الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النمو الآسيوي.. وثغرة عدم المساواة

18 مايو 2014 22:44
وليام بيسيك محلل سياسي أميركي أظهرت بيانات جديدة صادرة عن البنك الدولي أن الاقتصادات النامية تبدو وكأنها أكثر قوة مما كان يعتقد سابقاً. وبقياس تعادل القوة الشرائية، فإن الناتج المحلي الإجمالي للصين يبدو حالياً على استعداد لتجاوز مثيله في الولايات المتحدة كأكبر معدل في العالم. أما الهند فقد قفزت إلى المركز الثالث، بينما تأتي إندونيسيا في المركز العاشر. ومن المتوقع أن تتصدر أخبار بدء القرن الآسيوي، الذي طال انتظاره، عناوين الصحف في جميع أنحاء المنطقة. غير أن هناك قصة أكثر قتامة تكمن وراء هذه الأرقام الجديدة سريعة التحرك. فمن حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، لا تحتل الهند المركز الثالث ولكنها تأتي في المركز الـ127. (بينما تأتي إندونيسيا في المركز الـ 107 والصين في الـ 99). وربما كان الأهم من ذلك أنه بينما ازدهر النمو في الغالب خلال الـ20 عاماً الماضية، إلا أن حالة عدم المساواة قد ارتفعت أيضاً بشكل كبير في آسيا -لتصعد النسبة من 0.33 إلى 0.49 بالمائة خلال الفترة من 1990-2010. أما الصفر فيعني المساواة التامة، وكلما ارتفع العدد كلما قلت نسبة المساواة. أما الدول التي تتخلف فمن الصعب عليها اللحاق بالركب، ووفقاً لبنك التنمية الآسيوي، فإن نحو 1.6 مليار نسمة يعيشون بأقل من دولارين يومياً – وهو مقياس لمستوى الفقر في العالم – وهم أكثر عرضة للخطر. هؤلاء الفقراء على مستوى العالم يواجهون تسونامي من الأخطار الناجمة عن التضخم الجامح، إلى جانب تأثير التغير المناخي على المحاصيل والاحتياطي الفيدرالي المتناقص والكوارث الطبيعية، وأزمة مالية عالمية أخرى، سمها ما شئت. ماذا حدث؟ في حين أن صورة الاقتصاد الكلي في آسيا قد تطورت في العقود الأخيرة، لكن لا تزال هناك حواجز تعوق الحركة الاقتصادية على المستوى الجزئي. وضمن هذا الإطار، يشير الكتاب الأكثر مبيعاً لمؤلفه «توماس بيكيتي»: «رأس المال في القرن الـ21»، إلى هذه المشكلة. وخلال قراءتي للكتاب، أصبت بالدهشة لأوجه التشابه بينه وبين كتاب «العرابون الآسيويون» لمؤلفه «جو ستادويل»، وقد التقيت «ستادويل» في هونج كونج عام 2007، حين كان التفاؤل في قمته وتحول إلى عجرفة في آسيا. لكن بعد مرور عشرة أعوام على الأزمة المالية بالمنطقة، وقد عاد النمو إلى قوته. كانت معدلات الناتج المحلي الإجمالي تزدهر، وكانت الأسهم في ارتفاع بينما تمكنت الحكومات من السيطرة على معدلات الديون لديها. غير أن «ستادويل» توقع في كتابه أن العلاقات الوثيقة للغاية بين النخب السياسية والمالية في آسيا ضمنت تقريباً أن عدم المساواة ستتسع حتى مع الناتج المحلي الإجمالي. وللأسف، فقد ثبت أنه كان محقاً. إن شبكة العلاقات تتركز حالياً في المكاسب الاقتصادية الضخمة بالمنطقة، هذا هو الخيط المشترك الذي يربط حالة الاحتجاجات المستمرة بتايلاند وخيبة أمل الهند في سياسة الأسرة الحاكمة والسياسة المشوشة في ماليزيا، وخوف الحزب الشيوعي من الاضطرابات الاجتماعية في الصين، والسخرية التي يرى بها العديد من الفلبينيين والإندونيسيين التعهدات بوصول بلادهم إلى مستويات الدول الأخرى. ففي كوريا الجنوبية، كانت وعود الرئيسة بارك جيون هاي بكبح جماح ثراء القبائل توحي بعدم التصديق وليس الثقة. والخطر هو أن هذا الوضع الراهن المتحجر في آسيا يحصر المليارات من الأشخاص في مستويات أقل بكثير من مستوى الطبقة المتوسطة. لقد نجح النمو السريع للناتج المحلي الإجمالي بصورة ملحوظة في رفع مئات من الملايين من مستوى دخل يومي يقدر بحوالي 1.25 دولار ليتفق مع مستوى دخل الفقر المدقع الذي يقدر بحوالي دولارين أو ثلاثة. ولكن الوصول إلى معدلات دخل يومي تتراوح بي 5 – 10 دولار، أو حتى مستويات الفقر المعتدل، فهو أمر يصعب تخيله. فالحكومات لا تفعل ما يكفي إطلاقا لتحسين البنية التحتية الاجتماعية أو المادية، أو الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية أو مهاجمة الرأسمالية والفساد. كما أن اتساع الفجوات في الدخل تؤدي إلى صعود خطير للشعبوية، التي تؤكد على أولويات لفترة قصيرة، ومن بينها الدعم والإعانات الحكومية التي تفجر الموازنات، أكثر من الازدهار على المدى الطويل. وللأسف، فلا يزال عدد كبير جدا من قادة آسيا في حالة إنكار لمدى الخطر الذي يمثله عدم المساواة على قصة النمو في المنطقة. فلنأخذ على سبيل المثال الصين، التي غالباً ما ينظر إليها كنموذج لقتل الفقر. ولكن البيانات الجديدة تُظهر أن الفجوة بين الفقراء والأغنياء لديها قد تجاوزت مثيلتها في الولايات المتحدة. وقد يكون الرئيس الصيني معذورا في النظر شزرا إلى مرسوم «دينج زياو بينج»: «دع بعض الناس يصبحوا أثرياء أولاً»، وفي الصين اليوم، عبارة «بعض الناس» تعني إلى حد كبير الموالين للحزب الشيوعي، وليس المواطنين العاديين. إن عنوان كتاب «ستادويل» يشير رسمياً إلى الأباطرة الآسيويين، الذين يستغلون العلاقات السياسية لخنق القوى المنافسة من جاكرتا إلى سيول. أما بيكيتي فيذهب لأبعد من ذلك، حيث يسلط الضوء حول كيف أصبحت هذه المشاكل عالمية. ولكن فشل آسيا في تقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء يشير إلى وجود شيء فاسد في عالم الرأسمالية، لايمكن إصلاحه إلا من خلال الإجراءات الحكومية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©