يشبه الفنان سلوم حداد فصول السنة في تنوع أدواره وثرائها، تتغير ملامحه، ولون بشرته، وقَصّة شعره، ونبرة صوته مع كل شخصية درامية يؤديها· لكنه ثابت على النهج والرؤى الفنية التي يعتقد بها والتي لعبت دورا كبيرا في نجاحه·
ولم يأت حصاد هذا التنوع في الأدوار والصدق في الأداء، سريعا فقد جاهد وواظب في غرس شخصيات لعبها في أرض الدراما السورية طويلا·
ويشير حداد إلى طفولته وأسرته الكبيرة في مدينة حلب، إذ لديه أشقاء وشقيقات كثر، عاش بينهم بحب وألفة ومرح على الرغم من صعوبة العيش وسط ظروف اقتصادية حرجة؛ فوالده من ذوي الدخل المحدود· لكن أجواء المرح كانت تسود المنزل بفضل تقليده الدائم للأشخاص حين كان صغيرا·
ونمت موهبته إلى جانب تفوقه المدرسي في حصص الرسم، ما قاده في مطلع السبعينيات إلى العاصمة دمشق للدراسة في كلية الفنون الجميلة والتخرج منها بتفوق· بينما التحق خلال أداء خدمة العلم بالمسرح العسكري وقبله المسرح الجامعي، حيث قدم العديد من المسرحيات، وسعى جديا إلى التمثيل بعيدا عن مجال دراسته وقريبا منها كفن إبداعي· يقول: ''أنا ممثل رسام، أرسم شخصياتي وألونها بملامحي وأدائي، واستطعت تسخير دراستي الأكاديمية للفنون الجميلة لخدمة فن التمثيل''·
الطريق الصحيحة
استمر حداد لسنوات يقدم أدوارا ثانوية في المسلسلات بصبر وأناة· لأنه عشق فن التمثيل واجتهد كثيرا كي يصل إلى النجومية، التي تعني له أمرا واحدا·
يقول: ''النجومية في مفهومي هي النجاح والاقناع في الأداء، وليست الشهرة مطلقا، لذا كنت في التمثيل كتلميذ يدرس في المدرسة كي يدخل إلى الجامعة، كنت أعلم أنني أسير باتجاه الهدف الذي قد يطول لكن ثقتي بالوصول كانت كبيرة ودفعتني إلى الصبر والإخلاص في أداء أدواري· بدءاً بتجربتي الأولى مع المخرج فردوس أتاسي، والمخرج علاء الدين كوكش الذي وضعني على الطريق الصحيحة، ومنحني أول بطولة انطلاقا من ثقته بموهبتي''·
الخروج من الشرنقة
سُجن حداد طويلاً في أدوار الشرير والمتسلط والظالم، وعن ذلك يقول: ''لدي أكثر من 60 مسلسلاً في مختلف الأدوار، إنما معظمها تدور في فلك الشخصيات العدائية والشريرة والمستبدة، بدءاً من أكثر أدواري شرا في الفانتازيا التاريخية ''الكواسر'' للمخرج نجدة أنزور· وصولاً إلى دوري في الدراما المعاصرة ''رسائل الحب والحرب'' شخصية العقيد ناظم الضابط الشرير السادي المتسلط، لكنني لم أتأفف من أدوار الشر، فأنا طيب جدا وحنون، وكل من هم حولي يدركون ذلك''·
كادت تلك الأدوار تكرسه في هذا النموذج، لولا خروجه من شرنقة أدوار الشر بمسلسل ''كوم الحجر''، و''الزير سالم''، و ''المتنبي''، و ''نزار قباني'' ومسلسلات عديدة أخرى آخرها ''الحوت'' الذي عرض في شهر رمضان·
يفيد: ''ارتأيت مع المخرج رضوان شاهين تأكيد تنويعي في الأدوار، فكنت ''الريس جميل'' الإنسان الطيب الخيّر الذي يتعاطف مع الفقراء والضعفاء والثوار ويساندهم''·
وعن ركائز العمل الدرامي، يشير حداد إلى النص والسيناريو بوصفه الأرضية لتركيب أي شخصية، فالنصوص الخصبة تمده بخيال لا نهائي وتثري أدواته وتكثفها، معلقا ''أنا رسام أعيد تشكيل الدور عبر رسم شخصيته، وألمس نجاحي أو عدمه من الناس في الشارع، وما يرونه من لوحاتي (أدواري)، التي أرسمها، فهم مرجعيتي وليس النقاد مع احترامي''
عدد اليوم
