الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

... وانفتحت مغارة السحر

... وانفتحت مغارة السحر
6 مايو 2015 22:15
أيام معرض أبوظبي الدولي للكتاب.. ليست أياماً عادية لمن يعشق الكتاب، ويوغل في القراءة والدلالات، ويغترف الحكمة من «أي وعاء جاءت». *** لا تقرأوا معرض الكتاب بالمعنى الحرفي للكلمات، بل قوموا بإنشاء معنى عميق ومثير له، وافتحوا مغارات سحره، وابحثوا عن فضاءات إنسانية ومعرفية، لعلكم تكتشفوا روح الآخر، وتختزلوا المسافة بين التنوع الثقافي والوحدة، وتحلوا ثنائية الشرق والغرب، والشمال والجنوب. *** في فضاء المعرفة الكونية، تسقط أوهام الغلبة، والثنائيات البائسة، بعد أن ثبت أنه لا يحلها الاعتصام بالذات وتحويلها إلى كهف، تزاور الشمس عن أهله، ولا تصل ولا يصلون. *** المعرفة محكومة في النشأة والتطور بقانون التراكم، ولا تنمو إلا بالحوار والتبادل والتثاقف، ويغيب الحوار مع امتناع حاسة النقد والمساءلة. *** مع «خير جليس».. يتجلى الحوار الذي يحررنا من بلادة السكون، ونقطع مع «الاستهلاكي» والبذخ التفاخري، ومع «التغول» الرقمي، ونؤسس للقراءة منتديات، وصناعة «أمن ناعم وقائي» وذائقة فنية جمالية، ونعمق في الذات الإنسانية الأسئلة والمفاهيم ورؤى غير نمطية للآخر المغاير. *** في معرض الكتاب، وبفعالياته المميزة والمتعددة، عبر ربع قرن من عمره، يحضر التلاقح الثقافي والتبادلات بين ثقافات متنوعة، وتفتح نوافذ كانت مغلقة، لا مكان اليوم لثقافة منكفئة على ذاتها.. «دروب الحرير» الثقافية سالكة. تهاجر الأفكار، بأسرع من هجرة البشر، لكن الأفكار تهاجر لأنها مطلوبة في مدن العقل والروح والناس. *** كانت حركة الأفكار في الماضي، تهاجر (أو تفرض) في اتجاه واحد، من الشمال إلى الجنوب، من مركز متعال إلى أطراف في أزمنة المد الإمبريالي، مانحة كيانها الثقافي أهمية مطلقة، وطابعاً استعلائياً عرقياً، موصولًا بمصالح تاريخية محددة. *** في معارض الكتاب، نتعرف إلى وعي الذات، ومستلزمات نموها وحياتها، كما نتعرف إلى وعي الآخر المغاير، وإلى شرط العلاقة التبادلية المتكافئة بين الذات والآخر. *** في معرض الكتاب في أبوظبي والشارقة، شُيدت جسور للحوار بين الثقافات، وقدما شاهداً على ذاكرة الإمارات وتاريخها، وإبداعات أبنائها وبناتها، واستعداد الإمارات وقابليتها للتطور والتفاعل الفاعل، والاستجابة الثقافية، والمشاركة في الدورة الثقافية الكونية، والتراكم الحضاري للإنسانية. *** نعم... الكلمة تخطت كل الحدود، وكسرت الفجوة بين المراكز والأطراف، وتأسست علاقات تفاعل مثمر وعملي بين الكاتب والقارئ والناشر والمبدع، من ثقافات مختلفة، وأعراق وأعمار وفضاءات متعددة. *** المعرض، ليس مجرد سوق لبيع الكتاب، إنما هو وعي بحقوق الطبع والنشر لجميع المنتجات المتعلقة بالمعرفة، وتبادل حقوق وتصاريح الملكية الفكرية، وهو أيضاً مثاقفة، بمعنى فعل إبداع يروم التأسيس أو الانطلاق إلى فضاءات أرحب. *** في معرض الكتاب في أبوظبي، تجري أيضاً حركة مثاقفة، بآلياتها المستندة إلى التواصل والمواءمة والاستيعاب وإعادة البناء والبحث الدؤوب الممتد، عن مشروع ثقافي إنساني غير مرتبط بجغرافيا ولا بعرق منتجيه أو لغاتهم، مشروع حوار في أخلاقيات التضامن الإنساني، وقبول الآخر. يرفض المركزية الثقافية، غربية كانت أو «إسلاموية»، تدعي الشمولية وتعادي غير المسلمين وتحتقر الآخر المختلف. *** في معرض الكتاب، تغادر عقدة التعالي المكان، وتحضر ثقافات وفكر وإبداعات أمم شتى، حضرت السويد ذات معرض، بثقافتها التي تتسرب سحر الإنسانية في دواخلها، وبكتابها من أصحاب الروح الحرة الطليقة. *** واليوم.. تحضر آيسلندا، القادمة من الحافة شمال المحيط الأطلسي، ومن نقطة التقاء المحيط مع المحيط الأبعد المتجمد الشمالي. *** نتعرف إلى ثقافتها وتراث شعبها، وعلى آدابها وفنونها وموسيقاها ذات الطابع الديني، وقصصها الملحمية، وتجاربها الثقافية. *** حوار الثقافات وتفاعلها البيني، هو الطريق الآمن، لبناء عالم يسوده التعاون والتعاضد، ولتوفير فهم أفضل للأنا وللآخر، هو الطريق «الدبلوماسي» الشعبي، أو «السكة» الثانية غير الرسمية، للتعارف والتعاون بين الأمم في أزمنة السلم وأزمنة الحرب، وكل ثقافة في الدنيا لديها «قابلية للحوار» والرغبة في تنمية قيمها وخصوصياتها القافية في آن، ومن غير هذا الطريق الآمن، لا نستطيع أن نواجه ضروب الكراهية الجماعية والتعصب، وإشكاليات الصور النمطية لحضارة عند أخرى. *** في الحوارات الرسمية، بين الدول أو اتباع الأديان والمعتقدات أو الثقافات، شيء كثير من «التفاوض والمصالح والسياسة و«الميكافيلية».. لكن في الحوارات غير الرسمية، تحضر بقوة السلطة الأخلاقية والإبداعية للثقافة، وتغريك المعارف والمراجع والصور والتعابير، وتنفتح على حقول مسكوت عنها، وعلى جوهر منطق خطاب الآخر، وتعبر إلى وجدانه وتستقر هنا. *** تستطيع السياسات الدبلوماسية الرسمية، خلق التحالفات بين الدول والأمم، كما تستطيع السياسات الاقتصادية والتبادلات التجارية أن تخلق الشركاء، لكن التفاعلات والحوارات الثقافية هي القادرة على خلق الأصدقاء. *** بمناسبة انعقاد معرض أبوظبي للكتاب، أتقدم بعرض «فكرة للبيع» مجاناً، على طريقة الصحفي المصري مصطفى أمين.. ويمكن بلورتها لاحقاً، وتتمثل في «تأسيس برلمان للثقافات»، تحت مظلة هذا المعرض، تجتمع جمعيته العمومية في موسم كل دورة، وله لجانه التوجيهية والتنفيذية، وله آلياته للعضوية ويمثل في هذا البرلمان نماذج لشتى الثقافات، تتبادل التجارب والمعارف والإشكاليات، وتتحاور في أخلاقيات تضامن وتعاون وتعارف الثقافات.. إلخ. نلتقي في أبوظبي... حيث الشرق غرب، والغرب شرق، ورحيق الحوار الثقافي الفاعل والمتفاعل.. ...لا أستطيع العيش من دون كتاب. برلمان للثقافات بمناسبة انعقاد معرض أبوظبي للكتاب، أتقدم بعرض «فكرة للبيع» مجاناً، على طريقة الصحفي المصري مصطفى أمين.. ويمكن بلورتها لاحقاً، وتتمثل في «تأسيس برلمان للثقافات»، تحت مظلة هذا المعرض، تجتمع جمعيته العمومية في موسم كل دورة من دورات المعرض، وله لجانه التوجيهية والتنفيذية، وله آلياته للعضوية، ويمثل في هذا البرلمان نماذج لشتى الثقافات في العالم، تتبادل التجارب والمعارف والإشكاليات، وتتحاور في أخلاقيات تضامن وتعاون وتعارف الثقافات... إلخ. أخلاقيات التضامن الإنساني في معرض الكتاب في أبوظبي، تجري حركة مثاقفة، بآلياتها المستندة إلى التواصل والمواءمة والاستيعاب، وإعادة البناء والبحث الدؤوب الممتد، عن مشروع ثقافي إنساني غير مرتبط بجغرافيا ولا بعرق منتجيه أو لغاتهم، مشروع حوار في أخلاقيات التضامن الإنساني، وقبول الآخر. يرفض المركزية الثقافية، غربية كانت أو«إسلاموية»، تدعي الشمولية، وتعادي غير المسلمين وتحتقر الآخر المختلف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©