشواطئ، والمحار حيث يتواجد بكثره في منطقة لحليلة بين خور الرمس وخور خوير، وبعو صغير الذي يتواجد في شواطئ الإمارات وخاصة في رأس الخيمة، وكيزان الذي يسمى النورة حالياً، بالإضافة إلى الأعشاب البحرية التي تتربى فيها الأسماك وتتغذى منه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©