السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«شم النسيم» في مصر.. احتفال تفسده الأزمات

«شم النسيم» في مصر.. احتفال تفسده الأزمات
5 مايو 2013 20:18
غابت الفرحة وبهجة الاحتفال بيوم شم النسيم، الذي يصادف اليوم 6 مايو من كل عام، عن كثير من المصريين هذا العام، بسبب الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تجتاح البلاد والارتفاع الجنوني في أسعار السلع الغذائية، وفي مقدمتها السلع التي يكثر الطلب عليها في شم النسيم كالبيض والسمك المدخن والفسيخ، إلى جانب تذمر كثير من الأهالي من كثرة انقطاع المياه والكهرباء في الفترة الأخيرة، يضاف أزمات البنزين والسولار. محمد عبد الحميد (القاهرة) - حالة تعبئة تشهدها المساجد والزوايا ولافتات الشوارع، تدعو الأهالي لعدم الاحتفال بشم النسيم لأنه ليس من الأعياد الإسلامية، فهو من تراث الفراعنة عبدة الأوثان، بينما راحت دعاوي أخرى أكثر اعتدالاً تحث الأسر المصرية التي ترغب في الاحتفال بشم النسيم إلى الاحتشام لاسيما النساء والرجال وغض البصر، وهو ما أدى إلى أن تشعر كثير من الأسر بافتقادها بهجة الاحتفال بهذا اليوم كما كان من قبل، فالهموم والمشكلات والأزمات والخوف من الانفلات الأمني، ومما هو قادم، يستولي على جل تفكيرهم. إلى ذلك، يقول علاء عبد المنعم (46 سنة) «لم نشعر بقدوم شم النسيم كمناسبة للبهجة، والأحوال التي تمر بها البلاد أضاعت فرحتنا بهذا العيد الذي يجمع طوائف الشعب المصري كافة». ويضيف «هذا العام اختفت شوادر بيع الرنجة والفسيخ من الشوارع، بسبب ارتفاع الأسعار، فكيلو الرنجة الشعبي يباع من 27- 35 جنيهاً، والرنجة الجيدة وصل سعرها إلى 90 جنيهاً، والفسيخ النظيف 120، والكيلو الواحد من بطارخ الأسماك المملحة 200 جنيه. وطبق البيض البلدي وصل إلى 30 جنيهاً، وهو ما قلل من فرحتنا بشم النسيم». من جهتها، تقول انتصار فؤاد (ربة منزل) «الغلاء والانفلات الأمني وما نسمعه من كثرة تحرش الشباب بالفتيات في شم النسيم والأعياد يدفعني للخوف على بناتي، وأرفض خروجهن مع بقية بنات الأسرة للتنزه يوم شم النسيم، لاسيما وأن الفوضى والغياب الأمني يشجعان أي منحرف على ارتكاب ما يحلو له». ويضيف «نحتفل مثل غيرنا بشم النسيم أمام التلفزيون في البيت فنأكل الفسيخ والرنجة والبصل ونلون البيض قبل أن نأكله، والناس فقدوا الشهية، فظروفهم المادية منهارة، والكل في قلق من أن تزداد الأوضاع سوءاً». وتقول منال جمال الدين «لم ولن أشتري سلع شم النسيم، فالأسعار نار، والظروف المالية للأسرة لا تحتمل، فزوجي كان يعمل في أحد محال خان الخليلي، ومنذ نحو عام انخفض راتبه بسبب تراجع السياحة، وراتبه وراتبي لا يتحملان إلا توفير الاحتياجات الضرورية للأسرة والأولاد». إقبال ضعيف حول الإقبال على شراء مستلزمات الاحتفال بشم النسيم، يقول المحاسب في أحد محال البقالة أحمد مصطفى «الإقبال ضعيف جداً على شراء سلع شم النسيم على الرغم من وجود تخفيضات في العديد من المنتجات الأساسية كالبيض والسمك المدخن والعصائر والمياه الغازية». ويشير إلى أن الاستعدادات لشم النسيم كانت في الأعوام الماضية على قدم وساق قبل قدوم هذا اليوم بأسبوع على الأقل، وتكون فرصة للرواج التجاري، ولكن هذا العام الوضع اختلف، الناس قلقون بسبب ارتفاع الأسعار، والكلام الذي يقال إنها سترتفع أكثر في الفترة المقبلة، مضيفاً أن الكثيرين يفتقدون بهجة قدوم شم النسيم، وهذا غريب على المصريين الذين اعتادوا البهجة والفرحة في هذا اليوم. واهتم فريق آخر من المصريين لاسيما الشباب بالاحتفال بهذا اليوم والتخطيط لكيفية استثمار الوقت في التنزه والتنقل بين الأماكن الترفيهية المختلفة. في هذا الإطار، يقول الطالب في جامعة القاهرة محمد عادل «هناك نزهة قمت بالإعداد والتخطيط لها للاحتفال بيوم شم النسيم مع أصدقائي في الجامعة، فنلتقي في الصباح الباكر أمام مرسى المراكب النيلية للتوجه إلى القناطر الخيرية لنقضي النهار هناك، على أن نعود للقاهرة في المساء، ونستكمل اليوم بالذهاب إلى السينما ومشاهدة فيلم جديد، فهذا يوم للفرحة والبهجة، ونحن بحاجة إلى أن ننحي الهموم كافة جانباً، لنستطيع أن نعيش ونواصل الحياة». وعن خططه، يقول محمود حسن «أنا متزوج منذ خمسة أشهر، وهذا أول عيد شم نسيم لي مع زوجتي ومن غير المعقول أن «أعكنن» عليها بعدم الاحتفال لأي سبب، ولذا قمت بتوفير مبلغ بسيط، ولكنه كافٍ لأن نخرج إلى المتنزهات والحدائق لاسيما حديقة الأورمان، حيث نشعر بالراحة النفسية، وخصصنا بعض الوقت لركوب مركب في النيل وتناول الرنجة والبيض والبصل. والأزمات التي تمر بها مصر وما نسمعه من مشكلات تجعلنا لا نفوت أي فرصة لنفرح». إصرار على الفرح تشير هويدا عبد الله، موظفة، إلى أنها اتفقت مع زوجها على قضاء شم النسيم في حديقة الحيوان، وتوضح «مهما ارتفعت الأسعار فلابد من أن نشتري البيض والبصل والأسماك المملحة ولو بكميات قليلة، فمن دونها لا يكون هناك شم نسيم، فهي مناسبة تأتي من العام للعام مرة واحدة، وأحرص على تنظيف الأسماك قبل الخروج إلى حديقة الحيوان، وتقديمها للأسرة في وقت الغداء بعد وضعها في كمية من الزيت والليمون لفترة لتخفيف أضرارها». ويوضح مدير أحد محال الأسماك المملحة بوسط القاهرة إسماعيل السيد هاشم أن شم النسيم كان هو الموسم الذي ينتظره العاملون كافة في تجارة السمك المملح من العام للعام، ويقول «حركة البيع هذا العام ليست كما نتمنى فقد تراجعت كثيراً بسبب ارتفاع الأسعار وقلق الناس، مما يشاع من خطورة الأسماك المملحة على الصحة، وعلى الرغم من هذا بعت قرابة نصف الكمية التي بالمحل، وهناك زبائن يحرصون مهما ارتفعت الأسعار على الاحتفال والفرح». وحول تفسيرها لغياب مظاهر الفرح عن الشارع المصري في مناسبة شم النسيم، تقول خبيرة علم الاجتماع بالمركز القومي للعلوم الاجتماعية بالقاهرة الدكتورة عزة كريم: «افتقاد كثير من الأسر للفرحة وبهجة الاحتفال بيوم شم النسيم، سببه بالتأكيد الحالة الاقتصادية المتردية التي تمر بها مصر، والتي أثرت على الأسعار فارتفعت بشكل جنوني وشح البنزين والسولار، وانتشرت طوابير الانتظار بالساعات أمام محطات الوقود، إلى جانب الانفلات الأمني وكثرة جرائم البلطجة والتحرش والسرقة». عيد فرعوني شم النسيم هو عيد فرعوني خاص بقدوم الربيع، ويتوارثه المصريون منذ آلاف السنين، وله طقوس مميزة، ففي الصباح الباكر تخرج الأسر إلى المتنزهات وشاطئ النيل للاستمتاع واللعب وقضاء وقت ممتع مع العائلة والأصدقاء، كما تحرص أيضاً على تناول الأسماك المملحة والمدخنة، وأشهرها الفسيخ والسردين والرنجة والملوحة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©