السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإفطار خارج المنزل.. هروب من الروتين إلى الموائد الفاخرة

الإفطار خارج المنزل.. هروب من الروتين إلى الموائد الفاخرة
10 يونيو 2018 20:09
أحمد النجار (دبي) بين روحانية الإفطار الرمضاني في المنزل على مائدة الأسرة، وعروض الإفطار وسط أجواء مطاعم عامرة ببوفيهات مفتوحة تقدم مغريات كثيرة، وتوفر إطلالات جاذبة سواءً مع مزايا الترفيه للصغار، يرى كثيرون بأن رمضان هو شهر لا تكتمل بهجته وروحانيته إلا مع العائلة، خاصة عند وجبة الإفطار لما يرافقها من طقوس ومظاهر وعبادات ودفء أسري حميم، يعزز مناخ الألفة، فاتحاً ألف باب للتواد والخير والبركة، في المقابل، ولا يتردد البعض في قبول دعوات المناسبات الاجتماعية، حيث يسعى البعض إليها بشدة، بدافع كسر روتين الإفطار في المنزل، بالأخص خلال أواخر الشهر الكريم، فيما يرفض البعض بشكل قاطع أي دعوة إفطار خارجية، من منطلق قناعتهم بأن الـ 30 يوماً، هي حق عائلي بامتياز، لهذا يستثمرون لياليه اعتكافاً مع أفراد أسرهم لعدة أسباب جوهرية وروحية. إجازة من الطبخ وفي جولة ميدانية لاستطلاع انطباعات المقيمين والمواطنين، بين خصوصية مائدة المنزل وإفطارات الفنادق والمطاعم من حيث جوهر الروحانيات وقيم التناغم الأسري والترابط الاجتماعي، كانت البداية مع السيدات، حيث توجهنا بسؤالهن، ماذا يمكن أن تفقده الأسرة عند غياب أحد أفرادها خارج مائدة المنزل، أكدت ميساء الراسي موظفة لبنانية، بأنها لا تفضل الطبخ في رمضان، بسبب عناء الصيام، وعدم قدرتها على الموازنة بين التزامات العائلة وضغوط العمل، وقالت بأنها تعتبر رمضان شهر استراحة وإجازة مستحقة من المطبخ، فمن حقها أن تمارس سياحة الإفطار والسحور، وتجربة موائد وأجواء فنادق ومطاعم مختارة كمكافأة لها من زوجها، بينما رأت شيماء نبيل قيسية، موظفة أردنية أم لثلاث بنات، بأن الإفطار على موائد الفنادق والمطاعم، يسرق روحانية الشهر وحميمته الأسرية، خاصة مع غياب أحد الزوجين، لهذا اتفقت شيماء مع زوجها بعدم قبول أي دعوات إفطار خارج المنزل. ميزانية للإفطار رأي شيماء لا يتناغم مع ظروف كثيرات، حيث لا تستطيع روان ماهر الزعبي أردنية، موظفة في القطاع الخاص، الالتزام بتوفير مائدة الإفطار لأسرتها، كون دوامها يتغير في رمضان، فهي تعود متأخرة للمنزل عند حلول وقت الإفطار بسبب الزحام، ولا تجد روان مزاجاً للطبخ لزوجها وطفليها، لهذا يخصص زوجها ميزانية للإفطار خارج المنزل، معتبرة بأن الروحانيات والعبادات يمكن عيشها على أي مائدة طالما كانت بصحبة أسرتها في أي مكان. موائد فاخرة عزيز منصور سويد، مواطن من رأس الخيمة، قال بأنه يفضل الإفطار مع عائلته في أوائل رمضان، وعند الأواخر يستسلم أمام الإغراءات والعروض في موائد الفنادق وعروض المطاعم التي تمطر على «السوشال ميديا»، لذلك لا يجد مناصاً من اصطحاب أسرته، ويتفقون على أن دبي هي المقصد المثالي لعيش تجربة إفطارات فاخرة، في عطلة نهاية الأسبوع والعشر الأواخر. وأضاف عزيز: طالما أن الأسرة سعيدة بالإفطار خارج البيت، فإنني لا أجد مانعاً لتجربة الإفطارات الخارجية مع إنها لا توفر الدفء والخصوصية، لكن المهم برأيه هو تحقيق اللمّة العائلية. واعتبر عطية فرج أحمد، موظف مصري، بأن الإفطار في المنزل له روحانية خاصة، لكنه يضطر للإفطار في مقر عمله في فترة مناوبته مساءً، ويشعر بفرح غامر حين يتوافق دوامه نهاراً، ووصف الإفطار مع زوجته وأولاده نوع من العبادة والواجب ففي البيت نكهة رمضانية وروحانية لا تعادلها سعادة، وتنتاب عطية غصة كبيرة وتأنيب ضمير، كلما تناول تمرة الإفطار، ولا يرى أفراد أسرته متحلقين حوله. ألفة وخصوصية واغتراب هدى حمدان فنانة فلسطينية، قالت إنها لأول مرة تقضي شهر رمضان في الكويت بعيداً عن أسرتها المقيمة في الإمارات، وتشعر باغتراب نفسي، بكونها تفتقد دفء المائدة الأسرية والألفة والأصدقاء وخصوصية تناول الطعام من صحن واحد، مع ذلك تحاول أن تصنع لها طقوساً خاصة تعوضها عن هذا الغياب، وتحرص على دخول المطبخ يومياً لطهي الأكلات الرمضانية المفضلة لديها. خيمة شاطئية من جانب آخر، اتفق مدراء فنادق راقية من فئة خمس نجوم، على أن إقبال الصائمين كثيف ومستمر، فهو يزداد تدريجياً في خواتم رمضان، ويفضل كثيرون الحجز في الخيام الرمضانية، ومن بينها الخيمة الشاطئية لفندق شيراتون الشارقة، المزينة بالزخارف العربية البديعة، حيث يقصدها سكان الإمارات المجاورة من دبي وأبوظبي من الباحثين عن ملاذ رمضاني بصبغة روحانية، حيث يشير مسؤولون في الفندق، بأن أجواء الخيمة تشكل جذباً للعائلات كونها تنسجم مع روحانية وطقوس اجتماعية سواء بمظاهر الضيافة وتنوع الأكلات الشعبية، وتوفر الخيمة فرصة ركوب الجمال التي يجد فيها الأطفال متعة كبيرة إلى جانب الألحان التي ينثرها عازف العود لتضفي جواً فرائحياً. مكافأة النفس وقال أنيس الفالح، مدير مطعم بدبي، يوفر بوفيها مفتوحا، بأن غالبية الزبائن هم عائلات، حيث تغريهم مائدة الإفطار بما توفره من ضيافة مريحة وقوائم طعام متنوع يلبي الأذواق كافة، وأضاف أنيس متحدثاً على لسان روادها، بإن غالبية الزبائن يقصدونها لمكافأة النفس بملذات الأكل ورفاهية الأجواء وعيش تجربة إفطار مميزة، لافتاً إلى أن العائلات يمثلون الغالبية العظمى، بينما الأفراد من النادر تلقي طلبات حجوزات منهم في رمضان. مبررات لكسر الروتين خالد الخالدي، ناشط اجتماعي على «سوشيال ميديا»، لا يشجع بالمطلق، فكرة الإفطار بعيدا عن الأهل لأي سبب خاصة المواطنين، فلا يوجد مبرر بحسب الخالدي لأن يترك المواطن أسرته من أجل «إفطار خارجي» في فندق أو مطعم مهما كانت أجواؤه أو مناسبته ودرجة مغرياته، وعبر الخالدي: «أخشى أن تفقد وجبة الإفطار الرمضانية خصوصيتها الأسرية»، وأنزعج كثيراً من «جفاف عواطف» بعض الأشخاص الذين يتركون منازلهم وتهون عليهم أسرهم استجابة لدعوات مناسبات أو تفضيل الإفطار مع رفاقهم في خيام أو مطاعم تحت ذريعة كسر روتين المنزل، وأعرب الخالدي عن أسفه عن غياب وجبة الغداء من لمّة العائلة، التي غابت من يومياتنا وأصبحت من الموروث. داعياً إلى استعادة جوهر المائدة الأسرية لإحياء قيم الترابط والتواد التي سرقتها وتيرة الزمن والحياة السريعة. كما لفت الخالدي، إلى أن هناك قيما جميلة يجب عدم تفويتها في الإفطار المنزلي، مثل عادة تبادل الأطباق مع الجيران وتنويع الطبخات وتعزيز العلاقات الاجتماعية التي تبث نوع الدفء والحميمية وتصفي النفوس وتربط الناس ببعضها. مدفع الإفطار و«السوشال ميديا» كانت فرح عبد الحميد، إعلامية فلسطينية، قد قطعت عهداً على نفسها بأن ترفض كل دعوة إفطار خارج المنزل، لكي لا تفوتها الروحانيات والطقوس التي تعيشها مع العائلة، وقالت فرح: «يأتي رمضان ويذهب سريعاً ولا تبقى منها سوى ذكرى اللمة العائلية والمظاهر الروحانية التي تكمن في انتظار مدفع الإفطار على مائدة واحدة، فضلاً عن الطاعات والعبادات التي تمثل بخوراً روحانياً يملا أجواء البيت ويبث في قلوبنا دفئاً وتواداً يقربنا من بعضنا أكثر فأكثر، تلك الروحانيات نفقدها اليوم بسبب إيقاع الحياة السريع وانغماسنا في عالم «السوشال ميديا»، التي تلهينا عن استثمار ليالي رمضان إلا حين تغادرنا خيراته وبركاته، وألمحت فرح إلى أن للإفطار المنزلي خصوصية لا يجب التفريط بها تحت أي ظرف سواء لتلبية دعوة أو مناسبة، أما السحور، فلا مانع لديها من تخصيصه للمقربين لمجالستهم ومسامرتهم، وتبادل الأحاديث وتعزيز التواصل الاجتماعي مع المحيطين». استنزاف للمال أكدت ريمة الحلبي اختصاصية علوم الطاقة الإيجابية، بأن الأسرة هي الخلية الأولى وجوهر المجتمع، مشيرة إلى أن المظاهر الرمضانية تميزنا عن سائر مجتمعات العالم، بروحانيتها وتأثيرها النفسي وجوهرها الاجتماعي، فإن المائدة الرمضانية هي المظلة الجامعة لكل أفراد الأسرة في الشهر الكريم، حيث تغيب الألفة بغياب أحد أفرادها، فبمجرد عدم جلوس الأسرة كاملة حول المائدة لتناول الإفطار، يغيب الدفء وتجف العواطف وتتحجر القيم وتفقد الأسرة روح التواصل والاهتمام والإنصات بين أفرادها، معتبرة أن العزوف عن الإفطار في المنزل في سبيل الانغماس بمغريات الموائد الخارجية، ينعكس سلباً على الأسرة، فضلاً عن كونه يستنزف المال، ويسبب بعداً روحياً عن تقاليدنا الدينية في روحانية الإفطار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©