الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غصة مرورية

19 مايو 2014 00:07
تشهد شوارعنا بشكل يومي اختناقات مرورية تسببها الحوادث، وتنتجها تعديلات الشوارع في بعض الأحيان، فنرى التوتر قد غزا تلك السيارات التي تنتظر الفرج آملة أن تقترب من الحدث لتخرج من تبعاته، فلا أصعب على السائق من الانتظار في سيارته متأهباً للانطلاق إلى مبتغاه، ولا مخرج من قمع الزجاجة سوى التماسك والهدوء ومتابعة سير أحداث الشارع الذي لم ير بصيص أمله بعد، ومراقبة إطارات السيارة التي سبقته في طابور الانتظار وهي تسير ببطء يعينه على رؤية نقوشها، وكيف هو الحال لمن يدخل في هذا المأزق وسيارته تعاني صداعاً حاداً لصراخ أطفاله وخلافاتهم معبرين عن مللهم ورغبتهم في كسر قيود السيارة والشارع لينطلقوا بطاقاتهم إلى أرحب الآفاق، وما أشقاه لو كانت الزوجة مكتئبة وتلومه على عدم تغيير السيارة الصغيرة بعد إنجابها طفلها الثالث، وما يزيد الأمر سوءاً أن يعاني مكيف الهواء وعكة صحية تطاير على إثرها غازه ولم يعد يبخ سوى أنفاسه الحامية بالحمى. يقف صاحبنا متسمراً مستسلماً لا يجيد شيئاً ولا حتى البكاء، وماهي سوى ثوان معدودة حتى نرى من لا هم له ولا يعنيه من الوجود سوى نفسه، يسير بسيارته مسرعاً معلناً انفصاله عن الزحام متبرئاً من علاقته به، على مبدأ من له حيلة فليحتل، وإن كانت الحيلة استخدامه لخانة الطوارئ التي أعدت خصيصاً لسيارات الشرطة والمطافئ والإسعاف، ولا نظنها سوى حيلة دنيئة يقوم بها من تجرد من الدين والأخلاق والضمير. لا ندري كيف يفكر من يعطي نفسه حق استخدام طريق الطوارئ حال اختناق الشارع الذي ينذر في غالبه بوجود حادث، وماذا لو عمم ما فعل على جميع مستخدمي الشارع، هل فكر لحظة في وجود مصاب بحاجة لإسعاف عاجل سيكون سبباً في تأخير إسعافه والفارق سيودي بحياته ؟ أليس من الصعوبة أن يكون الإنسان عائقاً في سير سيارات الإنقاذ والإغاثة وتسوية الحوادث بسلاسة وسهولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟، كيف استطاع التجرؤ على حقوق الآخرين الذين احترموا القانون وأدركوا مدى ضرورة تطبيقه؟ وما أن يسير صاحبنا في تلك الخانة المخصصة لحالات الطوارئ حتى يتبعه قطيع لا يعي من الأمور سوى التبعية وإن كانت إلى الهلاك، فتحال تلك الخانة إلى زحام يفوق زحام الخانات الأخرى، وعند وصول رجال الشرطة والإسعاف يحاول القطيع العودة إلى الخانات العامة ليفسحوا الطريق خوفاً من المخالفة لا حباً في المساعدة، فيضطرب الشارع وترتبك أوصاله، ويختلط حابله بنابله ولم يعد يميز بين سيارات الطوارئ وغيرها، ولسان حاله يقول «من قلت تدبيري ما عرفت بري من شعيري». ثمة صورة يتحلى بها البعض وواجبه على الجميع، إفساح الطريق لسيارات الطوارئ بشتى أصنافها وبصرف النظر عما إذا كان الشارع مخصصاً للطوارئ أو خانة عامة فإنه واجب ديني إنساني وطني، تقتضيه المصلحة العامة والنظر في النتائج المترتبة على الإفساح وعدمه، بل يقتضيه الخوف من الله سبحانه وتعالى، وعلى قاعدة «لا ضرر ولا ضرار». نوره علي نصيب البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©