الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جائزة زايد.. ذروة سنام الثقافة الإماراتية

جائزة زايد.. ذروة سنام الثقافة الإماراتية
6 مايو 2015 22:20
كان لانطلاقة جائزة الشيخ زايد للكتاب منذ العام 2007، بصمة وطّدت مكانة الإنسان والكتاب بوجوهه المتنوعة.. وأضفت عليها شخصية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» أهمية اعتبارية خاصة لما له من مكانة وتقدير. ومع دوراتها المتتالية ترسخت الجائزة وكرّست حضورها كواحدة من أهم الجوائز العربية والعالمية، ونجحت في أن تكسب احترام الوسط الثقافي عبر حياديتها ودقة اختيارها، واليوم تعتبر الجائزة من أهم العلامات في المشهد الثقافي الإماراتي، إن لم نقل ذروة سنام المشهد الثقافي، فقد استطاعت أن ترسّخ مكانة أبوظبي بشكل خاص كعاصمة ترعى الكلمة وتحتضن الإبداع، ودولة الإمارات بشكل عام كملاذ للمثقف من كل مكان، ومن كل الثقافات. تأسست الجائزة بدعم من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، معتمدة على الحيادية والمعايير الموضوعية في اختيارها للمبدعين من الأدباء والمفكرين والناشرين والباحثين الشباب، بهدف منح المثقف حافزاً للإنجاز والبحث وإثراء الساحة الثقافية في العالم العربي، وتمكين أبنائه من رفد عوالم وفضاءات الثقافات الأخرى. الأمر الذي انعكس بصورة مباشرة وفاعلة على أسلوب وآليات الحياة الاجتماعية في بلداننا، بالإضافة إلى اهتمامها الكبير بتشجيع دور النشر والهيئات والمؤسسات ومراكز البحوث، على الارتقاء بالكتاب وبالفكر الإنساني. وفي استطلاع لـ «الاتحاد الثقافي»، مع المعنيين بالجائزة وبعض الذين حصلوا عليها من فروع مختلفة، ذهبنا إلى رصد واقعها الأدبي والأكاديمي والعلمي وحتى الفكري والفلسفي منه، على المستوى المحلي والعربي والدولي، فأكدوا أنها استطاعت في سنواتها التسع أن تكون جزءاً أساسياً من حراك المشهد الثقافي العام، وأوضحت مواطن الحضارة الإنسانية في بلداننا، وبكل وجوهها المرسومة بملامح وألوان ثقافية. ساعة مواتية بداية يشير الدكتور زكي نسيبة، المستشار الثقافي في وزارة شؤون الرئاسة، عضو مجلس أمناء الجائزة، إلى أن جائزة الشيخ زايد للكتاب والتي انطلقت لتكريم ذكرى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» في العام 2007، بغرض تشجيع الإبداع والتأليف ولنشر قيم التسامح والتعايش ولتكريس دعائم الفكر التنويري في العالم العربي استطاعت خلال الدورات الماضية أن تتميز على الساحة الثقافية والفكرية والعربية كواحدة من أهم الجوائز التحفيزية التي تساهم في بناء مجتمع المعرفة في العالم العربي. ويقول: «لا نزال نذكر كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عندما قال في دورتها الأولى أن الجائزة جاءت «لتعكس منظومة القيم النبيلة التي رسخها المؤسس الوالد لتشرق على الأفق العربي والإنسانية» كما قال سموه. وقد نجحت في مهمتها النبيلة لأنها تحمل اسم القائد المؤسس ولكونها تمرّست في تحقيق أرفع درجات الموضوعية والمهنية والشفافية في مراحل الاختيار لجوائزها المختلفة، ولأنها كذلك أتت في ساعة مواتية أحوج ما يكون العالم العربي فيه المنكوب إلى منابر فكرية ساطعة تحدد له طريق المستقبل وتبشره بطلائع أمل وإبداع». الجودة هي المعيار بدوره، يرى الدكتور علي بن تميم، الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، إن الجائزة تتوخى أعلى مستويات الموضوعية والحيدة، والتقييم العادل للأعمال المقدَّمة إليها، وتتخذ كل الضمانات والإجراءات اللازمة لذلك. ويقول: «الجودة هي الأساس في تحديد الكتب والأعمال الفائزة، من دون اكتراث لاعتبارات أو توازنات جهوية أو أيديولوجية، وهي لا تتأثر كذلك باسم الكاتب أو وزنه العلمي، فنحن ننظر فيها إلى الكتاب أو العمل ذاته، ومدى الإضافة المعرفية التي حققها قياساً إلى الكتب والدراسات الصادرة في الحقل نفسه أو الموضوع ذاته». ويضيف: «نحن نمنح الجائزة لكتاب، والكاتب قد يبلغ أقصى درجات الإجادة في عمل معيّن من دون أن ينطبق ذلك على أعماله كلها. ومثل هذا المنهج يتيح لنا اكتشاف باحثين ومؤلفين قد لا يحظون بالشهرة أو الاسم اللامع، وتقديمهم إلى الوسط الثقافي عبر إنجاز علمي حقيقي ورصين يضعهم في دائرة الضوء. وأزعم أن الجائزة كانت جسراً لتقديم باحثين وعلماء مجيدين إلى القارئ العربي. لعلّ ذلك يسهم في تحقيق فكرة التنمية وبناء الدولة التي هي أحد فروع الجائزة، متطلعين إلى أن تكون الجائزة اسماً على مسمى، فالمغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كان حريصاً على اكتشاف الجوانب المتميزة والمشرقة والقدرات والمهارات خدمة للمجتمع، ويدعم التنمية القائمة على العلم والمعرفة، فضلاً عن ترسيخ ثقافة تكريم المبدعين وإظهار احتفاء المجتمع بهم وتقديره لهم». ويلفت بن تميم إلى أن الجائزة حققت مصداقية كبيرة في العالم العربي، ويُنظر إليها بوصفها الأكبر والأهم، ليس بحكم قيمتها المادية الكبيرة، بل بفعل ما أكدته اختيارات الكتب الفائزة في الدورات السابقة من قدرة على الفرز واختيار الأفضل. ويمكن على سبيل المثال أن يُنظر إلى استخدام هذه الكتب بوصفها مراجع ومصادر في الدراسات العلمية اللاحقة، لنكتشف أنها على رأس المراجع التي يعود إليها الباحثون الجادون ويعتمدون عليها. ويؤكد الأمين العام للجائزة الحرص على أن تتسق الكتب الفائزة مع القيم والمبادئ الإنسانية الكبرى، وأن تمتلك القدرة على التفاعل الخلاق والمقاربة الأصيلة للقضايا العالمية، ولاسيما في ظل دقة المنعطف الحضاري والفكري الذي يطرح تحديات كبرى، يتعين على الكتاب والباحثين والمبدعين والمفكرين المشاركة في تحليله من منظور علمي، مشيراً إلى أن ذلك يمثل جانباً من الاعتبارات التي تستند إليها لجان التحكيم المختارة بعناية كبيرة مدعومة بالهيئة العلمية للجائزة، إضافة إلى المعايير والمقاييس المعلنة، سواء في الأعمال والدراسات العلمية أو الإبداعية. وعبر نظرة شاملة إلى «صناعة الكتاب» يرى الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب أن التحدي الراهن الذي يواجه الكتاب في العالم العربي ويؤدي إلى ضعف إنتاجه وتناوله، يعود إلى عوامل عدة، منها: الغموض المحيط بحقوق النشر، وضعف حركة البحث العلمي بشكل عام، ونقص الدراسات والرؤى حول أركان صناعة الكتاب: المؤلف الناشر والقارئ والموزعين. ويكشف أن العناصر السابقة تضع المسؤولين عن الجائزة أمام خيارين: الأول، منح الجائزة لمن لا يستحقها بسبب ضعف الأعمال المقدمة. والثاني، حجب الجائزة في بعض الفروع. ونحن لا نتردد في اعتماد الخيار الثاني، بوصفه موقفاً نقدياً ينطوي على رسالة لجميع المعنيين بأن ثمة مشكلة جدية تحتاج إلى علاج، وهو موقف لا يقل أهمية عن منح الجائزة للأعمال المستحقة. هناك مستوى لا يمكن التراجع عنه أو التفريط به، وأيّ تهاون سيخصم من رصيد الجائزة ومصداقيتها. ونحن حينما نحجب الجائزة إنما ندق جرس إنذار يزيد من تأثيره ما تحظى به الجائزة من متابعة واهتمام، ونعتبر ذلك أمانة نؤديها للمجتمع من أجل النهوض بالكتاب مستقبلاً، فالرائد لا يكذب أهله. ولا يتردد الدكتور بن تميم في أن يصارح القارئ والجمهور العربي بأن «قائمة التحديات كبيرة وعسيرة، وهي تؤثر بصورة مباشرة في حركة النشر والتأليف. فالعالم العربي يعيش حالة من القلق والترقب والمخاوف تجعل الباحثين والمؤلفين يعيدون النظر في أفكارهم، ويحجمون عن طرحها لاعتبارات عدة. وكمْ من مثقف صمت في المواقف التاريخية الحرجة وفي التحولات الفارقة! ولعل خير مثال على هذا أن الروائي الكبير نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للآداب قد صمت سنوات عدة بعد ثورة يوليو 1952». مؤكداً: «إن من بين الأدوار المنوطة بجائزة الشيخ زايد للكتاب تكريم الشخصيات التي تستحق، وفتح أبواب للاهتمام بالثقافات الأخرى من خلال فرع الترجمة التي تسهم في مد الجسور بين الشعوب أكثر وأكثر، إلى جانب التركيز على دراسات مهمة عن الثقافة العربية باللغات الأخرى، وهذا كله يعزز البعد المعرفي للجائزة، ويعكس رغبة في تغطية مساحة واسعة ثقافياً وفكرياً ومعرفياً وإبداعياً». حضور دولي لعل الدقة الموضوعية التي تتبناها الهيئة العلمية للجائزة، هي التي جعلت صداها يوازي أصداء الجوائز العالمية في ذات الإطار. الأمر الذي يوضحه سعيد حمدان مدير عام جائزة الشيخ زايد للكتاب، عند تركيزه على آثارها الإيجابية انطلاقاً من الثيمات الواردة في فروعها. مبيناً بقوله: «خلال السنوات الثماني الماضية، عملت الجائزة على ترسيخ مكانتها محلياً وعربياً وعالمياً، بما تعمل عليه من حيادية وشفافية ودقة علمية. ويشير العدد الكبير من المتقدمين في كل دورة، إلى أهميتها في تشكيل وبلورة حيز كبير من فكر وثقافة المشهد العربي العام. حيث تعمل الهيئة العلمية ومجلس الأمناء، على أن تظل جائزة الشيخ زايد للكتاب حريصة كل الحرص على تطبيق معايير الاختيار الأكاديمية، وهو ما دفعنا إلى حجب أكثر من 4 فروع هذه الدورة ليتم التأكيد على ثقلها وعدم منحها إلا لمن يستحقها، مع العلم أنه تقدمت حوالي 131 مشاركة». ويضيف: «منذ انطلاقتها في عام 2007 عنيت الجائزة بالمثقف العربي وبتشجيعه على الإنتاج والكتابة. وإن استحداث فرع «الثقافة العربية في اللغات الأخرى» مؤخراً، إنما يأتي بهدف دعم وجودنا الثقافي عالمياً. مستندين على اللغة الروسية والإيطالية واليابانية والإنجليزية والإسبانية وغيرها، لنشر الحضارة العربية وتفعيلها على أكثر من صعيد، الأمر الذي يأتي كأحد وأول الأهداف الرئيسية لهذه الجائزة. وقد أصبح اليوم لجائزة الشيخ زايد للكتاب حضور واسع دولياً، ركّز على فروعها المتعددة، وخلق جسراً لمشاركة ملامحنا الثقافية مع الآخر في كل بلدان العالم. فمن خلال زيارة وفد الجائزة لليابان، استطعنا لقاء عدد من الأكاديميين والمختصين وتوطيد علاقة مباشرة بين الثقافتين. الأمر ذاته ينطبق على مشاركتنا في البيت العربي في مدريد بإسبانيا، سبتمبر الماضي، والنشاط الذي بذلته الجائزة من خلال تنظيم ندوة عن «الثقافة العربية في اللغات الأخرى» في المعهد العربي بباريس، إلى جانب المشاركة القيمة في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب». ويؤكد حمدان أن الحضور الدولي لجائزة الشيخ زايد للكتاب، «يجعلها مسؤولة عن التعريف بالثقافة العربية بشكلها الصحيح في الوقت الراهن. حيث أن تقديم الوجه الثقافي للإنسان العربي، هو أقوى سلاح يمكن أن نستخدمه لمواجهة الظروف القائمة وللمحافظة على تاريخ وحضارة هذه الأمة». رافد ثقافي عميق يحيل الدكتور فتحي المسكيني الحاصل على الجائزة في فرع الترجمة، عن ترجمته لكتاب مارتن هايدجر «الكينونة والزمان» في دورة 2013، مفهوم تقدير الإبداع إلى جوانبه السياسية المرتبطة قبل أي شيء بأفق الدولة. لهذا يقول: «لا يزال المبدع العربي، في شتّى مجالات تربية الروح، محتاجا إلى أفق أكبر من الأشخاص ومن تضحياتهم. هذا الأفق هو أفق الدولة أو المؤسسة بعامة. ومن الخطأ الجسيم أن يُعامَل الإبداع وكأنّه ترفٌ شخصي أو تكلّفٌ لا يتعدّى اجتهادات بعض الأفراد، ولو كانوا موهوبين. بل المبدع شقيق السياسي وشريكه في احتمال الهمّ الأعظم لأيّ ثقافة: إرساء نوع مفيد وصحّي من سياسة الحقيقة في أفق شعب ما. والكتاب، بما هو ظاهرة رمزية عالمية ذات عمر طويل، لا يزال هو محور النزاع حول صلاحية المعنى الذي تعطيه إنسانية أو قطعة من الإنسانية عن وجودها التاريخي، أي ماضيًا ومستقبلاً». ويضيف: «من أجل ذلك فإنّ هذه الجائزة بفعل التراكم الرمزي الذي حقّقته في تكريم المبدعين على مدى سنوات متتالية، هي رافد عميق لكلّ حركة ثقافية أو فكرية في الوطن العربي والعالم. ليس ثمّة حركة ثقافية بدون كتاب، وليس هناك فكر من دون مبدعين. ولا معنى لوطن بلا حقيقة. ولا «عرب» من دون لغة عربيّة حيّة وفي صحّة معيارية ودلالية جيّدة. وأخيرا لا عالم من دون قدرة على الانتماء القويّ إليه. إنّ الكتاب بالعربية هو اليوم أعلى استعمال صحّي لأنفسنا الحديثة. وتكريمه بجائزة بهذا الوزن هو تشريف أعلى رتبة من أنفسنا. ومن ثمّ فإنّ ما قدّمته الجائزة للثقافة العربية هو أكثر من أن يُحصى في كرّة واحدة. وذلك أنّه لا أحد يعرف ما يستطيعه كتابٌ. ولا أحد يمكنه أن يتحكّم سلفاً في ما يمكن أن تحدثه فكرةٌ كبيرة. دعوا المبدعين يحملون أفق هذه الشعوب عالياً، وكرّموهم على هذا الشرط الكوني فحسب، - هذا ما أخال تقوله الجائزة إلينا، وإلى كلّ الأجيال القادمة إليها». أما عن آلية التحكيم، فيتقصاها من نتائجها التي نراها كل عام، مبيناً بالقول: «قد لا يتسنّى لي أن أحكم على آلية التحكيم من داخلها، إلاّ أنّ نتائجها إلى حدّ الآن تنبئ عن تهيّب عظيم في اختيار المحكّمين وفي ضبط طريقة عملهم وتيسير أداء ما تتطلّبه هكذا مهمّة جليلة. وبكلمة واحدة: لا يطلب المبدعون أن يفوزوا كلّهم، بل فقط أن يكون فوز الفائزين مضبوطاً بآلية تحكيم على قدر محمود من الصرامة وغير معتّم عليها، تجعل القبول بما يُسفر عنه عمل المحكّمين أقرب إلى الرضا والإقرار منه إلى التخرّص والتظنّن. ليس لأنّ الزيغ غير وارد بإطلاق، بل فقط لأنّ المحكّمين قد بذلوا وسعهم في الاجتهاد والتقييم وإنصاف كل مبدع». أرقى الجوائز العربية وعنها كظاهرة ثقافية ومعنوية مكتملة العناصر والأهداف، يؤكد الكاتب والأديب والناقد اللبناني عبده وازن الذي سبق أن نال الجائزة في فرع أدب الطفل عن كتابه «الفتى الذي أبصر لون الهواء» في دورة 2012: «جائزة الشيخ زايد هي من أرقى الجوائز العربية وأهمها، ليس فقط لقيمتها المادية الكبيرة وإنما أيضاً لبعدها المعنوي والثقافي. هذه الجائزة باتت تجذب اليوم معظم الكتاب والمفكرين والباحثين نظرًا إلى نُبلها ونزاهتها ويكفي انه تحمل اسم الشيخ زايد هذا العلم الكبير الذي نادرا ما تشهد الأمم من يماثله برقيه وقلبه الكبير وحكمته. الجائزة هذه لا تخضع إلا للمعايير العلمية والمقاييس النقدية وهذا ما توحي به لجانها في غالب الأحيان، وهي لا تهادن ولا تداور بل تصل الى غايتها المنشودة بصرامة وجدية. وهذه السنة بدت النتائج لافتة جدا وبخاصة في حجب الجوائز عن عدة حقول وكانت اللجان والهيئة العامة جدية في قرارها هذا وجريئة. كان في إمكان الهيئة العامة أن تساير او تهادن ولا تحجب الجوائز عن تلك الحقول لكنها كانت صريحة ومستقيمة الرأي وحجبت ما حجبت من حقول. وهذا نادرا ما تلجأ إليه الجوائز العربية. من يستحق الجائزة وحده ينالها. والجائزة ليست آلة من الترويج والبروباجوندا الإعلامية. إنها فعلا خطوة جريئة. ومن المهم جدا ألا تدرج في لائحة الفائزين أسماء غير مؤهلة وغير قمينة بالجائزة. هذه الجائزة الصافية النيات والنقية الجوهر والبعيدة عن الأيديولوجيا والحسابات الجانبية. لكنّ ما أود أن أشير اليه هو أن الحجب يجب ان يتم في اللائحة القصيرة، فصدور اللائحة القصيرة يعني ان الأسماء التي أدرجت فيها تستحق الفوز. الحجب يجب ان يتم في اللائحة القصيرة كما يحصل في الجوائز العالمية، فمجرد الوصول الى اللائحة القصيرة فهذا يعني أن هناك أسماء مهمة». المثقفون صاروا يكتبون لها بدوره يرى الدكتور رامي أبو شهاب، الحائز على الجائزة العام الماضي 2014 بفرعها المؤلف الشاب حول كتابه «الرسيس والمخاتلة: خطاب ما بعد الكولونيالية في النقد العربي المعاصر»، أنه «لو نظرنا إلى مستويات الجائزة بفروعها المتعددة، نجدها راصدة لآفاق مختلفة من حركة الثقافة في العالم العربي بتقاطعاتها الكثيرة مع روافد الفكر العالمي عبر العصور. فلدينا مجالات متعددة مثل فرع «التنمية وبناء الدولة»، «الأدب»، «الترجمة»، الفنون و«الدراسات النقدية»، أو حتى تلك التي تمنح لدور النشر وللمؤلف الشاب والتي تعنى بأدب الأطفال. الأمر الذي يضيء على الإبداع بجوانبه الكثيرة في بلداننا، ويشجع المبدعين، تحديداً الشباب منهم على تقديم الدراسات والبحوث والنتاجات الأدبية والفنية. وعلى سبيل المثال، أذكر أن عدداً من الأصدقاء والمعارف، صاروا يعملون على ما يمكن كتابته للجائزة. وبيّن أن هذه الظاهرة الثقافية والمعرفية تفيد في نشر الثقافة العربية ودعم تواجدها على مستوى العالم. وبالتالي خلق نوع من الحراك الفكري والتوعوي، بالشكل الذي لم يكن متوافراً في السابق». استكشاف الحضارات في محاولته لرصد الأبعاد الإيجابية لجائزة الشيخ زايد للكتاب بالنسبة للثقافة والمثقفين، يشير محمد زياد كبة، والذي نالها في دورة 2011– فرع الترجمة، عن ترجمته لكتاب «الثروة واقتصاد المعرفة»، إلى كونها جائزة تقديرية تُمنح لجهود تأخذ من الكاتب والباحث سنين طويلة من التعب والجهد. ما ينعكس بإيجابية على آلية البحث والدراسة وعلى كمية الإنتاج في الوقت نفسه. حيث تشجع المثقف والأكاديمي العربي على المضي قدماً نحو المزيد من المؤلفات والأبحاث والدراسات، وفي كل المجالات والقطاعات. وأصبح من الضروري في الوقت الراهن أن نعلم بوجود جهة رسمية ترفع شأن الكتاب وتسعى إلى تحفيز العاملين فيه من خلال الشكر والعطاء المتبادل. من جهة أخرى، فإن فروع جائزة الشيخ زايد للكتاب، هي فرصة كبيرة للانفتاح الثقافة العربية على الثقافات العالمية، ولفتح المجال أمام العالم كله لاستكشاف حضارتنا بالطريقة الصحيحة التي تعكس حقيقتنا وقدراتنا. إثراء للمكتبة العربية يقول الدكتور باقر النجار، أستاذ علم الاجتماع في جامعة البحرين، أحد الذين نالوها ضمن فرع «التنمية وبناء الدولة» عن كتابه «الديمقراطية العصية في الخليج» في العام 2009: «أعتقد أن جائزة الشيخ زايد رغم حداثتها مقارنة بالجوائز الأخرى إلا أنها استطاعت أن تمثل إحدى الجوائز التي بات يتسابق للحصول على تزكيتها المثقفون والكتاب العرب. وإن جزءاً من هذا الإقدام عليها، هو كونها تتسم بقدر كبير من الموضوعية. بالإضافة إلى كونها لا تحمل أية توجهات أيديولوجية أو سياسية أو أنها تخضع لبعض العصبويّات الدينية. ودائماً تخضع الأعمال المتقدمة لها، رغم ضخامتها إلى تحكيم علمي يتسم بالحيادية والموضوعية. وهي جائزة تتسم بالتنوع في مجالاتها الفكرية والثقافية والأدبية. فالكثير منم الأعمال الأدبية التي فازت بالجائزة تعتبر مساهمة نوعية في مجالها أو أنها قد أدخلت فهما أو أسلوبا جديدة في المعالجة». أيضاً يضيف: «من الناحية الأخرى نجد أنها تمثل أهمية كبيرة من خلال الأعمال المتقدمة لها والفائزة بها والتي تتسم في عمومها بالأصالة والجدية. وقد قدمت الجائزة الكثير من الأعمال الجادة للمكتبة العربية. ومنه ثمة إقبال من القراء والمثقفين على قراءة الأعمال الفائزة بالجائزة من زاوية أن هذه الأعمال هي في جلها جادة وتحمل الكثير من المساهمة العلمية والفكرية في مجالها. إضافة لحقل النشر توضح السيدة داليا محمد ابراهيم، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في «دار نهضة مصر»، الحاصلة على الجائزة – فرع النشر والتوزيع، أن هذه الجائزة الأفضل على مستوى الوطن العربي، ويكفي لها أن تحمل اسم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان. مبينةً: «أما بالنسبة لنا، فقد أثرى حصولنا عليها في العام 2010 تاريخنا المهني الذي رصفناه طيلة 77 سنة مضت، مقدمين أكثر المعايير دقة في حفظ حقوق المؤلفين والناشرين العرب منهم والأجانب. وبمجرد تفكيرنا بالجائزة، قمنا بأرشفة جهدنا في قالب صحيح ومنتظم قدّمناه لكل العالم وليس للبلاد العربية فقط». واليوم نحن نبحث عن أفكار جديدة لتطوير أعمالنا، بغرض التقدم لنيل الجائزة مرة ثانية -إذ تسمح شروطها بعد خمس سنين من الفوز بها، بالتقدم إليها من جديد- مهتمين بزيادة مجالات المعرفة والعلوم الحديثة، ضمن صيغة تشمل الشكل والمحتوى في آن واحد.. وإنه لمن الإضافة القوية لنا كناشرين أن نحصل على الجائزة مرتين أو حتى أكثر».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©