الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أين ثورة الاقتصاد المصري؟

8 مايو 2011 22:24
ربما يمكن القول، وإلى حد كبير، إن الذي أطلق شرارة الانتفاضة المصرية كان هو الوضع الاقتصادي السيئ، حيث كانت الحياة اليومية قد باتت صعبة للغاية، وخصوصاً للشباب المصري الذي تملّكه الإحباط واليأس ولم يعد لديه أي أمل في المستقبل. كان هذا الشباب المتعلم والذكي، هو الذي رأى فساد النظام السابق وهو الذي انتهى به الأمر إلى قيادة الثورة بحثاً عن التغيير. وكان الاقتصاد المصري قد ظل لفترة طويلة من الزمن خاضعاً لسيطرة الدولة، على الرغم من عملية الخصخصة التي استمرت عبر العقدين الماضيين والتي تم في نطاقها تخفيف القيود السعرية، وميزانيات الدعم، وتقليص التضخم والضرائب... إلى غير ذلك من "سياسات السوق"، والتي أدت في نهاية المطاف إلى زيادة الدخل القومي، غير أنها لم تؤد إلى إيجاد توزيع أفضل للثروة. وعلاوة على ذلك، لم تؤد عملية الخصخصة إلى تغيير في النظرة داخل قطاع الأعمال، حيث ظلت تلك النظرة محكومة لحد كبير بعقلية القطاع العام. وفي نفس الوقت لم يسمح قادة الأعمال الكبار للمديرين الشباب في المستويات الوسطى بالقيادة أو الإبداع، وهو ما أدى إلى إحباط واسع النطاق وسط الطبقة العاملة والطبقة الوسطى، خصوصاً فئة الشباب. كما عانى المواطن البسيط من مزيج من البطالة العالية، ومعدلات التضخم المرتفعة، ومحاولات الحكومة تقليص الدعم الموجه لمحاولة إبقاء أسعار السلع الأساسية منخفضة. كما ارتفعت أسعار اللحوم بدرجة كبيرة فاقت قدرة العديد من المصريين، لدرجة أن كثيرين لم يعد بمقدورهم شراء اللحم سوى مرة واحدة أو مرتين في الأسبوع. وفي مرحلة ما بعد الثورة، لم تكن هناك سوى محاولات قليلة من قبل بعض الأحزاب لتقديم برنامج متكامل لمعالجة هذه المشكلات. فقد اندفع بعض الساسة لتقديم حلول غير عملية مثل تقديم وعود من جانب واحد لتقليص أسعار السلع الأساسية، دون أن يشرحوا على وجه التحديد كيف سيقومون بذلك، ولا كيف سيحصلون على الأموال التي ستتيح لهم الوفاء بمثل تلك الوعود. إن مصر لا تستطيع الاستمرار في السير على هذا الطريق. لقد غيرنا أشخاص النظام، لكننا عجزنا عن معالجة اختلالات النظام ذاته. ينبغي إعطاء الأولوية في هذه المرحلة لإجراءات مكافحة الفساد، كما يتعين إجراء إصلاح في النظام المصرفي بكامله، وخصوصاً الإجراءات المتعلقة بالإقراض والاستثمار، وذلك من أجل تشجيع مشروعات الطبقة المتوسطة التي ستوفر منفعة إضافية تتمثل في توفير الوظائف للكثير من العاطلين. وفي هذا السياق، تتوجب إتاحة الفرصة للطبقة المتوسطة للاستفادة الكاملة من نظام الإقراض الذي ظل حتى اللحظة الراهنة مقتصراً على المشروعات الكبيرة. وهناك حاجة على وجه الخصوص لاستثمارات خاصة في مجال السياحة والتصنيع. كما ينبغي العمل في نفس الوقت على تقليص دور الجيش كجهة تشغيل، ذلك لأن اعتبار الجيش جهة رئيسية للتشغيل ليس بالوضع الذي يمكن أن يساعد البلاد، سواء في ترقية اقتصادها، أو في تحولها نحو النظام الديمقراطي المنشود. لقد قام المجتمع الدولي بتقديم مساعدات عاجلة إلى مصر سوف تكون مفيدة للغاية في المدى القصير، لكن إذا ما نظرنا أمامنا فسوف ندرك أننا بحاجة إلى مساعدة فنية واسعة النطاق. وإذا لم تقم مصر بما يتوجب عليها من عمل في هذا الخصوص، فإن مشكلاتها الاقتصادية سوف تتفاقم. ويكفي في هذا السياق أن نعرف أنه خلال الفترة ما بين يناير ومارس من هذا العام تقلص الاقتصاد المصري بمقدار 7 في المئة على وجه التقريب، وذلك بسبب الثورة وما تم بعدها من جمود في بعض القطاعات الاقتصادية. وكان صندوق النقد الدولي قد تنبأ بأن الاقتصاد المصري سوف ينمو بمعدل 5 في المئة، لكن تلك النسبة انخفضت الآن بحيث أصبحت لا تزيد عن 1 في المئة. إيهاب قطب مراسل "معهد السلام والحرب" -القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©