الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

القروض الحكومية المفرطة تهدد «ثورة» البنوك الصينية

القروض الحكومية المفرطة تهدد «ثورة» البنوك الصينية
17 يوليو 2010 22:27
قادت الثورة التي حدثت في قطاع الصيرفة الصيني خلال العقد الماضي، إلى التراجع النسبي الذي ساد الأسواق الغربية. فبينما كانت البنوك الأميركية والأوروبية مشغولة بالتوسعات، تحولت الصين من نمط البيروقراطية الشيوعية الذي تشله الديون المتعثرة، إلى نجاحات تفوقت بها على كل اقتصادات العالم. وتكتمل صورة هذا التحول بعملية اكتتاب البنك الزراعي الصيني، الذي يحل في الترتيب الأخير ضمن أكبر خمسة بنوك تابعة لحكومة الصين، ويعتبر البنك ضخماً حتى على ضوء المعايير الصينية بعملائه البالغين 320 مليونا، وعدد من الفروع التي تفوق أي مؤسسة أخرى في “وول ستريت”. وبحسب القيمة السوقية، تأتي أربعة بنوك صينية ضمن أفضل عشرة في العالم. وفي العام 2004، لم تكن الصين تملك مصرفاً واحداً ضمن هذه القائمة. وبالمقارنة، تبدو مصارف أكثر شهرة، وإقراضاً، في العالم مثل “دويتشه بنك”، و”باركليز”، صغيرة بالنسبة لهذه المصارف. وكما هو معروف لكل المصرفيين في العالم، فإن النهضة الصينية أكثر صلابة وقوة من النهضة اليابانية في ثمانينات القرن الماضي. كما أن الفرص التمويلية في الصين متوافرة مستقبلاً، وبأحجام ضخمة. ولأن البنوك الصينية لم تبارح كنف الحكومة، فإنها لم تتعرض للأزمات كغيرها. لذا، وعلى الرغم من أنها تحقق أرباحاً، وتقع في شباك الشركات العامة، فإن الحكومة تملك معظم الأسهم، والحزب الشيوعي هو الذي يقوم بتعيين المديرين الكبار الذين يتقاضون أجوراً ضئيلة جداً مقارنة بنظرائهم في الدول الغربية. وبسبب انغلاق النظام المصرفي الصيني، فإن المصارف الأجنبية لا تملك سوى أسهم قليلة فيها. والشركات الأجنبية التي تزاول بعض النشاطات في الصين، لا تتجاوز حصتها في الأسواق 1% من حيث الأرباح، بينما تحقق الصينية في الخارج، ما يقارب 4%. ويبلي هذا النموذج الصيني بلاءً حسناً. وتحاول الدول الغنية إنعاش اقتصاداتها من خلال إقراض البنوك المركزية للبنوك الأخرى التي تقوم بتخزين السيولة. وفي أعقاب الأزمة الآسيوية في 1999، قضت الصين على دور الوسيط، وأمرت المصارف أن تزيد من عملياتها الإقراضية. وبذلك، ارتفع معدل القروض من 102% من الناتج المحلي الإجمالي في 2008، إلى 127% في 2009، بتمويل كل شيء تقريباً من الشوارع التي تشق مزارع الأرز، إلى الشقق الفارهة في بودونج. وظل النمو قوياً في الصين وبدأت في كسب المزيد من المستثمرين. وبات مقبولاً اليوم في كل من الهند والبرازيل، المناداة بمساعدة البنوك الحكومية للتصدي للأزمات الاقتصادية. وحتى في الدول الغنية، يفكر المنظمون في استخدام الطرق الصينية لإدارة الائتمانات. وتم استبدال صفة الدكتاتورية الملازمة للشيوعية، بصفة “الرقابة العقلانية الشاملة”. لكن وحتى المعجبين بالصين، لا يمكنهم تفادي الإشارة إلى مشكلة ديونها المتعثرة. وعلى الذين يعتقدون أن الديمقراطيات الاشتراكية لا منافس لها عندما يتعلق الأمر بالقروض عديمة الفائدة، النظر إلى الصين. وبعد عقود من سوء الإدارة، وبحلول نهاية تسعينيات القرن الماضي، كان ثلث القروض سيئة، حيث تملك معظمها شركات حكومية تم احياؤها من جديد. ولنظافة هذا الإرث، أصبحت الصين رائدة في برامج المساعدات الحكومية، حيث قامت ومنذ العام 1998، بضخ ما يوازي 420 مليار دولار في المصارف الخمسة الكبيرة. وتهدف الإصلاحات الصينية لعدم تكرار حدوث ذلك مرة أخرى. ومن أكثر الأشياء التي تثير القلق، القروض التي يتم تقديمها للبنى التحتية التي ترعاها الحكومات المحلية “ربما تشكل سدس القروض”، والتمويلات العقارية، وتمويلات الرهونات العقارية “خمس إجمالي القروض”. وعلى الرغم من ارتياح المصرفيين، إلا أن المستثمرين يزعجهم فساد المسؤولين، وخلو المراكز التجارية من المتسوقين. وعلى الرغم من خطورة هذه الديون المتعثرة، إلا أنها لا تتسبب في انهيار النموذج المصرفي الصيني. وحتى إذا تم شطب جزء كبير من هذه الديون، فإن النظام المصرفي قادر على امتصاص الصدمة. ويعود الفضل في ذلك لنمط التنظيم الذي حث المصارف على زيادة رؤوس أموالها هذا العام بحوالي 12% تقريباً. لكن يعزى السبب الأساسي إلى معدل التوفير الذي تسير عليه الصين. وبما تملكه المصارف من إيداعات كبيرة، فإنها ليست في حاجة لأسواق الديون المتقلبة لتوفر لها القروض. ووفر ذلك عليها الوقت لتجد مخرجاً من مشكلة هذه الديون عبر استغلال الأرباح التي تعود عليها من معدلات الإقراض العالية لتزيد من رؤوس أموالها. ومن المعروف أن الحكومة الصينية، وبديونها القليلة، واحتياطاتها النقدية الضخمة، تعتبر ملجأً آمناً. وفي الحقيقة يعتبر النجاح الشيء الواحد الذي يمكن أن يعمل على نهاية النموذج المصرفي الصيني الراهن. وإذا ما استطاعت الصين هضم النهضة الإقراضية من دون حدوث أي ركود، ومن ثم إعادة توازنها الاقتصادي بتوجهها نحو الاستهلاك وابتعادها عن الاستثمارات، فعلى المصارف إفساح مساحة في الميزانية لإقراض الأفراد والمؤسسات الصغيرة. كما أن الارتقاء بالبنى التحتية التمويلية، وبالشركات الحكومية، سيعمل على التحول إلى أسواق السندات. وبتوافر مصادر التمويل الكثيرة بالنسبة للعملاء، تقل معها أرباح الإقراض المصرفي، مما يرغمهم إلى اللجوء للتنويع في نشاطات أسواق المال، مثل الاكتتاب وغيره. وكذلك سيقل مخزون الإيداعات المصرفية المرتبطة بالقروض، بسبب انخفاض معدل الادخارات، وتحويل العملاء أموالهم للأسهم والسندات ذات الأرباح الأكثر. وبذلك، تصبح المصارف الصينية شبيهة بمصارف البلدان الأخرى، على الرغم من استمرار الهيمنة الحكومية عليها، إلا أن ذلك سيتغير تدريجياً. وبمعدل النمو الحالي، ستكون المصارف الصينية في حاجة لحقنها بالأموال بين كل فترة وأخرى. وبينما تسعى المصارف الصينية لاحتلال موقعها المناسب من بين المصارف العالمية، ستكتشف أنه ليس من السهل عقد صفقات أجنبية كبيرة، في حين تتولى الحكومة تسيير الأمور. عن« إيكونوميست»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©