السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الغرب يخطو نحو عصر المجتمع الهجين عبر الربوتات الذكية

الغرب يخطو نحو عصر المجتمع الهجين عبر الربوتات الذكية
24 أكتوبر 2008 22:42
توحي التطورات المتسارعة التي تشهدها صناعة الروبوتات في بعض الدول المتقدمة، وخاصة أميركا واليابان، بأن عصر (المجتمع الهجين) الذي يتألف من مزيج من الروبوتات الذكية والبشر المعرفيين، أصبح على الأبواب، وتتجلى شواهد هذا التحول الكبير بضخامة الإمكانات المالية المخصصة لبحوث تطوير الذكاء الاصطناعي في هذه الدول· ويمكن القول أن الطلائع الأولى لمجتمع الروبوتات الذكية، بدأت تظهر بالفعل مع ظهور العديد من الأسماء الجديدة مثل (آسيمو) و(ماري) و(آيبو) و(وابوت) والعشرات من (الشخصيات الروبوتية) اللامعة المثيرة للإعجاب بما تحمله من عناصر الذكاء والإدراك الذاتي· قبل عشر سنوات، كان البحث في تطوير الروبوتات لا يهدف إلى أكثر من إثبات القدرة على التفوق العلمي والتكنولوجي في إطار التنافس القائم في هذه الميادين بين أميركا واليابان؛ ولكنّه تحول الآن إلى صناعة ذات أبعاد استراتيجية واجتماعية بالغة القوة والتأثير، وأصبحت الشعوب المعمرة في الغرب واليابان، ترى في الروبوتات الحل الوحيد لظاهرة النقص المتواصل في معدل الشباب، والذي يؤدي إلى تراجع الإنتاج وتعريض الأمن الاقتصادي والصناعي لأخطار الاندثار· ومن بين أشهر هذه الشخصيات، امرأة روبوتية تدعى ''ماري''، وتبدو بمظهر جذاب بالرغم من أنها ليست إلا صفائح مقولبة من الألياف الكربونية المحشوة بالمحركات وبكرات نقل الحركة والدارات التكاملية، وتعد ''ماري'' الإصدار الأحدث في سلسلة متزايدة التطور من الروبوتات التي تمتلك بعض القدرة على الإدراك وتمييز الأشياء، ويكون في وسعها مثلاً أن تمشي بتوازن كامل، ويمكنها أن تميز بدقة بين أشياء تبدو متشابهة في مظهرها، كعلب الأدوية المختلفة، بحيث لا تخطئ بين دواء وآخر، وهي مدربة على أداء الخدمات الطبية بما يجعلها قادرة على العناية بالمرضى ليلاً ونهاراً دون أن تتعب· وتستأثر ماري أيضاً بقدرات أخرى غير مسبوقة في عالم الروبوتات، كتمييز جملة من ملامح الوجه البشرية، كالضحك والتجهّم والعبوس، وبالرغم من أن مهاراتها اللغوية ليست خارقة، إلا أنها قادرة على تمييز الكلام المنطوق، وتفهم الأوامر والاستجابة السريعة لتنفيذها، ولعل الأهم من كل ذلك أن ماري ''رخيصة الثمن''، حيث من المتوقع ألا يزيد ثمن الواحدة منها على مائتي دولار عندما يتم طرحها في الأسواق· وقد يستنتج المرء من هذه الأوصاف التي تحملها ماري أن الروبوتات باتت مخلوقات مدهشة وفقاً لما يعتقده اليابانيون، وهي تحظى هناك بالتطوير المستمر دون انقطاع في عدد كبير من مراكز البحوث، ولن يمر وقت طويل حتى تصبح قادرة على أداء عدد كبير من المهمات الخطيرة والمعقدة وبتكاليف زهيدة، وهذا بحد ذاته يلخص واحدة من أكثر الفوائد التي تنطوي عليها الروبوتات أهمية، فلو كانت ماري مكلفة بفحص مرضى يشتبه بإصابتهم بأنفلونزا الطيور أو الإيدز أو غيرهما من الأمراض الوبائية الخطيرة، فلن يكون هناك خوف من إصابتها بالعدوى· ويفسر الخبراء سرّ احتفال البابانيين بظهور (ماري)، بأنهم من أكثر شعوب الأرض معاناة من نقص الخصوبة، بدأت أعدادهم بالتناقص مؤخراً بعد أن انخفض معدل المواليد عندهم لأول مرة إلى ما دون معدل الوفيات، ومع التطور والنمو الصناعي الهائل الذي تشهده اليابان أصبحت الروبوتات تمثل حلاً لمشكلة نقص الأيدي العاملة الشابة، لأن في وسعها أن تتكفل بأداء أعمال كثيرة دون أن يدركها الإعياء· ويذكر في هذا الصدد أن المعتقدات البوذية التي يتبناها اليابانيون لا تجد أي مبرر أخلاقي للتفريق بين الروبوتات والبشر· وهم ينظرون إلى الأمر من وجهة نظر مجردة تتعلق بالقدرة على الأداء والإنجاز بغض النظر عن المحظورات والعوامل الأخرى· وهذا يعد شرطاً أساسياً لتحرير البحوث المتعلقة بهذا الموضوع الحساس· و(إيما) EMA هو اسم أول فتاة روبوتية ثانية متوسطة الحجم ظهرت مؤخراً في اليابان، وهي من صنع شركة (سيجا كوربوريشن) وكانت النجمة المثيرة لانتباه الخبراء وزوّار دورة عام 2008 لمعرض طوكيو العالمي للألعاب الذي نظم خلال النصف الثاني من شهر يونيو الماضي· يبلغ طولها 38 سنتمتراً وتتميز بقدّها الممشوق وقوامها الملفوف ويمكنها المشي كالمرأة العادية· وهي مصممة بحيث تكون صديقة لكل أفراد العائلة؛ وبالإضافة إلى وظائفها المنزلية المهمة كـ(شغّالة) ذكية، فإنها تهوى مداعبة الأطفال والتسرية عمن تتسلّل مشاعر الوحدة إلى نفوسهم في المنزل· وعندما يقرّب أحد وجههه من وجهها إلى مسافة كافية فإنها تقبّله برقّة وتنشد له بعض الأغاني الخفيفة· ويرى المراقبون الذي عاينوا هذا الابتكار الجديد بأن (إيما) سوف تحظى بسوق رائجة في العالم خاصة وأن سعرها معقول جداً، حيث حدد بمبلغ 175 دولاراً؛ وهو أقل من سعر جهاز موبايل متواضع· ومن الوظائف المهمة للفتاة (إيما)، الترحيب بالضيوف والترفيه عن أفراد العائلة وإيقاظ النيام في أوقات محددة· وتتسابق عدة شركات يابانية لاستثمار هذه الفكرة تجارياً؛ ويتوقع الخبراء أن تصبح الفتيات الروبوتيات جزءاً لا يتجزأ من الحياة المنزلية· ويعود الفضل في ابتداع الفكرة إلى مصمم ياباني بارع يدعى تاكاهاشي سان يعمل في قسم هندسة الروبوتات التابع لشركة (كيوتو روبوت جاراج) وهو معروف على المستوى العالمي بتصميم أشهر الروبوتات اليابانية التي تحمل طبائع الرجال؛ ولكنه فضل الآن إعطاء (المرأة الروبوتية) حقها من الاهتمام فعمد إلى بناء سلسلة من الفتيات الروبوتيات اللائي يجمعن إلى المستوى المتقدم من الذكاء الصناعي، الكثير من أمارات وعلائم الأنوثة· وكانت القدرات الإبداعية الاستثنائية التي تفتّق عنها ذهن تاكاهاشي قد تجلّت مؤخراً ببناء فتاة ذكية مصنوعة من الكومبوزيت أطلق عليها اسم (إف تي) المشتق من الحرفين الاستهلاليين للعبارة الإنجليزية Female Type التي تعني (النموذج الأنثوي)· وهي مجهّزة بمجسّ جيروسكوبي لحفظ التوازن وتجنّب السقوط أثناء المشي أو الرقص· وتستمد طاقتها اللازمة لتحريك الأعضاء من مجموعة بطاريات ليثيوم يمكن شحنها من زرّ منزلي بطريقة مشابهة لطريقة شحن بطاريات الموبايل· وقال تاهاكاشي في معرض شرحه للهدف الذي توخّاه من هذا العمل الإبداعي: لقد آن الأوان لبناء فتاة روبوتية لا تتمتع بالجمال والأنوثة فحسب، بل يمكنها أيضاً أن تمشي وتقوم بحركات مسلية ومفيدة· وتندرج طائفة (الفتيات الروبوتيات) في إطار التطور الكبير الذي طرأ على علم بناء (الروبوتات التفاعلية) interactive roobots التي تتميز بالذكاء الكافي لأداء أدوار ونشاطات اجتماعية محددة· وقبل ظهور هؤلاء الفتيات، كان من بين أشهر هذه الروبوتات الثنائي (جريس وجورج) اللذان يحتكمان إلى ذكاء اجتماعي لافت· ويعود فضل بنائهما إلى خبراء جامعة كارنيجي ميلون ومختبر القوات البحرية الأميركية· ولقد شاركا أواخر شهر يوليو 2007 في معرض الروبوتات المتحركة الذي نظم في مركز الاختراعات الجديدة بمدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا· يبلغ طول كل من (جريس وجورج) ستة أقدام، أو ما يساوي طول إنسان عادي· وتم بناؤهما بحيث يحتكمان إلى درجة عالية من التكيف الاجتماعي كما تم تجهيزهما بنظام لنطق كلمات وجمل محددة· ويمكن تغيير سحنة وجه أي منهما بطريقة رقمية على شاشة تشبه شاشة التلفزيون· ولقد تكفلا معاً بوظيفة تنظيمية تضمنت إرشاد المشاركين إلى قاعات المحاضرات والمؤتمرات التي نظمت على هامش المعرض وكانا يتحدثان إلى الضيوف ويجيبون عن كل تساؤلاتهم فيما يتعلق بالبرامج والنشاطات المقررة· وفي الولايات المتحدة، يعمد خبراء في حقل الذكاء الاصطناعي لتنفيذ مشروع يرمي لبناء روبوتات ذات أعين مثبتة خلف الرأس كل منها على شكل كاميرا رقمية· وأشار أحد العلماء العاملين في هذا المشروع إلى أن تجهيز الروبوتات بنظام الإبصار متعدد الاتجاهات سوف يطوّر من قدراتها ومهاراتها في التوجّه بشكل كبير· وهذه العين الجديدة التي أطلق عليها اسم ''عين آرجوس'' Argus Eye نسبة إلى الإله اليوناني القديم المزعوم الذي يمكنه أن يرى من كل الاتجاهات في وقت واحد، تنقل الصور التي تراها إلى كومبيوتر يمكنه تحديد الجهة التي تنظر إليها العين والتي يسير باتجاهها الروبوت حتى يحقق عملية التنسيق بين الرؤية والحركة في أي اتجاه· وفيما يعتمد البشر على مجسّات خاصة توجد في آذانهم حتى يحددوا وضعياتهم، فإن الكثير من الروبوتات كانت تعتمد في ذلك على عين واحدة· ولكن علماء الكومبيوتر في جامعة ماريلاند قدموا عام 1998 الإثبات الرياضي على أنه إذا ما تمكنت الروبوتات من الرؤية في كافة الاتجاهات فإنها لن تحتاج في هذه الحالة لأية مجسات إضافية حتى تستقيم حركتها وتعرف اتجاهاتها· الروبوتيون قادمون ··· سيناريو مخيف التطورات المتلاحقة في إنتاج أجيال شديدة الذكاء من الروبوتات، تشير إلى أن الروبوتات الذكية بدأت بالفعل عملية التمازج مع المجتمعات البشرية، بالرغم من أن بعض الخبراء المحافظين بدأوا بإطلاق إشارات التحذير من أخطار هذا التحول، الذي قد يؤدي يوماً ما إلى سيطرة الروبوتات على مقدرات الحضارة الحديثة برمتها، وهم يقولون بأنه إذا ما بلغت الأمور هذه الحدود فإنه لن يعود للوجود البشري ذاته أي مبرر· الخدم آليون خلال 10 سنوات قدر تقرير حكومي ياباني نشر في شهر مايو الماضي أن يبلغ الحجم الإجمالي لسوق ''الخدم الروبوتيين'' 10 مليارات دولار خلال السنوات العشر المقبلة، مما ينبئ بدور بالغ الأهمية للخدم الآليين في المستقبل الاقتصادي لليابان· وكانت اليابان استعرضت قدراتها الهائلة في بناء الروبوتات من خلال ''معرض آيشي'' الذي نظم الشهر الماضي واستقطب 22 مليون زائر، وبلغت بعض الروبوتات اليابانية حدود الذكاء المثير للإعجاب، ومنها الروبوت الذي صنعته شركة هوندا تحت اسم ''آسيمو'' والذي قص شريط الافتتاح في معرض دبي الدولي للسيارات سنة ·2007
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©