الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فنجان الدم ضحية المواقع الإلكترونية!

فنجان الدم ضحية المواقع الإلكترونية!
26 أكتوبر 2008 02:29
عندما سألناه عن مسلسله الذي لم يكتمل عرضه على إحدى القنوات الفضائية، وصف ــ بلهجة تحمل قدرا كبيرا من الغضب ــ ما حدث بأنه سابقة خطيرة، واتهم مواقع الدردشة على شبكة الانترنت باستهدافه، وعندما سألناه عن غيابه عن الدراما المصرية هذا العام بعد قرار نقيب الممثلين المصريين بوضع قيود على مشاركة الفنانين العرب في الافلام والمسلسلات، وصف ــ بنبرة تعكس قدرا من الدهشة والرفض ــ هذه القرارات بالسلبية، وقال إنها ''ستؤثر بشكل سلبي بلا شك على الفن المصري والعربي عموماً''· حوارنا مع الفنان السوري جمال سليمان لم يكن تقليديا، تماما كأعماله التي اصبحت تثير الجدل بقدر ما تستأثر بالإعجاب، التقيناه على هامش مهرجان الشرق الأوسط الدولي للسينماالذي اختتم فعالياته قبل أيام في أبوظبي، وتحدثنا اليه طويلا عن اخر اعماله وعن الضغوط التي تعرض لها مؤخرا منذ وقف عرض مسلسله ''فنجان الدم'' وعن مشاريعة المستقبلية· ورداً على تساؤلاتنا حول وقف عرض ''فنجان الدم'' خلال رمضان الماضي على إحدى القنوات الفضائية قال جمال سليمان إن ''الفن العربي يواجه الآن رقابة من نوع آخر، وهي رقابة قهرية تتمثل في عقلية المنع عند بعض الناس''· وأضاف ''إنّها''سابقة خطيرة، فوقف المسلسل جاء بعدما تردد أن الجهات الرقابية شاهدت الحلقات السبع الأولى··· سابقاً عندما كانت تقوم جهة حكومية بمنع أحد الأعمال كان هذا المنع يساهم في رفع قيمة العمل، أما الآن فعندما يقول البعض إنّ هذا العمل يسيء لنا، كقبيلة أو كطائفة أو كمهنة، لا يعود ممكناً رفع المنع أو الدفاع عن العمل، خاصة أنّ بعض المواقع الإلكترونية عمدت إلى بث معلومات ملفقة ومشوهة عن العمل، وتحولت إلى ساحات إعدام مليئة بالجلادين المقنعين، الذين لم يقرأوا النص ولم يشاهدوا المسلسل، وجرى الترويج لمعلومات كاذبة في سياق عملية افتراء مبالغ فيها، وتنحرف عن خط الحقيقة بزاوية انفراج كاملة لغايات تنافسية''· ردم المسافات وحول القرارات التي اتخذها نقيب الفنانين المصريين أشرف زكي والمتعلقة بتقنين قيام الممثلين العرب بعدد محدد من الأعمال في مصر، مما أدى إلى ابتعاده هذا العام عن تقديم أعمال جديدة في القنوات المصرية يقول سليمان: ''هذا كلام سلبي، وهذه القرارات ستؤثر بشكل سلبي بلا شك على الفن المصري والعربي عموماً، وان كان نقيب الفنانين أدرى بمصلحة الفن المصري، إلا أنّ عليه أن ينظر إلى الساحة الفنية بصورة أشمل، أنا لم ولن أبتعد عن الساحة الفنية المصرية، والساحة العربية واحدة وتتسع للجميع، والموضوع ليس إقليمياً، نحن نحتاج الى ردم المسافة بيننا كأشقاء· ومصر ما تزال قلعة رائدة للثقافة والفن في العالم العربي، نعتز بها جميعاً، ونحن عرب نتحدث لغة واحدة، ونملك تاريخاً مشتركاً· وإن اختلفنا يجب أن نبقى محافظين على ما يجمعنا· وعن تقييمه لتجربتيه التلفزيونيتين في ''حدائق الشيطان''و''أولاد الليل'' يقول جمال سليمان: ''التجربة قيمت نفسها بآراء الجمهور والنقاد، وبكل ما كتب في الصحافة سواء كان ضدي أو معي، بالنسبة لي كممثل أنا سعيد بما أنجزت، ذلك أنني استطعت أن أذهب إلى بلد كبير مثل مصر، وأن أحقق كل هذا النجاح الذي لا يمكن إنكاره، ولا يستطيع منصف أن يشكك فيه، أنا فخور بهذه التجربة، وكما كنت فخوراً بالعمل الأول، أنا أعتز بالعمل الثاني، فقد أنجزته بإخلاص شديد، وبذلت فيه مجهوداً كبيراً جداً، وأرى أنّه يمثّل إضافة للدراما المصرية· خاصة أنّه صُور بكامله في أزقة وشوارع مدينة بورسعيد، وفي بيوت الناس من مختلف الطبقات، وتعرض في موضوعه إلى قضايا اجتماعية وسياسية مهمة جداً· ''أولاد الليل'' تعرض إلى نوع من الظلم في وسائل الإعلام والصحافة·· وهناك بعض الناس قرروا التشويش ومصادرة العمل منذ البداية، لذلك اتفقوا على تشويه سمعته حتى قبل أن يصل إلى الجمهور، فبدأوا هجوماً عليه منذ الحلقة الأولى· كيف يمكن الحكم على عمل فني من حلقته الأولى أو حتى من خمس حلقات؟ الأمر لا يؤخذ بهذه الطريقة بل يجب مشاهدة العمل كاملاً، وباعتقادي أن هذا المسلسل لم يُشاهد كما يجب، طبعاً هو لا يخلو من العيوب، وبرأيي إن الحلقات الأولى كانت تشكو من بعض الإطالة، وكان يستحسن أن تكون سريعة الإيقاع، ولكن هذا لا يمنع من إعطاء العمل حقه، فقد بُذل فيه مجهود ضخم جداً، وبالمقارنة مع غيره من الأعمال يُعتبر من الأعمال الناجحة· قواعد مهنية وعما يشاع عن تدخله في تعديل النصوص الدرامية التي يعمل فيها، أو في عمل المخرج، أوضح جمال سليمان :''لا يجوز لأحد التدخل في النص بعد خروجه من يد المؤلف إلا بموافقته من حيث المبدأ، فهناك نجم قد يتدخل مثلاً بالنص من أجل أن يصغر أدوار الآخرين ويكبر دوره، ويجعل من شخصيته الشخصية المحورية في العمل، وهذا يعبّر عن نرجسية حمقاء من قبل بعض الفنانين، تضرب بكل قواعد الدراما وأصولها عرض الحائط وتعكس جهلاً معيباً، وأزعم أني أعرف قواعد الدراما جيداً، كما احترمها فهي مهنتي التي يجب أن أحافظ عليها ومن يتجاهل هذا الأمر، فإن تصرفه هذا يعبر عن تساهل ينطوي على كثير من الجهل وعدم الاحترام للفن· لكن من المفروض عندما يتدخل الممثل أن يتدخل كشخص يعمل في المجال الفني والثقافي ويهمه الذي يقال ويقدم للناس من حيث المستوى والمصداقية· وقد حصل أنني عدلت نصوصاً بكاملها واشتغلت عليها لمدة طويلة، وبالمناسبة فقد ظهر النص بعد التعديل كما لو أنني صغرت دوري وكبرت أدوار الآخرين، ليس لأنهم زملائي وأحببت أن أسدي لهم خدمة ما، بل لأن النص يتطلب هذا· أما بالنسبة للإخراج، فهذا كلام يقصد منه الإساءة، لكن ليس هذا ما يزعجني، الذي يزعجني فعلاً هو هذه الكمية من السطحية· فهناك مسلمات في مهنتنا وهي ألا نعتبر الجمهور جاهلاً، بل على الفنان الحقيقي أن يساهم في تطوير ذوق المشاهد ووعيه· ما يشاع غير صحيح على الإطلاق، لكن علينا أن نعي أن الممثل ليس قطعة شطرنج أو دمية، بل هو مساهم مبدع وإنسان مفكر، وكائن اجتماعي من واجبه أن يساهم في صياغة العمل، وذلك لسبب بسيط، أنه هو الذي يتلقى الانتقادات من الناس قبل المخرج في كثير من الأحيان، ومهنتنا تكره الجهلة والسطحيين والكسالى والمتعيشين· صحيح أن المخرج هو ربان السفينة لكن للأسف أصبح يُفهم منه فقط أنه رب العمل والشخص الآمر الناهي، وهذا ليس صحيحاً طبعاً·· المخرج هو الرجل الذي يعرف كيف يقود جهود البحارة الذين معه بأفضل صورة ممكنة، ولا يستطيع أحد أن يتجرأ على المساس بصلاحياته وقيادته، لا أنا ولا غيري''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©