الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ساركوزي··· دور قيادي في الأزمة المالية

ساركوزي··· دور قيادي في الأزمة المالية
24 أكتوبر 2008 22:49
قبل عام من الآن كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي كثير التنقل، وكانت زوجته قد هجرته، وكان المنتقدون يعيبون عليه قلة الانضباط وأسلوباً ملكياً للحكم، وكانت شعبيته جد متدنية· أما هذا الأسبوع، فقد عمل ساركوزي مع الرئيس بوش على الاتفاق حول مجموعة من الاجتماعات الرامية لإصلاح الاقتصاد العالمي، قبل أن يشد الرحال إلى آسيا لطرح فكرة مشاركة الهند والصين، إلى جانب مجموعة الثماني في ''بريتون وودز ''2 ترسم إطـــاراً جديـــداً للعلاقــات الاقتصادية· ويأتي هذا بعد أسابيع فقط على تحركه لرعاية اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب الجورجية- الروسية· والواقع أن البعض مازالوا ينتقدون ميول ساركوزي لتحويل السياسة إلى ما يشبه العرض المسرحي وأخذ الفضل في تحقيق عدد من الإنجازات· غير أنه عمل في فترة الصيف على تعزيز سلطته والجمع بين الجوهر والشكل، وها هو اليوم يحظى بالإشادة كزعيم يجيد التعامل مع الأزمات في عالم بات متعدد القطبية بشكل أكبر· وفي هذا الإطار، علق ''خوسي مانويل باروسو''، رئيس المفوضية الأوروبية -الذي رافق ساركوزي إلى كامب ديفيد عطلة نهاية الأسبوع الماضي- قائلاً: ''أعتقد أن الجميع، بما في ذلك الأشخاص الذين كانت لديهم شكوك، يقرون اليوم بأن (ساركوزي) لا يتمتع بطاقة سياسية عظيمة فحسب، وإنما أيضاً بخصال وصفات استثنائية في الزعامة''· يثبت أسلوب الرئيس الفرنسي فائدته وجدواه في التعاطي مع أزمة كبيرة متعددة العناصر· وقد كان محظوظاً لهبوب رياح سياسية جيدة في الاتجاه الذي تشتهيه سفنه: فمع الغزو الروسي لجورجيا، وفوضى أسواق المال، يمكن القول إن ساعة أوروبا قد دقت في وقت تتولى فيه فرنسا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، حيث انتزعت أوروبا بكل جرأة الزعامة رداً على الأزمة المالية العالمية عبر عرض مخطط اقترحه جوردون براون، ولاحقاً ساركوزي، ويقضي بإعادة رأسملة البنوك من أجل مساعدة الاقتصاد· وإذا كان البيت الأبيض قد قام على عجل باقتراح مخطط إنقاذ مالي بقيمة 700 مليار دولار، فإنه تبنى في نهاية المطاف مخطط أوروبا لمعالجة مشكلة السيولة والموافقة على سلسة من الاجتماعات الشبيهة بـ''بيرتون وودز''، وذلك بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في الرابع من نوفمبر المقبل· وقد عمل ساركوزي بسرعة على الترويج لموقف أوروبا ومقاربتها الأكثر اتزاناً عادة تجاه الأسواق· ففي ''ستراسبورج'' يوم الثلاثاء قال ساركوزي في خطاب أمام البرلمان الأوروبي: ''إن على (أوروبا) أن تتبنى فكرة أساس جديد للرأسمالية العالمية· ما حدث كان خيانة لقيم الرأسمالية··· ولكن اقتصاد السوق نفسه ليس محل تشكيك''· والجدير بالذكر، في هذا الإطار، أن فرنسا قامت هذا الأسبوع بإقراض 10,5 مليار يورو (14,12 مليار دولار) لستة بنوك من أجل دعم احتياطيات رأسمالها· ويقول مستشار سياسي فرنسي سابق لمكتب رئيس الوزراء عن ساركوزي: ''إنه يستطيع الدخول إلى أزمة ما والتحرك· هذا ما يفعله زعيم ما، وهذا ما يجيده ساركوزي ''، مضيفاً: ''إن بلدان الاتحاد الأوروبي الـ27 في حاجة إلى شخص يحصل على اتفاق· نحن اليوم في أزمة، ولكنه يعرف كيف يبقـــى هادئـــاً وسط هــذه المخـــاوف الكبيرة ممـــا قــد يصيب الأســواق، ومن دون أزمـــة، ربما اختلفت القصة''· كانت لساركوزي خلافات مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي اشتكى مساعدوها من أن ساركوزي تدخل وسرق الأضواء وأضعف مساهمة زعيمة ألمانية لم تتوان عن القيام بواجبها عندما كانت ألمانيا تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في ·2007 غير أن الصحف الألمانية مثل ''فرانكفورتر ألمين زيتونج'' المحافظة وعدداً من المحللين الألمان أشادوا بالتحرك الفرنسي السريع بخصوص الوساطة بين روسيا وجورجيا، وبجهود ساركوزي في الساعات الأخيرة بخصوص اتفاقية لشبونة الرامية لتعزيز توحيد أوروبا العام الماضي، حين توصل وميركل إلى اتفاق تاريخي· وفي هذا السياق، يقول هينينج ريك من ''المجلس لألماني للعلاقـــات الخارجية'' -الذي يوجــد مقره في برلين- ''لقد أصبح دبلوماسياً وسياساً أكثر منـــه رجـــــل مســـرح''· جذب ساركوزي الانتباه في فرنسا أول مرة كسياسي يجيد إدارة الأزمات ويتحلى بالهدوء· ففي 1993 حين كان عمدة لمدينة نويي المجاورة لباريس، واجه ساركوزي أزمة رهائن حيث دخل رجل يصف نفسه بـ''القنبلة البشرية'' روضة للأطفال حاملاً بندقية ومتفجرات· فذهب ساركوزي مباشرة إلى المدرسة، وتفاوض مع الرجل المختل ثم عاد ومعه الأطفال· وقد قتلت الشرطة الرجل لاحقاً، غير أنه لم يسبق لأحد أن رأى سياسياً يتصرف على هذا النحو· بيد أنه قبل عام من اليوم وبعد حملة قوية، بدا ساركوزي في وضع سيئ حيث انهار زواجه، وواجه إضرابات عمال قطاع النقل التي تسببت في إغلاق نظام قطارات الأنفاق في فرنسا، في وقت لم تلق فيه جهود كانت ترمي إلى منح المواطنين الفرنسيين الأغنيـــاء إعفــاءات ضريبية تأييداً شعبياً في بلد يتواتر الحديث فيه عن تراجع ''القدرة الشرائية''· غير أن ما وصفه زعيما الدانمارك واللوكسمبورغ بـ''قوة'' ساركوزي في التفاوض مع موسكو، ومع واشنطن في الدفع بنموذج أوروبي للإصلاح أدى إلى ارتفاع التأييد الشعبي لساركوزي إلى 49 في المئة· بل إنه حتى كتاب الأعمدة مثل جون كاترمير، من صحيفة ''ليبيراسيون'' اليسارية، والتي من المعروف أنها ليست معقلاً لأنصار ساركوزي، شعروا خلال الآونة الأخيرة بالفخر بإنجازات الرئيس، حيث قال ''كاترمير'' هذ الأسبوع: ''باستثناء البريطانيين، الذين قلما يعترفون بالتطورات الإيجابية التي تأتي من القارة بصفة عامة، وفرنسا بصفة خاصة، فإن الجميع معجب بنشاط ساركوزي وقدرته على التوصل إلى توافقات''· روبرت ماركاند- باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©