الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

ذوو الاحتياجات الخاصة يخضرون الصحراء في منطقة بني ياس

ذوو الاحتياجات الخاصة يخضرون الصحراء في منطقة بني ياس
25 أكتوبر 2008 01:18
يجلس إبراهيم وشقيقه سالم ''القرفصاء'' وهما يقتلعان الحشائش الضارة من الحقل· فالموسم هو لزراعة البذور وعليهم الانتهاء من تهيئة الأرض قبل المباشرة بعملية الزراعة· إبراهيم وسالم يعملان في ''مركز زايد الزراعي للتنمية والتأهيل'' التابع لـ''مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية'' في منطقة بني ياس· واستطاعا مع 43 من زملائهم ممن يعانون من إعاقات ذهنية خفيفة ومتوسطة تحويل الصحراء إلى خضرة بزراعتهم أنواعا عدة من الخضار والفاكهة· وهم اليوم بصدد البدء بزراعة الزهور بعد أن نجحت محاولاتهم وتجاربهم الأولى· تأسس المركز عام 1994 بقرار من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''رحمه الله''، وتم نقل تبعيته الى المؤسسة العام المنصرم· وساهم على مر السنين في تحويل ذوي الإعاقات الذهنية الخفيفة والمتوسطة من عالة على المجتمع الى مساهمين في بنائه· وعمل المركز على تنمية قدرات ''المتدربين''، كما يطلقون عليهم في المركز، ومهاراتهم الزراعية على مساحة من الأرض بلغت 11,8 هكتار· شيد داخل هذه المساحة 20 بيتاً بلاستيكياً الى جانب الأراضي المفتوحة وكلها استخدمت في إنتاج العديد من المنتوجات الزراعية· وفي جهة أخرى، انشئت وحدة ''المناحل''، فاستقدم المتخصصون لتعليم ''المتدربين'' على تربية النحل وإنتاج العسل· وكلها تروى من مياه الخزان الذي شيد داخل المركز ويستوعب نصف مليون جالون من المياه· وتكفي هذه المياه أيضاً باقي المباني الإدارية ومكاتب الموظفين اضافة الى المطعم وقاعات التدريب والمحاضرات والمرافق الخدماتية الأخرى· ويؤكد مدير المركز المهندس محمد سيف العريفي أن ذوي الاحتياجات الخاصة ''أجادوا في عملية الزراعة، وتطورت حالتهم النفسية والجسدية بعد دخولهم إلى المركز· وتمكنوا من تفريغ طاقاتهم في بيئة تعود بالفائدة المادية عليهم، والزراعية على الدولة''· ويؤمن المركز فرص عمل لذوي الاحتياجات الخاصة من سن 18 الى 37 سنة· واختير المجال الزراعي ليعملوا به كونه من المجالات الآمنة لهم، فاغلب المعدات المستخدمة لا تشكل خطراً عليهم ولا على العاملين معهم· ويقول العريفي ''تغيرت تصرفات العديد من المتدربين· بعضهم كان عصبيا وعنيفا بعض الشيء· لكن بعد التحاقهم بالمركز بدأنا نتلقى تقارير إيجابية من أهلهم تشير الى ميلهم أكثر للهدوء''· يبدأ ''الفلاحون'' يومهم في المركز الساعة السابعة والنصف صباحاً بقراءة القرآن· يتناولون الفطور، ثم يرتدون زي العمل الأخضر وقبعته البيضاء والخضراء· يتجهون إلى الحقل، ويباشر كل منهم عمله بحسب البرنامج الموضوع له من قبل الأخصائيين والمهندسين الزراعيين· يتوقفون عن العمل الساعة الثانية عشرة، يستحمون، ويتناولون وجبة الغذاء قبل أن يستقلوا الحافلات الساعة الواحدة والنصف عائدين إلى منازلهم· الابتسامة لا تفارق وجوه ''المتدربين'' على الرغم من تصبب العرق منهم· سالم وهو يهوى نزع الحشائش الضارة· يشرح كيف يهتم بالدجاج والغنم في منزله· ويتحدث بفرح عن شقيقته الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها الشهرين ''وانها ذهبت لآداء مناسك العمرة مع أهله''· في حين أن إبراهيم، يؤشر بحزن إلى عين شقيقه سالم المتورمة بسبب لسعة حشرة· ويعرب عن سعادته للعمل في الزراعة وأكثر ما يستهويه ''هو وضع السماد والري بالماء''· ثم ينتقل إبراهيم للحديث عن الملابس الجديدة التي اشتراها في عيد الفطر''· يطال عمل المتدربين تجهيز الأرض عبر نزع الحشائش الضارة وحراثتها، ثم تزرع البذور وتمدد أنابيب الري وتسمد الأرض· ولا تتوقف العملية عند نضوج الثمرة بل تليها عمليتا التوضيب والتسويق، يقوم بهما ''متدربون'' أيضا· ويروي أسامة وهو أحد المتدربين كيف يضع البذرة ''عند كل نقطة مياه· ننتظرها حتى تكبر وتعطي ثمراً· بعدها أوضبها بالصناديق وآخذها للتسويق الزراعي· اسلمهم الصناديق ويعطونني فواتير أعطيها للمركز''· ويوضح العريفي أن ''هذا الأمر يأتي ضمن عملية دمج المتدربين مع المجتمع الخارجي وهو لا يطبق على كل المتدربين بل كل متدرب يعمل بحسب ما تسمح له حالته العقلية''· ويضيف، ''يرافق المتدرب أخصائي، يذهبان مع السائق إلى السوق الزراعي لبيع الحمولة· يتم وزن الحمولة وتحرير الفواتير، تعطى للمتدرب الذي بدوره يعيدها إلى المركز''· يتقاضى كل متدرب راتباً شهرياً يتراوح ما بين 500 درهم للأعزب و2000 درهم للمتزوج· ويقول العريفي، ''بتاريخ 28 من كل شهر يرافق أخصائي المتدربين إلى البنك حيث يتقاضون معاشاتهم بواسطة البطاقة الائتمانية· ينتقلون بعدها الى الجمعيات والمراكز التجارية ليشتروا ما يحتاجونه''· ويؤكد أن العاملين الـ14 في المركز يتعاملون مع ''المتدربين'' بطريقة حسنة ''فلا ننهرهم ولا نستخدم معهم الشدة· وكل متدرب له طريقة خاصة للتعامل معه، وعندما يواجه أحدهم مشكلة يتوجه الى مكتبي ويخبرني''· سلطان أحد المتدربين ''المشاكسين''، هو لا يهوى الزراعة ''بل الكهرباء'' بحسب قوله· يرسل المركز سلطان الى ''مركز أبوظبي للرعاية والتأهيل'' التابع لـ''مؤسسة زايد للرعاية الإنسانية'' في منطقة المفرق ليحصل على بعض الدروس في الكهرباء ''لكنه يتسبب بالمشاكل مع العاملين هناك''، بحسب العريفي· وتمنح الإجازات لـ''الفلاحين'' بحسب طلب واحتياجات أسرهم وتكون معظمها في فصل الصيف· وينظم المركز لهم رحلات ترفيهية كل شهرين للترويح عنهم· رعاية المركز لـ''متدربيه'' تمتد للاهتمام بنشاطهم البدني، فهو يتيح لهم المجال لممارسة الرياضة في ملاعبه المفتوحة وصالة التمارين المجهزة بأحدث الآلات· كما يهتم المركز بالرعاية الصحية اللازمة لهم، ويخضعهم لفحوصات دورية في مستشفيات الدولة للحفاظ على سلامتهم· ويتبادل المركز الزيارات مع مراكز الرعاية والتأهيل على مستوى الدولة· ويستقبل العديد من الشخصيات البارزة لإطلاعهم على أنشطته· وحاز المركز على المرتبة الثالثة على مستوى الدولة في مجال تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو يضم رياضيين أبطالا شارك بعضهم في اولمبياد المعاقين في الولايات المتحدة وفي أولمبياد شنغهاي في الصين
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©