مجدي عثمان (القاهرة)
«ماسحا للأحذية، فحمالا، فمغنيا في ملاه رخيصة، كنت أصارع نهاراتي بلا كلل كي أبحث عن مخرج شريف ونقي للفقر المدقع، وكنت أصر على أن أتواجد راقصا على الأيام، كنت أتواجد بين أقراني كفرد فاعل لا يتعب من البحث والعمل»، هكذا تحدث الفنان التشكيلي السوري سهيل بدور عن فضاء تجربته لدى افتتاحه لمعرضه «موسيقى الصمت» بقاعة النيل بالزمالك بالقاهرة.
ويوضح بدور أنه إذا كان كفنان نتاجا لتجربة فنية عربية خالصة، رغم أنه نوّع في شكل التجربة وليس بمضمونها، وإنه لابد من الاعتراف أن حيرة الثقافية العربية والفن جانب حيوي من كيانها، قد قادت الكثير من الفنانين إلى مفترق طرق، وبالتالي كان من الصعب أن تبقى تراوح مكانها أو أن تتقدم بسهولة ويسر.
عاصر بدور تجارب فنية عربية، وهي في غاية الأهمية، عاصرها وهي تنقب عن هوية للفن التشكيلي العربي المعاصر ومازالت، ومازال معها ينقب رغم أن هناك صورا جلية وواضحة، لكنه لا يعتقد أنها تعكس التجربة العربية جيدا، ولا تؤكد هويتها، ولعل الزخم في الإرث الحضاري في المنطقة العربية، التي لا تضارعها فنون إرثية كثيرة بهذا الكم، هو مَنْ وضعنا بمواجهة البحث دائما عن الهوية.
بدأ بدور يقترب من المفاهيم الفلسفية بكبر التجربة والخبرة من التجوال المستمر والبحث الدؤوب، ولكنه البحث عبر التبسيط الشكلي أحيانا وبالبحث عن الإدهاش باللون لتعبر إلى الشكل بدفء خاص، وكان يسعى إلى مواضيع إنسانية في سياق عاطفي وانفعالي حول قيم إنسانية، وكان قد آمن أن الفن ليس نشاطا فلسفيا بحتا ولا عمليا خالصا، ربما الفن بالدرجة الأولى إبداعي، وأن العمل الفني في حقيقته فردي غير أن الفنان لا يضيف إلى تراث مجتمعه شيئا يذكر إذا لم يكن له جذور ممتدة في أعماق المجتمع، موضحا أن الشكل الإنساني دائما له مكان مقدس في عمله، لكن كان الاحتفاء في الإنجاز لشخوصه هو السمة الأهم، مغامر، يعرف كيف يقف على الحياة بإصرار، باحثا عن رواح أرحب عبر فرشاته، ومهمته أن يبقى قلقا وهو شرط من شروط حريته.
عدد اليوم
