الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البرتغاليون يطوون صفحة «الترويكا» ويواصلون تنفيذ برنامج التقشف

البرتغاليون يطوون صفحة «الترويكا» ويواصلون تنفيذ برنامج التقشف
18 مايو 2014 22:34
أصبحت البرتغال أمس الأول ثاني بلد في منطقة اليورو بعد أيرلندا يخرج عن الوصاية المالية لدائنيه ضمن خطة مساعدة مالية، وتستعد لعودتها إلى الأسواق في إطار انتعاش اقتصادي لم يشعر المواطنون بعد بآثاره. وتتجنب الحكومة حالياً الحديث عن انتصار. وقال الناطق باسم الحكومة لويس ماركيس جيديس، إن «الوقت ليس حالياً لاحتفال». وأضاف: «يجب أن نواصل التقشف لنتجنب السقوط في أخطاء الماضي من جديد». وينتظر البرتغاليون الرحيل النهائي لمفتشي الترويكا الذين يصفونهم «بالرجال الذين يرتدون اللباس الأسود». لكن هذه الخطوة لن تعني انتهاء التقشف. وقال رئيس الوزراء البرتغالي بيدرو باسوس كويلو، محذراً من أن «البرتغال نجحت في تجاوز واحدة من أسوأ الأزمات في تاريخها الحديث لكن ما زال لدينا عمل كبير». وأضاف أن «الانضباط في الميزانية سيكون مسؤولية دائمة». ومثل أيرلندا، تخلت البرتغال عن طلب خط ائتمان احتياطي مستفيدة من الانخفاض المفاجئ لفوائد الإقراض لديها واحتياطيها المالي الكبير. وقال مساعد وزير الدولة في مكتب رئيس الوزراء كارلوس موداس: «إنه قرار نهائي فكرت به الحكومة ملياً. نحن متأكدون انه القرار الأمثل للبرتغاليين». وبعدما دفعت ازمن الديون اليونان ثم أيرلندا إلى طلب مساعدة الترويكا (الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي)، طاولت الأزمة بشكل مباشر قبل ثلاث سنوات البرتغال التي باتت عاجزة عن التمول في الأسواق بنسب فوائد معقولة. وبعد وصولها إلى شفير الإفلاس، تلقت البرتغال في مايو 2011 قرضا بقيمة 78 مليار يورو مقابل تطبيق الحكومة برنامج تقشف غير مسبوق ترافق مع تخفيضات في أجور الموظفين الرسميين والمعاشات التقاعدية ومع زيادة في الضرائب بنسبة 30%. وفي ختام اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء، وعدت الحكومة في وثيقة بعنوان «الطريق إلى النمو» أمس الأول المستثمرين بمواصلة برنامج الإصلاحات والتقشف بعد 17 مايو. غير أن الإعلان المفاجئ الخميس عن انتكاسة جديدة للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0,7% في الربع الأول من السنة كان له وقع صدمة، خصوصاً أن هذا التراجع طاول بشكل أساسي الصادرات التي تشكل المحرك الرئيسي للاقتصاد البرتغالي. لكن محللين يرون أن هذا التراجع الناجم عن تباطؤ عابر للتصدير يفترض ألا يؤثر على الانتعاش التدريجي للاقتصاد. وقد أبقت الحكومة على تقديرها للنمو خلال السنة الجارية بـ 1,2%. وقال بيدرو لينو مدير مجموعة «ديف بروكر»، إن هذا لن يمنع البرتغال من العودة إلى الأسواق مرفوعة الرأس «طالما أنها تواصل الإصلاحات». إلا أن عدداً من الاقتصاديين طالبوا بتمديد عمل الترويكا معتبرة أن هذه الحلقة الضعيفة في منطقة اليورو ستكون من أوائل الدول التي ستتأثر بأي تقلبات في الأسواق. وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة لشبونة الكاثوليكية جواو سيزار «بدون مساعدة سنواجه الأسواق بمفردنا وأي خطأ سيكلف كثيراً. يجب أن نواصل العمل في خفض النفقات العامة». وكان تدخل الترويكا فعالاً في هذا المجال. فخلال ثلاث سنوات، انخفض العجز العام بمقدار النصف ليبلغ 4,9%. لكن الدين استمر في الارتفاع (من 94 إلى 129% من الناتج المحلي الإجمالي) وما زال النمو محدوداً. وقال نائب رئيس المفوضية الأوروبية سيم كالاس، إن «سياسات التقشف الميزاني والإصلاحات الهادفة إلى تعزيز النمو يجب أن تستمر الأشهر والسنوات القادمة». وفي خريف 2012، نزل مئات آلاف البرتغاليين إلى الشوارع تعبيراً عن استيائهم مما وصفوه بظلم اجتماعي، ما أسقط الإجماع حول سياسة التقشف وأرسى قطيعة بين الشعب والحكومة. ثم تراجعت التعبئة تدريجياً وحل الإذعان محل الاحتجاجات. وفي ربيع 2013، خرجت البرتغال من الانكماش وعاد الأمل في تخطي الأزمة. وقال رئيس الوزراء مؤخراً، إن «الانتعاش هنا، شكلنا احتياطات مالية تكفينا لعام، لكنني أعلم أن العديد من البرتغاليين لا يشعرون بعد بأي تحسن في حياتهم اليومية». ورغم ذلك، فإن كل المؤشرات خلال الأشهر الأخيرة كانت تعكس تحسناً اقتصادياً من إقبال المستثمرين وتدني نسب الفوائد على القروض إلى أدنى مستوياتها، وضبط العجز المالي، وعودة النمو بعد أسوأ انكماش منذ 1975، وتحقيق القطاع السياحي أداء قياسيا، ما شكل بالنسبة للحكومة حججا تدعم خيار الخروج من خطة المساعدات بدون شبكة أمان. ويعيش نحو 20% من البرتغاليين دون عتبة الفقر حيث يتقاضون دخلا يقل عن 409 يورو في الشهر. وإن كانت نسبة البطالة تراجعت، إلا أنها لا تزال تطاول 15,1% من السكان في السن العمل فيما تصل إلى 37,5% بين الشباب. غير أن التراجع في أرقام البطالة يبقى صورياً، إذ إنه ناتج إلى حد بعيد عن الهجرة التي بلغت مستوى شبيها بما كان عليه في الستينيات، وقد غادر حوالي 300 ألف برتغالي البلاد بين 2011 و2013، ما يمثل 6% من مجموع السكان في سن العمل. يبقى أن تدخل الترويكا سمح بوقف الانهيار المالي ومنذ عام 2010 تراجع العجز في المالية العامة بمعدل النصف إلى 4,9% عام 2013. غير أن الدين واصل الارتفاع ليصل من 94% إلى 129% من الناتج المحلي الإجمالي. وقال جواو لويس سيزار داس نيفيس أستاذ الاقتصاد في جامعة لشبونة الكاثوليكية، إن «الأزمة لم تنته لأن المرض مستمر، مع نسبة ديون عامة خاصة مرتفعة جدا، لكن تقدماً كبيراً تحقق». (لشبونة - أ ف ب)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©