الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الدار البيضاء متحف فني بلا أبواب مهدد بالزوال

4 مايو 2012
الدار البيضاء (أ ف ب) - تعد الدار البيضاء متحفاً فنياً في الهواء الطلق بتنوع التراث المعماري للمدينة بين الإسلامي في المدينة القديمة، والطرز المعمارية التي أدخلت خلال فترة الاستعمار مثل “آر ديكو”. وعلى امتداد شارع محمد الخامس، أحد أقدم شوارع الدار البيضاء، لا تمنع حركة الترامواي الذي يفترض أن يخفف زحمة السير في أكبر مدينة بالمغرب العربي، عشاق الأعمال الفنية من التمتع بالتنوع المعماري لعشرات الأبنية التي تعود أغلبها إلى مطلع القرن العشرين. وقال المهندس المعماري كريم الرويسي نائب رئيس جمعية ذاكرة الدار البيضاء إن سبب تفرد الدار البيضاء “هو أنها شكلت طيلة النصف الأول من القرن العشرين مختبرا معمارياً”. وأضاف “يمكن أن نجد مثلاً بنايات على طراز آر نوفو، مثل بناية ماروك سوار التي صممها المهندس المعماري الفرنسي ماريوس بوايه، الذي ينتمي للمدرسة الموريسكية الحديثة”. وبنى المهندسون المعماريون، والفرنسيون على وجه الخصوص، هذه البنايات للمستعمرين خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، ثم للطبقة البرجوازية المحلية فيما بعد. واستوحى المهندسون تصميم بناياتهم من طرازي “آر ديكو” و”آر نوفو” الرائجين في أوروبا وقتها، وأضافوا إليهما زخرفات مغربية تقليدية، مع استخدام الجص أو النحت على خشب الأرز، فأعطى هذا التمازج أسلوبا فريدا. واسم الدار البيضاء الذي يطلقه المغاربة على المدينة، هو ترجمة لكلمة “كازابلانكا”، الاسم الذي أطلقه الإسبان على المدينة عند بنائها مطلع القرن الـ19. لكن التراث المعماري لمدينة الدار البيضاء مهدد اليوم بالهدم والإهمال والمضاربات العقارية. وأصبح من الصعب الآن على اللذين لا يزالون يحنون إلى أيام هامفري بوجارد وآنجريد برجمان، التعرف إلى ملامح المدينة الأصلية. ففي وسط الدار البيضاء، قرب المدينة القديمة، تحولت بناية “إكسلسيور” القديمة، إلى أحد أهم المقاهي التي يقصدها الأغنياء البوهيميون. وشيد مبنى إكسلسيور المهندس المعماري الفرنسي هيبوليب جوزيف دولابورت سنة 1916، وهندسته بسيطة لكنها مليئة بالتفاصيل المرهفة. وأوضح كريم الرويسي أنه غالبا ما يقيم في البنايات العتيقة أشخاص يدفعون “إيجارات زهيدة جدا” تراوح بين 500 و2000 درهم مغربي (45 إلى 180 يورو). كذلك فإن هؤلاء المستأجرين والمالكين أيضاً لا يقومون بأعمال صيانة لهذه الأبنية التي تتدهور حالتها يوما بعد يوم. ويتطلب إخلاء شقة من هذا النوع دفع مبلغ قد يصل إلى 50 ألف يورو. كذلك، يستغل المقاولون والمضاربون العقاريون غياب سياسة لصيانة التراث، في هدم البنايات القديمة وبناء مبانٍ جديدة مكانها أكثر ارتفاعا وربحية، أو بإضافة طوابق جديدة على الطوابق القديمة على حساب الوحدة والجمالية الهندسية. ويقول الرويسي إن “إعادة البناء تتم على حساب تراث المدينة”. وترغب جمعيته في إدراج الدار البيضاء على قائمة التراث العالمي لليونسكو “في القريب العاجل”، لوضع حد للتجاوزات، وهي مهمة تقع على عاتق وزارة الثقافة. لكن جاد ثابت، العضو السابق في لجنة قائمة التراث العالمي في منظمة اليونسكو أكد أن “تسجيل تراث حديث مثل فن العمارة في الدار البيضاء ضمن لائحة التراث العالمي، أمر معقد مقارنة مع المدن العتيقة”. وتابع المهندس الفرنسي “يضاف إلى ذلك أن الدار البيضاء هي عاصمة البلاد الاقتصادية، والسلطات المغربية ربما لا تريد اعتماد تدابير يمكن أن تكبح الحيوية الاقتصادية والنشاط العقاري” فيها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©