السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سلطان بن طحنون:الثقافة نقيض الحرب

سلطان بن طحنون:الثقافة نقيض الحرب
7 مايو 2015 00:37
يَصدُر معالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، في رؤاه وتصوّراته الثقافية عن وعي عميق بأهمية الثقافة وأثرها. ومن يتمعن في كلماته وتصريحاته المختلفة يكتشف أنه يتمتع بحساسيّة ثقافية عالية، أكسبته قدرة على التقاط اللحظة المواتية للقيام بأي مشروع ثقافي.. وفي هذا الحوار الذي خصّ به «الاتحاد الثقافي» ما يؤكد ذلك.. ها هنا يتحدث معاليه برؤية شاملة عن الثقافة بوصفها «حبل النجاة» الذي به يعتصم الناس في أحلك الأوقات، وعن أبوظبي واستراتيجيتها، والثقافة في الإمارات، ومعرض الكتاب وجائزة الشيخ زايد وسعي الهيئة إلى تكريس أبوظبي حاضرة من حواضر الثقافة الكبرى و... إلى نصّ الحوار. * تحتفي أبوظبي بشكل خاص والإمارات بشكل عام هذه الأيام باليوبيل الفضي لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي تنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، كيف تنظرون إلى المساهمة التي قدمها المعرض طوال ربع قرن؟ وكيف ترونه مستقبلاً؟ ** يعيدنا معرض أبوظبي الدولي للكتاب إلى أهمية المبادرات الثقافية لتكريس وعي الفرد بدوره في التنمية والتطور، فقد أثَّر المعرض طوال العقود الثلاثة الماضية في أجيال عدة من أبناء الدولة، وساهم في وصولهم إلى المعرفة والعلم، وأصبحنا نرى العديد منهم في مواقع مرموقة، بفضل الرؤية التي قامت عليها الدولة، وهي بناء الإنسان. وأعتقد أن تأثير المعرض في يوميات الناس سيستمر، خاصة مع رصدنا للتنوع الشديد الذي يتسم به رواد معرض أبوظبي الدولي للكتاب، فمع وجود رواد مخلصين للمعرض، ويحرصون على زيارته كل عام، نجد كل عام اهتمامات جديدة لدى رواد المعرض، وهذا يحتّم علينا مواكبة هذه الاهتمامات والتوسع بها. من الناحية المهنية نرصد اهتماماً أكبر بالمعرض من قبل الناشرين الدوليين، والذين يهتمون بمستوى الاحترافية والمهنية وحقوق النشر، وهذا يؤكد المكانة المرموقة التي وصل إليها المعرض، خاصة مع التزامه الصارم بحقوق النشر، والمستوى الاحترافي للعمل في صناعة الكتاب والنشر. أهميّة خاصة * ثمة علامة مميزة ترافق المعرض في كل عام هي جائزة الشيخ زايد للكتاب، ما أهمية هذه الجائزة في الوضع الراهن، وما الرؤية المستقبلية لها؟ ** تتمتع جائزة الشيخ زايد للكتاب بأهمية خاصة في عالم الجوائز الأدبية، فهي تحمل اسم مؤسس الاتحاد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي أجمع مختلف الفرقاء على حكمته ورؤيته الثاقبة في استشراف المستقبل، وبناء دولة حديثة من مجتمع تقليدي بسيط، حيث أصبحت تجربة اتحاد الإمارات مثالاً لإمكانية التوحد من أجل بناء الأوطان، ومن هذا المنطلق تحاول الجائزة أن تكرّم اسم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، من خلال تكريم الكتاب المؤثر، فقد التفت المغفور له بإذن الله الشيخ زايد لأهمية الكتاب منذ بدايات التأسيس. ولا ننسى أن الجائزة علمية، تمنح لكتاب متميز، بغض النظر عن المؤلف وتاريخه، وهذه ميزة أخرى في الجائزة، أنها تلتفت إلى الكُتب التي تتناول بعداً مختلفاً لقضايا ثقافية وفكرية وسياسية واجتماعية متداولة ومطروقة سواء على المستوى العربي أو العالمي، وهذا يعد أكبر تقدير ممكن أن يناله الباحث أو المفكر أو الأديب الحقيقي، والذي يبحث عن تقدير لمنجزه الفكري أكثر من منجزه الشخصي أو البحث عن الشهرة والأضواء، كما أن الجائزة تلتفت لنتاجات الترجمة الرصينة، والتي تساهم في نقل المعارف بين الحضارات، وقلما تجد جائزة تلتفت لهذا المنتج البالغ الأهمية. من جهة أخرى تلتفت الجائزة إلى إبداعات الشباب، من خلال فرع المؤلف الشاب، والذي يحظى بإقبال كبير من قبل قطاع واسع من المؤلفين الشباب في العالم العربي وخارجه. ونعتقد أن الجائزة حفّزت المؤسسات الثقافية ومراكز البحوث ودور النشر على تطوير عملها والتنافس بشكل أكثر احترافية استجابة لشروط الجائزة. ولا أنسى أن الجائزة تلتفت إلى المفكرين والباحثين باللغات الأخرى، والذين يهتمون بالثقافة والحضارة العربية، وهي خطوة تساعد في مد المزيد من الجسور نحو الآخر، والانتباه إلى صورتنا لديه. صدقية * هل حققت الجائزة المطلوب منها؟ وما الذي ينقصها؟ ** المطلوب من الجائزة لا يمكن تحقيقه في غضون سنوات منظورة، فالهدف منها تحريك ما كان ساكناً لعقود طويلة، خاصة في منطقة البحث الفكري الذي شهد جموداً لفترة طويلة، غير أننا وجدنا تجاوباً كبيراً من قبل الكتاب والباحثين والمفكرين حول العالم مع الجائزة، وأصبح العديد منهم يحرصون على المشاركة كل عام في مختلف أفرع الجائزة التسعة. وهذه مؤشرات مشجعة ومبشرة، فعلى الرغم من أن عمر الجائزة تسع سنوات فقط إلا أن سمعتها وصيتها قد تعدى الحدود العربية، وأصبحت كبريات الجامعات العلمية في العالم تهتم بمتابعة الجائزة والفائزين فيها، وكل من حصل على الجائزة أصبح ينظر له باحترام أكبر لكونه يحمل جائزة ذات صدقية كبيرة، وتقدر الفكر الإنساني. المُنجية * كيف تنظرون إلى دور الثقافة في ظل ما تعيشه المنطقة العربية من حروب وانقسامات وتطرف؟ ** ستظل الثقافة هي المنجية حتى في أحلك الظروف وأقساها، فالثقافة معنية بكل ما يتعلق بالسلوك اليومي الخاص والعام، والفهم الشامل للحياة، وليس مجرد حب قراءة واستمتاع بالمعرفة والتعلم. لن يكون لنا واقٍ من الحروب والانقسامات والتطرف غير الوعي العميق بالدور الثقافي للإنسان على الأرض، وأعني بذلك العمل التنموي البناء للإنسان، والالتفات إلى قيم العمل والإنتاج، والمساهمة في تطور الفرد على أسس المعرفة والعلم والفكر. من دون المعرفة لن نتمكن من وضع حد للحروب التي باتت تجد لها أسباباً تافهة لتندلع، لذلك نسعى لتطوير مبادراتنا الثقافية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، لتخدم مبادئ بناء الإنسان التي قامت عليها الدولة.. إننا نقف مع المبادرات التي تحدث تغييراً في وعي الفرد، ليكون أكثر قدرة على تلافي الفروقات التي تؤدي إلى انقسامات. تطور وتجديد * ما هو تقييم معاليكم للثقافة الإماراتية اليوم؟ وما الاقتراحات بشأن تطويرها؟ ** شهدت الحياة الثقافية في الإمارات تطوراً ملحوظاً مع تطور العمل المؤسسي، فقد باتت المؤسسات الثقافية أكثر قدرة على تجديد رؤيتها للتنشيط الثقافي، مع الاهتمام بعناصر الثقافة المختلفة، بما فيها التعبير البصري الذي يحظى بنصيب الأسد من الإبداع المحلي. وملاحظ أيضاً أن المؤسسات الخاصة بدأت تشق طريقها في عالم الثقافة وتنظيم الفعاليات ذات الطابع الفكري والثقافي والفني، وهذه تعددية مشجعة لتكوين مناخ أكثر ثراءً للحوار وتبادل الأفكار، ولا أنسى في هذا الصدد الكمَّ المتدفق من الكتابة الابداعية لمؤلفينا الشباب، لاسيما في الرواية، وهذا أمر بات يشكل ظاهرة في المشهد العام، بعد تراجع وجمود الإنتاج الأدبي بشكل عام في العقد الماضي. ويمكنني القول بأن هناك حاجة لتطوير أدوات النقد والتقييم حتى نصل إلى بلورة رصينة للمنتج الثقافي في البلاد. ثقافة التسامح * ألم يحن الوقت، برأي معاليكم، ليتم الإعلان عن أبوظبي عاصمة للثقافة العربية والعالمية؟ ** لطالما كانت أبوظبي مركزاً للثقافة العربية عبر منجزاتها الثقافية المختلفة، والتي اكتسبت اعترافاً عالمياً في مناسبات مختلفة، لكونها تجمع ثقافات العالم في مكان واحد، وتكرس قيم التسامح واحترام الآخر، والتبادل الثقافي معه. ونتوقع مع قرب تشغيل المتاحف العالمية في المنطقة الثقافية في السعديات أن تتوجه أنظار العالم إلى أبوظبي أكثر، خاصة أننا أعدننا خطة استراتيجية للمنطقة الثقافية، تجعل منها نشيطة طوال العام، وتشرك المجتمع المحلي بالنشاطات العالمية الكبرى التي ستتزامن مع تشغيل المنطقة. لقد نالت أبوظبي اعترافات عالمية عدة من قبل، أبرزها إدراج مدينة العين على قائمة اليونيسكو للتراث الإنساني، وهي أول مدينة عربية تدخل هذه القائمة المهمة جداً. اعترافات عالمية أعدننا خطة استراتيجية للمنطقة الثقافية في جزيرة السعديات تجعلها نشيطة طوال العام، وتشرك المجتمع المحلي بالنشاطات العالمية الكبرى التي ستتزامن مع تشغيل المنطقة. لقد نالت أبوظبي عدة اعترافات عالمية من قبل، أبرزها إدراج مدينة العين على قائمة اليونيسكو للتراث الإنساني، وهي أول مدينة عربية تدخل هذه القائمة الهامة جداً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©