الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طاعة الكافرين.. خسران ورجوع إلى الضلال

10 يونيو 2018 19:48
أحمد محمد (القاهرة) يحذر الله الذين آمنوا أن يطيعوا الكفار، فطاعة الذين كفروا عاقبتها الخسارة المؤكدة، وليس فيها ربح ولا منفعة، فيها الانقلاب على الأعقاب إلى الكفر، فالمؤمن إما أن يمضي في طريقه يجاهد الكفر والكفار، ويكافح الباطل والمبطلين، وإما أن يرتد على عقبيه، والذي لا يكافح الكفر والشر والضلال والباطل والطغيان لا بد أن يتخاذل ويتقهقر، والذي لا تعصمه عقيدته وإيمانه من طاعة الكافرين، والاستماع إليهم، والثقة بهم، فإن خسارته تكون كبيرة، يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى? أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ، «سورة آل عمران: الآية 149». قال الرازي، إن الكفار لما أرجفوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، ودعا المنافقون بعض ضعفة المسلمين إلى الكفر، منع الله المسلمين بهذه الآية عن الالتفات إلى كلام أولئك المنافقين، الذين ألقوا الشبهات في قلوب الضعفة، وقالوا لو كان محمد رسول الله ما وقعت له هذه الواقعة، وإنما هو رجل كسائر الناس، يوم له ويوم عليه، فارجعوا إلى دينكم الذي كنتم فيه، وقال آخرون: المراد اليهود لأنه كان بالمدينة قوم من اليهود، وكانوا يلقون الشبهة في قلوب المسلمين، ولا سيما عند وقوع هذه الواقعة، والأقرب أنه يتناول كل الكفار، لأن اللفظ عام وخصوص السبب لا يمنع من عموم اللفظ. وقال الآلوسي: هذه الآية شروع في زجر المؤمنين عن متابعة الكفار ببيان مضارها، إثر ترغيبهم في الاقتداء بأنصار الأنبياء ببيان فضائله وتصدير الخطاب بالنداء والتنبيه لإظهار الاعتناء بما في حيزه، ووصفهم بالإيمان لتذكيرهم بحال ينافي تلك الطاعة، فيكون الزجر على أكمل وجه، والمراد من الذين كفروا، إما المنافقون لأنهم هم الذين قالوا للمؤمنين عند هزيمتهم في أُحد، ارجعوا إلى إخوانكم وادخلوا في دينهم، وإما الكفار، وحينئذ فالمراد بإطاعتهم الاستكانة لهم وطلب الأمان منهم، وإما اليهود والنصارى، لأنهم هم الذين كانوا يلقون الشُبه في الدين، ويقولون لو كان محمد نبياً حقاً لما غلبه أعداؤه. فالآية الكريمة تنهي المؤمنين عن طاعة الكفار، لأن الكفر والإيمان نقيضان لا يجتمعان وهذا التعبير هو المناسب لحال المؤمنين، لأن إيمانهم يحجزهم عن طاعة الذين كفروا، ويمنعهم من الوقوع في ذلك، والنداء متوجه ابتداء للمؤمنين المجاهدين الذين حضروا غزوة أحد، وسمعوا من أراجيف أعدائهم وأكاذيبهم، إلا أنه يندرج تحت مضمونه كل مؤمن في كل زمان أو مكان، لأن الكافرين في كل العصور لا يريدون بالمؤمنين إلا خبالاً، ولا يتمنون لهم إلا الشرور والمصائب. ثم بين - سبحانه - النتيجة السيئة التي تترتب على طاعة المؤمنين للكافرين، إن تطيعوهم يرجعوكم إلى ما كنتم عليه قبل الإسلام من ضلال وكفران أو يردوكم إلى الحالة التي كنتم عليها قبل مشروعية الجهاد، وهي حالة الضعف والهوان، التي رفعها الله عنكم بأن أذن لكم في مقاتلة أعدائكم الذين أخرجوكم من دياركم بغير حق. فالآية الكريمة قد نهت المؤمنين عن طاعة الكافرين، ثم بينت لهم نتيجتين سيئتين تترتبان على هذه الطاعة، وهما الرجوع إلى الضلال بعد الهدى، والخسران في الدنيا والآخرة، وإطاعة الكافرين تؤدي بالمؤمنين إلى انقلاب حالهم وانتكاس أمرهم وجعل أعلاهم أسفلهم، وفي ذلك ما فيه من التنفير والاستماع إلى وساوسهم، فلقد انتهز الكفار والمنافقون واليهود ما أصاب المسلمين من الهزيمة والقتل والقرح، ليثبطوا عزائمهم، ويخوفوهم عاقبة السير مع النبي صلى الله عليه وسلم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©