الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استهداف الأجانب... هاجس في جنوب أفريقيا

16 يوليو 2010 22:42
يبدو "جيم براون"، المهندس الذي يعمل في بلدة "كينسنا" بجنوب أفريقيا متأكداً تماماً من التهديدات المحدقة به، حيث يقول: "بكل تأكيد إننا نواجه خطراً حقيقيّاً"، مشيراً بذلك إلى مخاوف اندلاع أعمال عنف أخرى واسعة ضد الأجانب على شاكلة اضطرابات عام 2008 التي أزهقت فيها العديد من الأرواح وشردت الكثير من الأسر. ويضيف "براون" الذي يدير شركة للبناء والصيانة تعبيراً عن مخاوفه تلك: "لقد بدأت أتلقى تحذيرات منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وخلال شهر كأس العالم أُبلغ الأشخاص الذين يعملون معي بأنه يتعين عليهم المغادرة فور انتهاء المونديال والعودة إلى ديارهم، دون تأخير". وعندما سئل هذا المهندس عمن يقف وراء تلك التهديدات التي تطارد عماله وتنغص عليه حياته في جنوب أفريقيا قال: "بصراحة، من الصعب تحديد المسؤول على وجه الدقة، ولكن يبدو الأمر منظماً، إذ حتى حراس الأمن هنا حذروا الناس من احتمال تعرضهم للأذى في المقبل من الأيام". وقد وصل الأمر بعد انتشار التهديدات ضد الأجانب إلى مؤسسة نيلسون مانديلا التي تتحدث باسمه حيث عبرت هي الأخرى عن قلقها من الشائعات التي يتداولها الناس مؤخراً، والتي تنطوي على مشاعر سلبية واضحة تجاه الأجانب في جنوب أفريقيا، حيث قالت: "لقد رأينا كيف التفت جنوب أفريقيا حول الفرق الأفريقية في كأس العالم وشجعتها دون تردد، ونأمل أن يقود ذلك إلى تقدير أكبر للمكان الذين نعيش فيه بالقارة السمراء وتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقنا، وكما قال نيلسون مانديلا في إحدى المرات إنه: لا يمكننا أن نلوم الآخرين على مشاكلنا الخاصة، كما أننا لسنا أبداً ضحايا لتدفق الأجانب على بلادنا جنوب أفريقيا مثلما يسعى البعض إلى تصوير الأمر". ومع أن الحكومة في جنوب أفريقيا أقرت بانشغالها المبكر إزاء ما يتداوله الناس من أحاديث عن هجمات تستهدف الأجانب، إلا أنها ظلت تصر على كونها مجرد إشاعات تفتقر إلى الصحة، فضلا عن أنه مبالغ فيها، وهو ما ذهب إليه وزير الأمن الجنوب أفريقي "ناتي ماتيوا" بقوله: "هناك أحاديث كثيرة تجري الآن على ألسنة الناس ليست صحيحة بالضرورة، والمشكلة أنها تحدث تداعيات واسعة على الرأي العام وتؤثر على حياة الناس"، ولكن على رغم تطمينات الحكومة، أو سعيها إلى التقليل من شأن الموضوع لم يترك المهندس"براون" مجالا للصدفة، أو المغامرة بحياة مساعديه، حيث قام بإعادة تأهيل بيته ليضم بالإضافة إلى أسرته أسرة المشرف على العمال الذي يشتغل معه، وهو ما كلفه مبلغاً مهمّاً من المال لتحويل مساحة إضافية إلى شقة صغيرة تضم غرفة نوم ومطبخاً صغيراً لاستضافة "بيتر" الذي وصف المكان بـ"الملجأ"، قائلا: "إنهم يهددون بقتلي لأنهم يريدون وظيفتي، ولذا يتعين عليَّ البقاء في هذا المكان حتى أتأكد من أن المنطقة آمنة وإلا أعرض نفسي للخطر". وأضاف "بيتر" أن البلدة شهدت بالفعل حالات عنف استهدفت الأجانب مثل عملية التخريب التي تعرض لها محل تابع للجالية الصومالية، حيث نهب عن آخره، وهو ما دفع بصاحب المحل حسب أحد شهود العيان، إلى إغلاق محله عدا نافذة صغيرة للتعامل مع الزبائن. وما زال سكان البلدة يتذكرون الاضطرابات العنيفة التي اجتاحت المنطقة في عام 2008 وأدت إلى سقوط العديد من القتلى، وهو ما يؤجج مخاوف الأجانب التي لم تعد تثق في تصريحات الشرطة، وفيما يقول "براون" إن المرة السابقة التي اندلع فيها العنف تدخلت فيها الشرطة بقوة وأخمدت فتيله بسرعة، يبدو اليوم غير متأكد من ردة فعل الشرطة وتدخلها السريع. ففي عام 2008 اشترى تذكرة طائرة لأحد عماله المالاويين لينقله إلى مدينة أخرى بعدما تعذر عليه نقله برّاً خوفاً من تعرضه للأذى في ذروة أعمال العنف التي اكتسحت البلاد في تلك الفترة. وفيما يتعلق بتعاطف الشرطة مع أعمال العنف التي تستهدف الأجانب، وهي التهمة التي يلقيها البعض في وجه مسؤولي الأمن المحليين، يقول "براون" إن الشرطة تحسنت كثيراً مقارنة بالمرة السابقة، وأصبحت أكثر احترافية في التعامل مع موجات العنف التي تندلع بين الفينة والأخرى. إلا أنه مع ذلك لا يستطيع نفي "وجود قدر من التعاطف" لدى بعض رجال الشرطة! وفي السياق نفسه أشار عامل آخر من زيمبابوي إلى أن الشرطة لا تريد حماية الأجانب لأنها تعتقد كغيرها "أننا نسرق وظائف المحليين" على حد قوله، موضحاً أن المشكلة لا تقتصر على الأجانب، حيث "كانت المشاعر العدائية، في السابق، تطال المواطنين القادمين من مناطق أخرى للعمل في البلدة بسبب الاختلافات في ثقافة العمل"، مضيفاً أنه فيما "يبدي العمال من مناطق أخرى داخل جنوب أفريقيا جدية أكبر ورغبة في العمل والإتقان وتطوير أنفسهم يمضي المحليون وقتهم في الإقبال على الملذات والكسل وإضاعة الوقت"! والأمر نفسه ينطبق اليوم على الأجانب القادمين من وراء الحدود، حيث "إنهم يأتون من زيمبابوي، أو من مالاوي للعمل، وهم وإن كانوا يحتاجون للتدريب كغيرهم من العمال المحليين إلا أنهم يبدون موقفاً إيجابيّاً ويجتهدون في العمل، وسرعان ما تجدهم يترقون ويسعون إلى أماكن المسؤولية، وبالطبع يخلق ذلك حزازات مع السكان المحليين الذين تجدهم أقل ميلا للعمل". إيفو فيكتور - جنوب أفريقيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©