حديث مع العقل

في صباح يوم مشرق وجميل تملؤه نسمات الهواء العليل، استيقظت وعيناي لا تزالان تريدان النوم على صوت صياح إخوتي أثناء لعبهم. يتبادل إخوتي الأحاديث و الأضحوكات بصوت عال في أثناء العطلة الصيفية. ذهبنا سويا إلى جارنا حمدان ذي الوجه الدائري، والجسم النحيف للعب معه. أخذنا صديقنا العزيز حمدان، وذهبنا إلى المبنى التجاري الذي يحتوي على كل ما تريده. أولاً ذهبنا إلى قاعة الألعاب المليئة بالسيارات الإلكترونية. أخذنا نتسابق أنا وحمدان وإخوتي الثلاثة. بعدما انتهينا، ذهبنا إلى السينما. اخترنا أن نشاهد فيلماً سينمائياً مرعباً. اشترينا بعض الفشار اللذيذ، وحجزنا مقاعدنا. كان الفيلم مرعباً، لدرجة أننا لم نتحمل إكمال الفيلم لآخره. انتقلنا لمشاهدة فيلم آخر ترفيهي، لنعوض ما شاهدنا من رعب. عندما حلت الساعة الثامنة مساء، عدنا إلى منازلنا. دخلت غرفتي وأقفلت الباب بكل هدوء وحذر، كي أسترخي دون أن يزعجني أحد، أو يقطع هدوئي. بدأت أفكر في يومنا الذي قضيناه معاً. لقد استمتعت كثيراً بصحبة صديقي الحميم وإخوتي الصغار الذين كانوا من مسؤوليتي. أحسست بالذنب والندم على ما أضعناه من وقت ونقود في أشياء لا تستحق ونفعلها كل يوم. صرفنا تقريبا ثلاثمئة درهم على هذا اليوم. ضاع كل اليوم تقريباً ونحن في الخارج. أخذت أفكر في طريقة أو وسيلة بديلة يمكنني أن أستفيد بها من وقتي. سمعت صوتاً خفيا خافتاً يناديني من بعيد بكل حيلة وهدوء. - أحمد! يا أحمد! كاد الرعب يقتلني من شدة الفزع. نظرت خلفي وأمامي ومن حولي، ولم أرَ أحداً. - أحمد هل تسمعني؟! أنا عقلك.. لن تتمكن من رؤيتي. اطمأن قلبي وبدأ يهدأ، وارتاح ضميري. - لقد سمعت حديثك الداخلي الذي دار بينك وبين نفسك. - لقد أتيتَ في الوقت المناسب! - الحل موجود وسهل ولذيذ! لقد شوقني العقل كثيراً لمعرفة الحل. أخبرني العقل بأن هذه الطريقة سوف تمكنني من السفر إلى أي مكان أريده. إنها القراءة! تنقلك القراءة وأنت جالس في مكانك تحتسي القهوة، إلى حيث تريد من أنحاء العالم. القراءة هي غذاء الروح، وهواء العقل. ترتقي الأمم بالقراءة وتنهض. يمكننا حل الكثير من المشكلات باستخدام القراءة. فكرت حينها بشراء وتصميم مكتبة صغيرة في البيت. نهضت من فراشي بكل حماس، وخرجت من غرفتي. توجهت إلى أمي، وأخبرتها بالخطة. سعدت أمي كثيراً وشجعتني على تصميم هذه المكتبة. في صباح اليوم التالي، أخبرت أصدقائي بالقدوم إلى منزلي لقراءة بعض الكتب. أعجبت الفكرة أصدقائي كثيراً، وبدأنا نشجع بعضنا على القراءة أكثر وأكثر. إن القراءة حلٌ مثالي لاستثمار الوقت بكل ما هو مفيد، فبالقراءة تنهض الأمم، وتزدهر الحضارات.