الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مستوى البصمة البيئية يرتفع عالمياً ويهدد سكان الأرض

مستوى البصمة البيئية يرتفع عالمياً ويهدد سكان الأرض
18 مايو 2014 20:56
الإنسان، مستهلك كبير للموارد البيئية، فهو يستهلك الطاقة بشكل كبير في احتياجاته، ويستهلك أيضا كميات أكبر من مياه الشرب، أو للنظافة والصناعة، هذه الموارد مصدرها الرئيسي هو البيئة، فهي التي تزودنا بالغذاء والماء، وهي التي تستوعب التلوث الصادر عن الإنسان وتلويث المياه، النفايات الصلبة، تلويث الهواء. ربما هناك سؤال يطرح نفسه حول المساحة اللازمة من الأراضي التي يحتاجها الفرد من أجل الإيفاء باحتياجاته، ومثال ذلك مساحات الغابات التي نحتاجها لاستيعاب وامتصاص ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عمليات التنمية بشكل عام وعوادم السيارات، وهذه المساحة تقاس بالهكتار والفرد وبالتالي الدولة، وتقدر بـ 1.8 هكتار عالمي وذلك بحسب الشبكة العالمية للبصمة البيئية التابعة للأمم المتحدة. يقول الدكتور عماد سعد، خبير استدامة وتطبيقات خضراء، إن البصمة البيئية هي مصطلح يصف تأثير الإنسان على البيئة الطبيعية المحيطة به، وهي تقاس بوحدة الهكتار، الذي يوازي مساحة ملعب كرة قدم، وهي مساحة الأراضي اللازمة للإيفاء باحتياجات الفرد، وهذه المساحة تشمل المساحات اللازمة لدفن النفايات، والأراضي التي نحصل منها على الغذاء، والأراضي المستغلة للسياحة، إلى جانب الصناعة والأنهار والمياه الجوفية والبحار، وتعد البصمة البيئية أداة لقياس معدل استخدام الأفراد للموارد الموجودة، مقارنة بالمعدل الذي تحتاجه الكرة الأرضية لإعادة توفير هذه الموارد، وتعد البصمة البيئية أحد مقاييس الاستدامة في العالم، في حين البصمة هي إجمالي انبعاث الغازات الدفيئة الناجمة عن الأنشطة والمنتجات والخدمات التي يستهلكها الإنسان، وتمثل البصمة الكربونية تحدياً وفرصة لإظهار مسؤوليتنا المجتمعية تجاه البيئة، ويمكننا أن نلاحظ أن البصمة البيئية زادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وذلك يرجع للزيادة الهائلة في عدد السكان، والزيادة المفرطة بكمية المواد التي يستهلكها، وعليه كلما كان مستوى المعيشة أعلى كانت البصمة البيئية أكبر، وذلك بسبب المساحات الهائلة التي استغلها الإنسان الحديث لتلبية حاجاته ومتطلباته المعيشية. مستوى البصمة البيئية ويضيف سعد: لقد تجاوز الإنسان نفسه على كوكب الأرض، حتى أصبح يستهلك بما يمكن وصفه على المكشوف من مستقبلنا المشترك على كوكب الأرض، ولو تابعنا البصمة البيئية على مستوى المنطقة العربية ودولة الإمارات، فسوف نجد بحسب تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية 2012، أن معظم البلدان العربية اليوم تحت وطأة ديون إيكولوجية كبيرة، فقد ارتفع مستوى البصمة البيئية للمنطقة حتى 78 %، والهكتار للفرد من 1.2 - 2.1 هكتار عالمي للفرد، وذلك خلال الفترة من 1961 – 2008، والسبب هو ارتفاع عدد السكان 3.5 مرات، وارتفاع كمية المواد التي يستهلكها الفرد الواحد، حيث تقدر كلفة التدهور البيئي في المنطقة العربية بحوالي 5 % من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن ما تخصصه الميزانيات الوطنية للإدارة البيئية لا يتجاوز 1 % في أي بلد. نحن اليوم وعلى سبيل المثال لو اعتبرنا أن كل البشر على سطح الأرض، عاشوا مثل الفرد العادي المقيم في الدول الأعضاء في الجامعة العريبة، لكانت هناك حاجة إلى أكثر من كرة أرضية إضافية للوفاء باحتياجات البشر من الموارد، في حين لو أن جميع البشر عاشوا مثل الفرد العادي المقيم في الإمارات، لكانت هناك حاجة إلى 6.6 كواكب جديدة، لتأمين هذا المستوى من الاستهلاك وانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وفي المقابل لو أن جميع الناس عاشوا مثل الفرد العادي اليمني لاحتاجت البشرية إلى نصف كوكب الأرض. جهود الإمارات وحول جهود الإمارات في مجال البصمة البيئية، يوضح سعد: بحسب تقرير صادر عن الشبكة الدولية للبصمة البيئية، والصندوق العالمي لصون الطبيعة عام 2006، جاء فيه أن البصمة البيئية لدولة الامارات كانت 11.8 هكتار عالمي، في حين انخفض في عام 2007 إلى الرقم 10.8، وفي عام 2010 وصل رقم البصمة البيئية في الامارات الى 9.5 هكتار عالمي، وعام 2012 وصل الى الرقم 8.4 هكتار عالمي، أي أن الوضع يتحسن باضطراد نتيجة لإدراك القيادة الرشيدة والجهات المختصة، لحجم التحدي ومعرفة آليات تخفيض ذلك الرقم والأمور حالياً تسير للأفضل. وتجدر الاشارة الى أن دولة الامارات ممثلة بوزارة البيئة والمياه، أطلقت مبادرة البصمة البيئية في عام 2007، لمواجهة ذلك التحدي بطريقة علمية وفنية صحيحة، حيث وقعت حكومة دولة الامارات مع الشبكة الدولية للبصمة البيئية، اتفاقية خفض البصمة الكربونية للفرد والدولة، وهي بذلك تعتبر ثالث دولة على مستوى العالم، بعد اليابان وسويسرا، توقع على مثل هذه الاتفاقية، وهذا يدل على مدى اهتمام الدولة بخفض البصمة البيئية، وما تشكله حماية البيئة واستدامة الحياة والمجتمع من أهمية قصوى على أعلى المستويات. ويضيف سعد: في 30 أبريل 2012 أفادت وزارة البيئة والمياه، أن دولة الإمارات تقدمت 55 مركزاً عالمياً في التقييم التراكمي، لمؤشر الأداء البيئي خلال العقد الأول من القرن الحالي، لتصل إلى المرتبة 77 من بين 163 دولة، بعد أن كانت في المرتبة 152 في التقييم السنوي عام 2010، وأن هذه النتيجة تعد دلالة واضحة على أن الجهود المبذولة في هذا المجال، أدت إلى تحسن الأداء البيئي للدولة، حيث توجد مبادرات وأنشطة للجهات المعنية خلال السنوات الماضية، وحققت تطورا ملحوظا، وقد تم احتساب نتائج الأداء البيئي للدول، وفقا لمؤشرين رئيسين يضمان 22 معيارا، ويختص المؤشر الأول بالصحة البيئية وأثر الهواء والمياه على صحة الإنسان، أما المؤشر الثاني فيختص بحيوية النظام البيئي، من خلال رصد نتائج التنوع البيولوجي، والمناطق المحمية والزراعة والغابات وصيد الأسماك وتغير المناخ والطاقة. التقدم بيئياً ومن خلال متابعتي لكل ما يتعلق بالبيئة ومشاريعها وبرامجها، حسبما قال سعد: في 13 يناير 2014، حققت دولة الإمارات المركز الأول عالميا في ثلاثة مؤشرات فرعية، بحسب السياسات البيئية العشر الأساسية، وهي المحافظة على الغابات وجودة الهواء الداخلي والوصول للمياه، وتتوقع الجهات المعدة للتقرير الوطني للبصمة البيئية وهي وزارة البيئة والمياه، وتواصل دولة الامارات المزيد من التقدم بيئياً خلال عام 2014 ، لتصل الى مصاف الدول المتقدمة في المراكز الثلاثين الأولى. وفي أحدث تقرير صادر عن وزارة البيئة والمياه بتاريخ 24 أبريل 2014، أظهر أن دولة الإمارات حققت المركز الأول عالمياً في مؤشر المناطق البحرية، وهو مؤشر جزئي من رقم البصمة البيئية، لكن يدل على درجة الاهتمام في تحسين مستوى الأداء البيئي للفرد والمجتمع على مستوى الدولة. وهناك رؤية بيئية خضراء، نحو فكر الاستدامة والذي يعد محورا أساسيا في جميع الخطب والمواقف والإنجازات على مختلف الصعد، في اتجاه حماية البيئة، والتي نعتبرها مسؤولية الجميع من مواطنين ومقيمين، فحماية البيئة ليس شعارا بل جزء لا يتجزأ من تاريخنا وتراثنا ونمط حياتنا، فخيار الاقتصاد الأخضر يعد مكونا أساسيا من مكونات الفكر الاستراتيجي للدولة، وهذا ما نصت عليه بوضوح رؤية الإمارات 2021، وبالنسبة إلى دور الفرد في البصمة البيئية، نجد أننا لو نظرنا في تفاصيل رقم البصمة البيئية، فسوف نجد أن 57 % من رقم البصمة يأتي من قطاع السكن، و30 % يأتي من قطاع الأعمال والصناعة، و12 % يأتي من القطاع الحكومي، و1 % يأتي من قطاعات أخرى. ترشيد استهلاك الطاقة والمياه يقول الدكتور عـماد سعد: من خلال تحليل هذه الأرقام، نجد أن قطاع السكن يأتي في المرتبة الأولى، مما يدل على أن للفرد دوراً أساسياً في رفع الرقم أو خفضه، من خلال تطبيقه لعدد من الإجراءات والسلوكيات البسيطة، مثل ترشيد استهلاك الطاقة والمياه والنفايات، والاستهلاك المستدام للمواد، أو استعمال وسائل النقل المستدام، أو اتباع أفضل الممارسات اليومية الصديقة للبيئة، سواء في المكتب أو في السيارة أو الحديثة أو المنزل، وغيرها من التطبيقات التي تساهم وبشكل كبير في خفض الاستهلاك؛ لأن أفراد المجتمع لهم قدرة وأثر إيجابي كبير على خفض بصمتهم الكربونية، عبر مجموعة من الإجراءات البسيطة، التي تساعد على تطبيق أفضل الممارسات، بما يضمن أفضل النتائج للإنسان ومحيطه الحيوي، فالإنجازات العظيمة دائماً تبدأ بمبادرات بسيطة، وأن السلوك المسؤول يساوي نجاحاً مستداماً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©