الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«لبلوغرز»: جمهورية المدوّنين!

17 يوليو 2010 21:52
تزداد شعبية المدوَّنات الإلكترونية بشكل كبير في لبنان مع قيامها بتغطية المسرح السياسي والاجتماعي، وتعبيرها عن مطالب المجتمع. ونتيجة لذلك أصبح المدوّنون وجماعات الإنترنت عموماً طرفاً سياسيّاً حقيقيّاً ضمن نسيج المجتمع المدني، حيث ينشطون في بحث قضايا الشأن العام عبر الإنترنت. ويعمل العديد من الناشطين على الإنترنت، وخصوصاً المدوّنين، على حشد اهتمام مستخدمي الشبكة بالقضايا التي تؤثر على حياة المواطنين، بصفة عامة. وتشكّل تعابير مثل "العدالة الاجتماعية" و"الديمقراطية" و"الحشد" كلمات رئيسية في قاموس المدوّنين اللبنانيين، مثلما تشكل البيئة والتراث الوطني وحقوق الإنسان مواضيع رئيسية أيضاً. ويأمل هؤلاء المدوّنون والناشطون الإلكترونيون من خلال مدوّناتهم ومواقعهم وتعليقاتهم في إيقاد فتيل التغيير في لبنان، لإنارة الطريق نحو ديمقراطية حقيقية ترتكز على تعزيز مشاركة المواطن اللبناني في القرارات السياسية والاقتصادية التي تمس حياته اليومية. وقد عمل الناشطون الإلكترونيون اللبنانيون مؤخراً، على سبيل المثال، ضد بناء موقف للسيارات تحت حديقة عامة في بيروت ينتج عنه قطع أشجار الحديقة القديمة بسبب جذورها العميقة، فقاموا بتنظيم حملة "إنقاذ حديقة الصنايع" من خلال إعداد التماس على الإنترنت وإصدار نداء للمواطنين للاحتجاج من خلال الاعتصام في الحديقة العامة نفسها. وكذلك قام الناشطون الإلكترونيون بحشد مجموعات لصالح الحفاظ على بنايات أو مواقع قديمة تعتبر شواهد مهمة من تراث لبنان الوطني، وذلك من خلال إيجاد مجموعات تأثير وحث أعضاء البرلمان على سن قانون لحماية تلك المواقع. وفي إحدى الحالات تمكن الناشطون الإلكترونيون من إقناع وزير الثقافة سليم وردة بترؤس مبادرة جديدة تهدف إلى جعل البرلمان يسن قانوناً يحمي في حال صدوره بعض أقدم المباني في لبنان وأكثرها عرضة للخطر. وفي محاولة أيضاً لترسيخ تقاليد احترام حقوق الإنسان نظم المدوّنون اللبنانيون حملة على الإنترنت حول الاعتقال العشوائي وتحسين مراكز الاعتقال. وكذلك كانت هناك حملات لترسيخ حقوق المرأة اللبنانية المتزوجة من رجل أجنبي، التي لا تستطيع منح جنسيتها لزوجها وأولادها. وهذه بعض الأمثلة لا أكثر لأنشطة المدونين في خدمة قضايا الشأن العام. وتوفّر المدوّنات، والإنترنت عموماً، فرصة للسياسيين لقراءة ردود فعل المواطنين على بعض قراراتهم. وقد أصبح المواطنون الذين كانوا أهدافاً سلبية للسياسة في الماضي، مستخدمين نشطين للتقنيات الجديدة للتأثير على الساسة في لبنان. ويقول المؤلف الفرنسي "فرانسيس بيساني" الذي يركّز على التكنولوجيا والاتصالات: "لقد أصبح الباحثون على الإنترنت اليوم عاملين ناشطين عليها". ويشكّل المدوّنون جزءاً واحداً فقط من توجه نحو ثقافة تشاركية للمواطنين. ففي يناير 2010 قرر عشرون مدوّناً لبنانيّاً التجمع لتشكيل رابطة. وقد أراد هؤلاء، ومن بينهم طلبة، إثبات أن باستطاعتهم تغيير المجتمع نحو الأفضل من خلال العمل الناشط الإيجابي المسالم. وقد أدت هذه القناعة إلى ظهور منظمة المدوّنين اللبنانيين (lebloggers) التي تهدف إلى تحفيز تغيير اجتماعي من خلال ثورة إلكترونية. وتشكّل مهمة منظمة المدوّنين اللبنانيين ورسالتها مساهمة إيجابية في خدمة المجتمع. وقد قرر المدوّنون الأعضاء في المنظمة الاستفادة من انتخابات 2010 البلدية كمنبر، وفتح صفحة معلومات تفاعلية على الإنترنت حولها، حيث يقومون بنشر الرسائل والصور وأشرطة الفيديو طيلة الحملة الانتخابية. وقد وفّر هؤلاء المدوّنون معلومات غير خاضعة للرقابة لجهودهم على الإنترنت، عارضين تغطية لما وراء الأحداث في الانتخابات، بل وحتى حالات إساءة استخدام الانتخابات من قبل بعض السياسيين والحراس الأمنيين، حيث قاموا على سبيل المثال بكشف عميل أمني يساعد المواطنين على التصويت في المنطقة المخصصة لذلك، وهو أمر يحظره القانون. ويهدف المدوّنون إلى توفير معلومات غير منحازة وكاملة لا يقدمها إعلام التيار الرئيس أو الأحزاب السياسية اللبنانية عادة. وتعمل المدوّنات على خلق تغير اجتماعي حقيقي، وتوفر هذه المنابر في لبنان وعبر العالم العربي، مساحة للشباب الذين لا ينتمون للطبقة السياسية، وتعطيهم آلية للتعبير عن آرائهم حول مواضيع تؤثر عليهم، من حرية التعبير إلى حماية البيئة إضافة إلى مواضيع أخرى متنوعة. وبهذه الكيفية تحول المدوّنات المواطنين غير الناشطين في السياسة، وإنما المهتمين بالشأن العام فقط، إلى لاعبين نشطين يستطيعون التعبير عن أنفسهم، وخدمة المجتمعات التي يعيشون فيها بإيجابية. ريتا شمالي باحثة في العلوم الاجتماعية والسياسية ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©