الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشراكة الأميركية - الباكستانية... وأسئلة المرحلة المقبلة

8 مايو 2011 22:23
رافقت أخبار مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم "القاعدة" على يد قوات أميركية خاصة في يوم الأحد الذي وافق الأول من هذا الشهر مظاهر احتفالات في واشنطن ونيويورك. أما في باكستان فقد بقي كثيرون ملتصقين بأجهزة التلفزة وهم يتساءلون عما قد يعنيه هذا الحدث لأمن بلدهم وسيادته. ويشير مقتل بن لادن في نظر الباكستانيين إلى أن باستطاعة الولايات المتحدة التصرف باستقلالية ودون أن تتعرض للعقوبة على أراضيهم. ولكن إذا اعترفت الحكومة الأميركية بالقلق الشرعي للجمهور الباكستاني وتعاملت معه، فقد يثبت مقتل بن لادن كونه نقطة فارقة في الدبلوماسية الأميركية. وقد غطت على أخبار مقتل الزعيم الإرهابي بالنسبة لمعظم الباكستانيين أسئلة حول الدور الذي لعبته حكومة بلدهم وجيشها في العملية. ففي خطابه إلى الأمة، أكّد أوباما على أن "التعاون في مجال مكافحة الإرهاب مع باكستان ساعدنا على الوصول إلى بن لادن والمجمّع الذي كان يختبئ فيه". إلا أن كبار مسؤولي البيت الأبيض أصروا أيضاً على أن الولايات المتحدة تصرفت منفردة، وأنه لم يتم إعلام السلطات الباكستانية إلا بعد بدء العملية. وفي يوم الثلاثاء اللاحق للعملية أوضح الرئيس الباكستاني عاصف زرداري أن الضربة لم تكن عملية مشتركة. وقد ركّزت التغطية الإعلامية العالمية على حقيقة أن عمل الولايات المتحدة المنفرد يؤكد على عدم ثقتها بالمؤسسة الأمنية الباكستانية. وفي المقابل، أضعفت عملية قتل بن لادن بشكل إضافي قدرة باكستان على الثقة بالولايات المتحدة ونواياها الإقليمية المعلنة. وتأتي الضربة بعد اجتماع تم الشهر الماضي بين مديري وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) ووكالة المخابرات الباكستانية (ISI)، التي طلبت من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الحدّ من وقع وجودها في باكستان، وطالبت بالمزيد من الإشراف على العمليات الاستخبارية الأميركية على الأراضي الباكستانية. وفي الشهور الأخيرة، توقّف المسؤولون الأميركيون عن إنذار باكستان مقدماً بوجود ضربات من قبل طائرات دون طيار ضد المتشددين المسلّحين في المناطق القبلية. وإضافة إلى ذلك فإن الجمهور الباكستاني لم يتقبل بعد عملية إطلاق سراح ريموند ديفز، المقاول مع وكالة الاستخبارات الأميركية الذي أطلق النار وقتل رجلين باكستانيين في لاهور في شهر يناير هذه السنة. وسوف يُذكي منظور أن بإمكان الولايات المتحدة التصرف دون رادع في باكستان شعوراً بانعدام الأمن. فعلى المستوى الاجتماعي يتساءل بعض الباكستانيين عما إذا كان مقتل بن لادن "هو بداية لعبة النهاية في باكستان". أي بمعنى آخر، بداية المواجهة المفتوحة بدلاً من التعاون بين الولايات المتحدة وباكستان. فهم يخافون من أن تؤدي أية ضربة داخل حدود بلادهم من طرف واحد إلى المزيد من أعمال العنف. وقد أدى تصريح أدلى به قبل أيام رئيس لجنة الاستخبارات الأميركية مايك روجرز بأن اثني عشر من كبار قادة "القاعدة" على الأقل يقيمون في باكستان، إلى التساؤل على نطاق واسع عما إذا كانت الولايات المتحدة تعد لسلسلة من الضربات تنتهك سيادة باكستان الوطنية. ومما فاقم مصادر القلق هذه احتمال تعيين الجنرال ديفيد بترايوس رئيساً جديداً لوكالة الاستخبارات المركزية. وقد انتقد هذا الجنرال بشدة باكستان لأنها في رأيه تحافظ على روابط مع مجموعات متشددة قد تجد ملاذاً آمناً على أراضيها. وأكثر من هذا أن الباكستانيين يشعرون بالقلق بشكل مماثل حول الوضع الأمني في بلادهم. فهم يخشون عواقب الهجمات الانتقامية التي أقسم متطرفو "طالبان" على شنّها بعد بضع ساعات من انتشار خبر مقتل بن لادن. ويشعر كثيرون بالخوف كذلك من حقيقة أنه تم اكتشاف وجود بن لادن في أبوت آباد بالذات، حيث توجد قاعدة عسكرية باكستانية، والأكاديمية العسكرية الباكستانية الشهيرة، إذ تشكل مجرد فكرة أن بإمكان الزعيم الإرهابي الاختفاء تحت أنظار المؤسسة الأمنية الباكستانية فكرة مرعبة. أما الاحتمال الثاني، وهو أن بن لادن كان بحماية الوكالات الاستخبارية الباكستانية، فهو أمر أكثر خطورة إذا تذكرنا أن أكثر من 30 ألف باكستاني قتلوا في هجمات جرت مؤخراً لها علاقة بالإرهاب. وإذا أخذنا في الاعتبار الشعور السائد بالضعف أمام الهجمات، فإن الوقت غير مناسب للاحتفال بالنصر في نظر الباكستانيين. هذا مع أن مقتل بن لادن بالتأكيد، لو تم التعامل معه بطريقة صحيحة، قد يشكل نقطة تحول في علاقة ثنائية متعثرة. وربما يشكل تفسير أساليب العملية فرصة لمزيد من الشفافية في العلاقات الأميركية الباكستانية، وتذكيراً بأنه في الوقت الذي تتباعد فيه الأولويات الاستراتيجية للحليفين في المنطقة، إلا أنها على رغم ذلك متكاملة. وإذا كان مقتل بن لادن، كما يرى كثيرون، ييسّر خطط الولايات المتحدة للانسحاب من أفغانستان، فقد يشكل ذلك دافع تعاون إضافيّاً آخر بين واشنطن وإسلام آباد. هوما يوسف عالمة باكستانية في مركز وودرو ويلسون الدولي بواشنطن ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©