الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحنين.. خلطة شعرية بين الضحكات والأنين

الحنين.. خلطة شعرية بين الضحكات والأنين
18 مايو 2014 20:50
علاقة الإنسان بالإنسان وبالمكان، علاقة تذكر، مبعثها الحنين إلى الحبيب الأول، إلى الموطن الأول، وإلى الأحداث التي أسهبت في صناعة الزمن الطفولي، وما تلاه من أزمنه تراكمت على الخاطر، كأنها قطرات المطر لتصبح بعد حين، أنهاراً، تتقاطر على شطآنها طيور الذاكرة، مشحونه بحنينٍ تتهشم له الروح، وينفطر له القلب، وفي موضع الحنين نحاول نستشف آراء شريحه من الرجال والنساء، المثقفين، والشعراء والقابضين على جمرته منذُ سنين، لنتطرق إلى محاور عدة، منها ماذا تعني كلمة الحنين؟ وإلى من يحن الإنسان ومن تكون له المرتبة الأولى المكان أم الأصدقاء أم الحبيب؟. ذكريات جميلة يقول مدير مركز زايد للدراسات والبحوث الدكتور راشد أحمد المزروعي: إن الحنين بالنسبة لي هو الشعور بالاشتياق إلى شيء افتقده منذُ سنين طويلة، وهي الذكريات الجميلة التي لا تنسى مع الأحباب الذين فرقت بينهم الأيام والليالي، والمرآة التي يناجي فيها المرء أحباءه وأصدقاءه عن حياته سواء بالبعد أو الفراق الأبدي. وأضاف: من أكثر الذين أحنّ إليهم أحبابي وأصدقائي الذين أبعدهم عني الفراق وأخصّ منهم والدتي العزيزة ووالدي الغالي رحمهما الله وجدتي العزيزة التي عاشت بعدهما سنوات، كما أشتاق إلى أقاربي الذين ماتوا، وجيراني الأعزاء وقد عشت معهم سنوات، فأصبحتْ ذكراهم عطرة، والحنين إليهم يكاد يفطر قلبي من الشوق وتدمع. وقال المزروعي: أحن إلى زملائي الذين قضيت معهم فترات طويلة من عمري سواء في دراستي الأولى بمراحلها الثلاث الابتدائية والإعدادية والثانوية، وكذلك المرحلة الجامعية، وأشتاق إليهم دائماً، وأتمنى أن أتواصل معهم، ولكن ظروف الحياة دائماً تعوقني، وهم دائماً في القلب، أما الحنين للمكان أو الأصدقاء أو الحبيبة، فأنا أحن إلى المكان الذي ولدت وترعرعت وعشت فيه، تلك الواحات الجميلة والنخيل «والشرايع والفلج والحضّار»، الذين كانوا يحضرون إلى منطقتنا ونقضي معهم أياماً جميلة خلال موسم القيظ والرطب، كما أحن أيضاً إلى منازلنا القديمة التي عشت فيها سنوات صباي وشبابي. مستقبل مجهول أما الشاعرة والإعلامية برديس فرسان خليفة - ماجستير في الإعلام والعلاقات العامة- فترى أن الحنين هو الاشتياق مع العاطفة الجياشة التي تتمنى أن تأخذك إلى الموقع الذي تحن إليه. وأضافت: أحن إلى كل مكان أنتمي إليه أو عشته، وأحن إلى مستقبل ٍمجهول، وأتمنى من الله أن يكون خيراً، وأعيش حياة الحنين للمكان والأصدقاء والحبيب، الذي أضمنه كزوج وليس مجرد حبيب. وتقول في قصيدة لها أنطلق هاجوس شعري مثلما الفرسان/ بالحنين اللي في قلبي في تريم وحده/ وانقش أمواج المشاعر بأعذب القيفان/ والشعر لجل اليمن ماشي صعيب يرده. فريج محارة وقال الكاتب والشاعر أحمد العسم، رئيس الهيئة الإدارية لاتحاد الكتاب فرع رأس الخيمة: الحنين غرفة شوق، أحاول أن أطل من نوافذها على الماء، وأنزل منها حبلاً كي يأخذني إلى الخارج، لا أريد أن أخرج من باب البيت، أريد أن أهرب إلى أصدقاء ونذهب للبحر، أقرأ شقاوة الطفولة وأرسم بعداً آخر للحياه فيه أحن إلى والدتي وأبي وإلى جدتي شيخة التي وهبت إلى وعلمتني الكثير، وأحن لكل جميل في فريج محارة بإمارة رأس الخيمة. وكلما دخل الليل، تتسع مسافات الحب للمكان، للحبيبة وللغائبين. ماضٍ جميل وتحكي الشاعرة رهف المبارك - عضو رابطة أدباء وكتاب الإمارات، التي نالت جوائز عدة، منها أفضل كتاب مطبوع بمعرض الشارقة 2010 وأيضاً المركز الأول بجائزة أدب الطفل بوزارة الثقافة والشباب، ولها إصدارات عدة في مجال الشعر وأدب الطفل- عن أنها الشاعرة العربية المولعة بالحنين؛ لأن ظروف الحياة تفرض عليها البعد عن من تحب سواء كان الأهل أم الأصدقاء أم الأحباب، وهذا البعد يولد لديها شعوراً لا تستطيع المرأة أن تتحمله أو تطيقه، إنه شعور الفراق والبعد، فتترجم تلك الأحاسيس في أبيات تمتزج فيها العبرة بالكتابة. رائحة المطر أما الشاعر خالد العيسى، فيرى أن الحنين شعور عميق ينتزعه من لحظته الآنية إلى الماضي، لصديق مساحته في ذاكرته لا يمكن أن يملأها غيره، لمكان جمعهما، للحظات لا تعوض، من خلال بيتهما القديم، للفريج، لآثار أقدامهما على البحر، لرائحة المطر، لأذكار الجدة ووصاياها. وأشار هادف بن معيصم الكتبي إلى أن الحنين بالنسبة له شيء لا يمكن أن يصفه في صفحة أو كتاب، بل هو أكبر من الكتب والصحف، هو شيء يلمس الوجدان والروح والأحاسيس، بل ويرجع إلى كل شيء من الماضي، من الطفولة وذكرياتها، والمنطقة، والبيئة التي عاش بها، والناس الذين اختلط بهم. وقال: الحنين يجعلك في خليط من المشاعر المؤثرة منها الشوق، والحزن، والتمني، فإن تكلمت عن الأشواق فهي كثيرة، وإن تكلمت عن الحزن فهو كثير، والتمني كبير، ولكن لن يرجع ما فات، فسيبقى ألم الحنين دائماً معي، فهو لمسة ذكريات، وهمسة أشواق، ودمعة فراق، وضربة كف لشيء لا يعود، ولوعة مفقود، وهم موجود، وتمن مسدود، ويا ليته يعود. والحنين بالنسبة للشاعرة شيخة المطيري، عضو رابطة أديبات الإمارات صوت لا تعلم من أي فم يأتيك، هو أن تأخذك الأشياء لأبعد منها، أن تسرف في لون تشتاق إليه كثيراً، أن تغمض الدنيا عينيها بصمت وابتسامة وربما بدمعة وتنهيدة. وفي سياق الحديث عن الحنين، يقول محمد نور الدين الباحث في الأدب الشعبي والفصيح عضو الهيئة الإدارية لبيت الشعر في أبوظبي وعضو مجلس أمناء مؤتمر كتاب الإمارات. قد يكون الصديق أو الحبيب عارضاً في المكان، ولكن للمكان وجوده الثابت الذي تجده خالياً من الأحباب والأصدقاء، فأحن إليه كأنه يخبئ في زواياه ذكريات لا أستطيع أن تستذكرها، ولكني أعلم أن كل مشهد من المشاهد التي أحن إليها محفور في خلفية المكان ويبقى له العشق والحنين بعد ما تذهب المشاهد، فهُناك تشخص عينيّ مئات المرات؛ لأنه احتوى الطفولة، وهناك احتوى المراهقة، وهنا يحتوي سني الشباب. رمال المعيريض وقال محمد مطر بن مالك عن الحنين، وهو متذوق للشعر ومن هواة القراءة، إنه الأمل وهو غذاء النفس وعليه يعيش الإنسان، فلا بد من حنين إلى أيام معينه أو رفقاء درب أو مكان ما تعيش معه ذكريات جميله تكون لك حافزاً لمستقبل أفضل. وأضاف: أحن كثيراً إلى رمال المعيريض وبحرها، حيث ترسو سفنهم بمياه الخور ومجالس النواخذة ونقاشاتهم وجلسات الشباب وسمرهم. إضاءة ترى الشاعرة عائشة عبدالله حسن أن الحنين فلسفه شعوريه مختلفه، متفاوته في الإحساس ما بين الألم، والفرح، والشجن، ولذكريات أشخاص أو أماكن أو لحظات عاشتها ذات يوم وتمنَّت الاستمرار بها. وقالت: أحن إلى جدتي، كثيراً، رحمها الله، فهي مربيتي واهتمت بي سنوات طويلة عشت معها سنوات جميله حقاً، وتعلَّمت الكثير من مدرستها، ونحن بشر فلا ننكر أن لحظات الحنين تصيبنا، وأحن كثيراً، لأناس لم يعودوا في حياتي، وتركوا أثراً واضحاً، وإيجابياً. قلوب صافية قال شافي محمد الرميثي وعمره يقارب الثمانين عاماً، إنه يحن لأيام البحر والغوص، وللعناء والسفر؛ لأنه هو الاختبار الأمثل للصديق، حيث يتحملك، ويُشاطرك لقمة العيش، وفي الوقت الحالي يختلف الأمر تماماً كما ترى، الجميع في نعمة ولله الحمد، فيصعب عليك كشف الصديق الحقيقي. وأضاف: أحن كذلك لتآلف الجيران، وتحابهم، وتعاطفهم، أحن إلى زمن كانت به القلوب صافيه، نقيه، قريبة، أقرب من الدروب والمسافات. كما أحن لكل مكان قضيت فيه وقتاً، وتعايشت معه، وأحن لجميع أصدقائي الذين سكنوا ذاتي ووجداني، وأما عن الحبيبة، فهي أساس الحنين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©