الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المدن الغربية تحاول الحد من تدفق الصينيين على شراء العقارات ولكن بلا جدوى

المدن الغربية تحاول الحد من تدفق الصينيين على شراء العقارات ولكن بلا جدوى
10 يونيو 2018 20:28
اجتاحت الحشود مركز بكين للمعارض في صباح اليوم الأخير من أجل معرض العقارات، الذي جذب آلاف الأشخاص المهتمين بالتملك في الخارج. لقد خلق هذا النوع من الاهتمام المتزايد موجة من رؤوس الأموال التي تجتاح المدن في جميع أنحاء العالم، وتشوه أسعار المنازل، وتثير غضب السكان المحليين وتتحدى أي محاولة للحد من ذلك. في فانكوفر، استولى مشترو المنازل الصينيون على العقارات بسرعة كبيرة في عام 2016، حيث تصاعدت الأسعار بمعدل 30% في الشهر مقارنة مع العام السابق. وعندما فرض المسؤولون في فانكوفر ضريبة مشتريات عقارية على الأجانب بنسبة 15%، تحول المشترون الصينيون إلى تورنتو، وسرعان ما رفعوا أسعار المساكن. سعياً للحد من طفرة السوق في منطقة تورنتو، أدخل المسؤولون في مقاطعة أونتاريو ضريبة للمشترين الأجانب بنسبة 15 % في أبريل من العام الماضي. وبدأ المشترون الصينيون في ذلك الوقت بالعودة إلى فانكوفر، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية جديدة في منتصف عام 2017، وإثارة جولة جديدة من الإجراءات في فبراير. وبحلول مايو، انخفضت أرقام المبيعات بنسبة 35 % عن العام السابق، ولكن الأسعار، لا تزال أعلى من معدلاتها الطبيعية بنسبة 11.5 %، وفقاً لمجلس إدارة العقارات في فانكوفر. وقد دفع السعي الحثيث للمستثمرين الصينيين، من أجل الحفاظ على أموالهم خارج البلاد، إلى تدفق ما يقدر بنحو 100 مليار دولار لشراء العقارات خارج الصين في عام 2016، وفقاً لموقع جواي الإلكتروني، وهو موقع صيني للعقارات. وفورة الشراء تلك التي نمت من 5 مليارات دولار في عام 2010، ساعدت على تضخم أسعار المساكن والعقارات التجارية في المدن الواقعة على حافة المحيط الهادي وما وراءها. وحصل المشترون الصينيون على شقق ومنازل من فانكوفر إلى أوكلاند إلى سيدني. وفي حين كان رأس المال الأجنبي مرحباً به في السنوات التي أعقبت الأزمة المالية العالمية، فقد وجد المسؤولون أن محاولة السيطرة على تدفق الأموال الأجنبية إلى سوق العقارات يشبه الضغط على البالون: فالضرائب على المشترين الأجانب في مدينة يدفعهم للتحرك تجاه مدينة أخرى وفي بعض الأحيان يعودون إلى المدينة الأولى سواء كانت هناك ضرائب أم لا. مرحلة التجربة والخطأ وقال آرون تيرازاس، كبير الاقتصاديين في مجموعة «زيلو جروب» التي تتخذ من مدينة سياتل مقراً لها، إن الحكومات على مستوى العالم «لا تزال في مرحلة التجربة والخطأ». «إنهم يحاولون معرفة ما ينجح وما لا ينجح». المسؤولون في كندا وأستراليا، حيث تجذب المنازل ذات الأسعار المعقولة نسبياً والسكان الذين يتحدثون لغة الماندرين الكبيرة المشترين الصينيين، يشعرون بالقلق من أن فقاعات الأسعار تهدد اقتصاداتهم الإقليمية. ولم يبد سوق الإسكان في مونتريال أي علامات على الاقتراب من مرحلة الخطر، ولكن بعد أن أقسمت فاليري بلانت في العام الماضي بصفتها رئيسة بلدية، طلبت من المسؤولين الإقليميين فرض ضرائب على الأجانب الذين يشترون عقارات في ثاني أكبر مدينة في كندا. بعد رؤية ما حدث في فانكوفر وتورنتو، كانت بلانت تشعر بالقلق من أن تكون المدينة التالية. وقالت متحدثة باسم مكتب رئيس البلدية: «يجب أن نكون حذرين للغاية». في معرض بكين العقاري في أبريل، قالت باو ينجي من شركة بي واي رياليتي، التي تسوّق للشراء في مونتريال، إن المدينة لم تفرض بعد ضرائب عالية على المشترين الأجانب. «وهذا يجعلها مميزة للمستثمرين». وأضافت باو التي كانت ترتدي قبعة سوداء وتجلس في كشك مزين بعلم كندا، إن مونتريال لديها مساكن جديدة وثقافة مثيرة للاهتمام باللغة الفرنسية. ووصفت مونتريال بأنها «باريس الغرب». وقد وقف للاستماع إليها تشانغ يوشينغ، وهو مواطن من بكين يبلغ من العمر 43 عاماً. كان قد خطط للشراء في فانكوفر، لكن الزيادة الكبيرة في الضرائب على تملك الأجانب حالت دون ذلك. وقال إن اختياره الأفضل الآن هو مونتريال. لم يكن تأثير المشترين الأجانب على أسعار المنازل واضحاً تماماً، وفقاً للمحللين وصندوق النقد الدولي. كما ساهمت أسعار الفائدة المنخفضة وسياسات الهجرة في كندا وأستراليا، بالإضافة إلى التوفّر المحدود للمساكن في بعض المناطق، في ارتفاع أسعار المنازل. إن تعقب المشترين الأجانب بشكل دقيق ليس سهلاً، على الرغم من أن بعض الحكومات المحلية تستطيع الآن حساب عدد الأشخاص الذين يدفعون الضرائب باعتبارهم مشترين أجانب. لا يتم احتساب بعض المشتريات، على سبيل المثال، عندما يحمل المشترون الأجانب جنسيتين، أو إذا أجريت المعاملات من خلال شركات أو وكلاء محليين يحجبون هوية المشتري. المشترون الأجانب في أستراليا، قال جوناثان كيرنز، رئيس قسم الاستقرار المالي في بنك الاحتياطي الأسترالي، إنه في نوفمبر كان يقدر أن المشترين الأجانب يمثلون 10% إلى 15% من المنازل تحت الإنشاء، أي ما يعادل حوالي 5% من إجمالي مبيعات المساكن في البلاد. وكان النشاط الأعلى في هذا المجال في ملبورن وسيدني، كما قال كيرنز، حيث شكل المشترون الأجانب حوالي ربع المنازل التي تم بناؤها حديثاً. وقال إن حوالي ثلاثة أرباع المشترين الأجانب كانوا من الصين. ضاعفت ولاية نيو ساوث ويلز حيث تقع مدينة سيدني، ضرائبها على الأجانب إلى 8% في يوليو 2017، ولكن ذلك لم يؤد إلى كبح الطلب. وكانت الزيادة في أسعار المنازل قد تباطأت مؤخراً في سيدني وملبورن، لكن المشترين الصينيين ما زالوا يهيمنون على الاستثمار الأجنبي في مجال التطوير العقاري في جميع أنحاء أستراليا، وفقاً لشركة نايت فرانك العقارية. فقد اشترى المواطنون الصينيون عقارات بحوالي 1.5 مليار دولار في العام الماضي، أي ما يعادل ثلث إجمالي مبيعات العقارات في أستراليا. وقال جون إليس، الرئيس التنفيذي لشركة «انفستورست»، وهي بوابة إلكترونية للمعاملات العقارية عبر الحدود، إن شراء العقارات الصينية «قوة هائلة لا يمكن إيقافها». ووصف رئيس بلدية فانكوفر المنتهية ولايته غريغور روبرتسون ذلك بأنه مثل «الفيضانات التي تضرب بشدة خاصة عندما تكون الضرائب منخفضة والضوابط التنظيمية ضعيفة». إعلانات صينية ويستخدم المعلنون في سوق العقارات في فانكوفر، اللغة الصينية للتسويق، حيث يتم وضع علامات باللغة الصينية أمام المنازل المعروضة للبيع، وتحمل الحافلات ومقاعدها في ضاحية ريتشموند، جنوب فانكوفر، إعلانات عقارية، باللغة الصينية أيضاً. ويتم تسوية البيوت القديمة لإفساح المجال لبناء منازل جديدة، والتي يقول الوكلاء العقاريون إن المشترين الصينيين يفضلونها. وقال روبرتسون إن ارتفاع أسعار المنازل سيطر على معظم فترة ولايته. وقال إن أحد الأسباب هو عدم التنسيق بين المستويات الرئيسية الثلاثة للحكومة الكندية - الفيدرالية والإقليمية والبلدية. وقال روبرتسون في مقابلة صحفية: «إنه تحدٍ معقد بين تنظيم الاستثمار في الخارج، والممارسات العقارية المحلية ومعالجة المعروض من المساكن داخل المدن، وكلها تأتي متزامنة، والحقيقة هي أن التدخلات لضبط هذا الوضع تستغرق وقتاً ولا يمكن التنبؤ بالنتيجة كلياً». بعد أن أخفقت ضريبة فانكوفر بنسبة 15% في وضع غطاء للحد من المشترين الأجانب، عمل روبرتسون مع مقاطعة بريتش كولومبيا على اتخاذ خطوات أكثر شراسة. في فبراير، رفع مسؤولو المقاطعة ضريبة المشترين الأجانب إلى 20% وتوسعت الرقعة التي تفرض فيها تلك الضريبة إلى ما بعد فانكوفر. وفرض المسؤولون أيضاً ضريبة جديدة 0.5% من قيمة العقار على أن تتضاعف تلك الضريبة على مالكي المنازل الذين لا يدفعون ضريبة دخل في كندا في العام المقبل إلى 2%. في أبريل، أعلنت بريتش كولومبيا أيضاً تدابير لردع إعادة بيع الوحدات السكنية قبل الانتهاء من البناء، لتثبيط المستثمرين من الاتجار في العقارات والاستفادة من زيادة الأسعار قبل أن يتم السكن في العقار. السكن الفاخر في معرض بكين، قالت فلورنس تشان إنها أرادت في الأصل شراء منزل في فانكوفر لكنها غيرت رأيها. وقالت: «الضرائب مرتفعة للغاية»، مضيفة أن ملبورن تبدو أفضل. المشترون الصينيون يتدفقون على الشراء في مجمع «661 تشابل ستريت» السكني الفاخر في ملبورن. ففي ديسمبر الماضي، قال أو سي تشي، مدير المشروع الذي تتولى تنفيذه شركة «غامودا لاند» الماليزية، إن المشترين الصينيين يمثلون ما يقرب من 10% من المبيعات في المجمع السكني الفاخر، والذي يحتوي على غرف طعام خاصة وقبو نبيذ ومسرح ومكتبة. تبدأ الأسعار حول 410 آلاف دولار لغرفة نوم واحدة، وحتى أكثر من مليوني دولار لوحدات من ثلاث غرف نوم. وأضاف أن أحد اهم نقاط الإغراء الرئيسية في المجمع هو الموقع. حيث إنه قريب من العديد من الجامعات الكبرى، حيث يعتزم بعض المشترين الصينيين إرسال أبنائهم للحصول على شهادة جامعية من هناك. وحاولت بكين الحد من هروب رؤوس الأموال، خشية أن تهز الثقة في الاقتصاد الوطني وربما تضعف قيمة اليوان. وقد دفعت القوانين الأخيرة التي أعلنتها بكين العديد من كبار رجال الأعمال الصينيين إلى سحب مشترياتهم في الخارج ووقف عدد من الاستثمارات في شراء الأبراج السكنية والفنادق الفاخرة. رسمياً، يسمح للمواطنين الصينيين بتبادل فقط ما يعادل 50 دولاراً من اليوان سنوياً. لكن المستثمرين يشيرون إلى وجود ثغرات. يتجنب المستثمرون الصينيون الخضوع لهذه النسبة بإثبات أن العقار الذي يشترونه بالخارج من أجل دعم أولادهم الذين يتلقون التعليم في تلك المدن، وكذلك عن طريق شراء سلع فاخرة مثل ساعات رولكس باليوان وتبادلهما بالدولار لاستخدامها في شراء العقارات في الخارج. أحد الأهداف المرغوبة كان مدينة أوكلاند، نيوزيلندا، التي يقطنها أكثر من مليون شخص. تم اختيار أوكلاند المدينة الأكثر جذباً في العالم للمستثمرين في سوق العقارات الفاخرة، وذلك استناداً إلى المبيعات في عام 2015 من خلال استطلاع كريستي الدولي للعقارات. وقد ساعدت سياسة الهجرة المفتوحة في البلاد والقوانين المخففة لتملك الأجانب على تحقيق نمو سنوي بنسبة 63% في مبيعات المنازل التي تزيد على مليون دولار في عام 2015. مستوى المعيشة في العام الماضي، اندلعت ردة فعل سياسية عن الشكاوى من أن مستوى المعيشة في المدينة أصبح باهظاً للغاية. فقد سجلت معدلات ملكية المنازل في نيوزيلندا أدنى مستوى لها منذ عام 1951، حسب البيانات الوطنية. ويمتلك ربع السكان دون سن الأربعين مسكنهم مقارنة بنصف تلك الفئة العمرية في عام 1991. وقام حزب العمل الذي ينتمي إلى يسار الوسط بشن حملة على إجراءات الإسكان، وتعهد في أكتوبر الماضي بفرض حظر على المضاربين الأجانب الذين يشترون عقارات سكنية. وفي الواقع فإن الحكومة الجديدة تريد أيضاً الحد من الهجرة. وقالت رئيسة الوزراء جايندا ارديرن في مؤتمر صحفي في الخريف الماضي: «نحن مصممون على تسهيل قيام سكان نيوزيلندا الذين لا يملكون منازل لأن يشتروا منزلهم الأول حتى نوقف المضاربين الأجانب الذين يشترون العقارات ويزيدون الأسعار». ارتفعت أسعار المنازل في البداية، حيث بحث المشرعون فرض قيود على الاستثمار الأجنبي في سوق العقارات. وقال بنجامين ليو، وهو وكيل لدى راي وايت للعقارات في أوكلاند، إن أحد المشترين الصينيين حجز رحلة وغادر نيوزيلندا فور سماعه بشأن القيود المقترحة. وحالياً يعود رأس المال الأجنبي إلى كندا، مما أدى إلى الارتفاع الأخير في أسعار المنازل. حيث يتدفق المشترون من الصين والولايات المتحدة على فيكتوريا، عاصمة مقاطعة بريتش كولومبيا التي تقع على جزيرة غرب فانكوفر. وتم إعلان فيكتوريا سوق الإسكان الجديد الأكثر سخونة في العالم، طبقاً لمسح كريستي الدولي للعقارات في العام الماضي، على أساس زيادة قدرها 29% في المبيعات السنوية للمساكن التي تزيد على مليون دولار. ووصلت منازل الأسرة الواحدة في منطقة فيكتوريا إلى مستوى قياسي بلغ حوالي 570 ألف دولار في مايو، بزيادة 9 % على العام السابق، وفقاً لمجلس فيكتوريا العقاري. «تشهد فيكتوريا نفس النمو السريع في أسعار المساكن وحجم المبيعات التي عززت تورونتو وفانكوفر في السنوات الأخيرة»، قالت كريستي إنترناشونال في مسحها الشهر الماضي. «إذا كان من الممكن أن تكون تورونتو وفانكوفر مقياساً، فمن المرجح أن تواصل فيكتوريا أداءها الجيد على الرغم من الأنظمة الجديدة» التي تستهدف المشترين الأجانب. وقد تحول الاهتمام بالفعل إلى ماليزيا وتايلاند، التي تتصدر قائمة المشترين الصينيين، قبل الولايات المتحدة وأستراليا، وفقاً لموقع جواي الإلكتروني. وقبل عامين، كانت تحتل تايلاند المرتبة السادسة. وتوقع موقع جواي الإلكتروني أنه على مدى العقد المقبل ينفق المستثمرون الصينيون 1.5 تريليون دولار في الخارج، نصف هذا المبلغ في العقارات. * الكاتب: بول فييرا - فانكوفر وراشيل بانيت - سيدني ودومينيك فونغ - بكين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©