السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الطراقة والروابة».. قصة حب بحرية.. وقصيدة غزل الشبكة

«الطراقة والروابة».. قصة حب بحرية.. وقصيدة غزل الشبكة
18 مايو 2014 11:46
ياسين سالم (الفجيرة) «الطراقة»، إحدى المهن التقليدية القديمة لأهل البحر في دولة الإمارات، وتعني صناعة شباك صيد الأسماك وهي بحاجة إلى مهارة وتركيز، فصناعة الشباك كما يقول إبراهيم بن عبدالله حريب، أحد الخبراء في الطراقة، وعضو جمعية الشحوح للتراث الوطني في أبوظبي بحاجة إلى خبرة وحب لمهن البحر، وهي تقوم على الخيوط «النايلون» القويَّة والسميكة التي تصنع منها شباك صيد الأسماك الكبيرة، مثل الكنعد والقباب، ومنها الرفيع ويصنع منها شباك صيد الأسماك الصغيرة مثل القرفة والضلعة والصومة. مهنة الطراقة، كما يقول ابن حريب من المهن القديمة لأهل الإمارات، فهم كانوا يركزون على البحر في معيشتهم بشكل أساسي، لذلك يعتمدون على أنفسهم في إعداد وتجهيز كل ما يتعلَّق بصيد الأسماك، ومنها الشباك، فكانوا يشترون الخيوط ويصنعونها بطريقة الطرف فترات تستغرق الأيَّام والأسابيع حسب نوع وحجم الليخ، وكذلك مهارة وخبرة الطريق. يُعتبر إبراهيم بن عبدالله من الرواد في هذه المهنة، حيث تعلم على يد النواخذة الكبار، ويقول: كنَّا في الماضي شعلة نشاط لا تهدأ، وحتى في وقت دخول الظلام ترى الصيادين على أهبة الاستعداد، فهم يراقبون البحر على مدار الساعة، وسعيهم للرزق جعلهم يناضلون في كل لحظة، والشيء المهم خلال تلك الفترة، أن الأب كان يعلِّم ابنه وهو في السابعة من العمر مهارات البحر، ويجعله يعتمد على نفسه، لذلك كان للأبناء دور أساسي في الصيد وشؤون البحر. طرف الشبك ويدهشك إبراهيم بن عبدالله، وهو يطرق الليخ بمهارته، فبعد أن مد رجله وربط طرف الشبك في إبهام القدم تناول الشبرية، وهي قطعة خشبية أنيقة لف عليها الخيط، وبدأت يده اليمنى تطرق الليخ وتنتقل بخفَّة ومهارة عالية بين فتحات الشبك، وتظل اليسرى ممسكة بالطرف الآخر من الشبك، الذي لف بقطعة خشبية أخرى تسمى المسند لعمل توازن بين فتحات الشبك، فأي خلل كما يقول في فتحات الشبك يؤدي إلى عيوب لا يستقيم الشبك معها، ويشير إلى أن عملية الصيد بحاجة إلى شباك بمواصفات خاصة، لأن أي خلل بهذه المواصفات حتى لو كان بسيطاً يضر بالصيد، فالطرّيق يجب عليه الإلمام بشكل محكم بموضوع سمك الخيط وتساوي الفتحات، لأن هذا يؤثر في عمق الليخ، وبالتالي يحدث الخلل في مستوى الطول والعرض ويكون شكله في البحر غير منتظم ويتسبب في ابتعاد الأسماك، فالطراقة مهمة صعبة وبحاجة إلى تخصص ودقة. حركة الأسماك أما الروابة، كما يقول إبراهيم بن عبدالله، فهي الطريقة الأخرى المرادفة للطراقة، وهي تختص بترميم الشباك بعد التمزق الذي يتعرض له الليخ جراء قوة وحركة الأسماك الكبيرة في أثناء الصيد، أو تعلق الشباك في الصخور أو اليسر، و«اليسر هو حسب مصطلح أهل البحر في الإمارات يطلق على الشعب المرجانية الحادة» حيث تتسبب التيارات البحرية القوية والمعروفة هنا بالمايه بجرف الشباك وتمزيقها، ولا تقل الروابة أهمية عن الطراقة، فهي بحاجة إلى تركيز ومهارة وخبرة، وهي تقوم على الطراقة وأي خلل في الروابة يؤدي إلى خلل في كامل أركان الشبكة. وعند «الروابة» لا بد من مراعاة نوع وسمك الخيط وحجم فتحة الليخ حتى يعود الليخ إلى وضعه الطبيعي السابق، حيث كان أجدادنا كما يذكر إبراهيم بن عبدالله يعطون مهنة الطراقة جل الاهتمام حتى أصبحوا من الخبراء في ممارسة هذه المهنة، التي تكاد اليوم تندثر لولا الجيل السابق الذي يناضل من أجل المحافظة على مهن «زمن أول» من خلال مشاركته في المهرجانات التراثية التي تقيمها الدولة بين الفينة والأخرى. ويطالب إبراهيم بن عبدالله بضرورة تنظيم ورش لطلاب المدارس وتعليمهم هذه الحرف والمهن البحرية حتى يكونوا ملمين بها، ويمارسونها ومع عدم الاعتماد على العمالة الوافدة في الأمور التي تخص التراث والمهن التقليدية لدولة الإمارات، وأن تكون ممارسة هذه المهن في صلب اهتمام الأبناء لأنه موروث ذو قيمة تاريخية فضلاً عن أنه مهارة من الضروري إتقانها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©