الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

شريح بن الحارث.. «60 سنة» في القضاء

27 يوليو 2017 23:37
أحمد مراد (القاهرة) القاضي شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي، اعتنق الإسلام في حياة النبي، ولكنه لم يره، حيث كان وقتها يقيم في حضرموت، وانتقل للمدينة في خلافة أبي بكر. اشترى الخليفة عمر بن الخطاب فرساً ودفع ثمنها، وبعد فترة وجد أنها تعرج، وقال البائع الأعرابي إنها كانت سليمة، فرد أن اختر من شئت ليحكم في الأمر، فاختار الأعرابي شريحاً، ولم يكن عمر يعرفه، فدعاه إلى بيته ليحكم فرفض شريح، وقال شريح لعمر: «خذ ما ابتعت أو رد ما اشتريت». فرد عمر: والله هكذا القضاء، قول فصل وحكم عدل، وهنا قرر عمر أن يولي شريح قضاء الكوفة، قائلاً: اذهب فقد وليتك قضاء الكوفة، فوافق شرط أن يجعل في الكوفة داراً مستقلة للقضاء، فجعل عمر ذلك في الكوفة وفي كل البلاد الإسلامية. تولى شريح قضاء الكوفة على مئة درهم، وظل قاضيها لمدة 60 سنة، حيث مكث في القضاء بداية من عمر الـ47، وحتى سن الـ107، وقد كتب فوق مجلسه: «إن الظالم، وإن حكمت له ينتظر العقاب، وإن المظلوم، وإن حكمت عليه ينتظر الإنصاف»، وتحت ذلك حديث نبوي: «إنكم تختصمون إلى، وإنما أنا بشر فأيما رجل اقتطعت له حق من أخيه ما لا يستحقه فإنما اقتطعت له قطعة من النار سيطوق بها يوم القيامة». وذات مرة تنازع علي بن أبي طالب، وهو أمير المؤمنين مع يهودي على درع، فاحتكما إلى القاضي شريح، الذي قال: يا أمير المؤمنين هل من بينة؟ قال: نعم الحسن ابني يشهد أن الدرع درعي، قال شريح: يا أمير المؤمنين شهادة الابن لا تجوز، فقال علي: سبحان الله رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته؟، فقال شريح: يا أمير المؤمنين ذلك في الآخرة، أما في الدنيا فلا تجوز شهادة الابن لأبيه، فقال علي صدقت، الدرع لليهودي، فقال اليهودي: أمير المؤمنين قدمني إلى قاضيه، وقاضيه يقضي عليه، أشهد أن هذا الدين على الحق، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، وأن الدرع درعك يا أمير المؤمنين، سقط منك ليلا، فقال علي: أما إذا أسلمت فهي لك.  وكان شريح يمنع الذين يقضي بينهم من أن يتعاملوا معه بأي طريقة طوال فترة الحكم، وذات مرة كان يقيم رجل في بيته ضيفا، فأراد أن يرفع إليه قضية، فخيره بين ترك القضية أو ترك بيته. وفي سن الـ107، كان شريح لا يزال قاضي القضاة، وسئل كيف ذلك، فأجاب: حفظناها في الصغر فحفظها الله لنا في الكبر، قاصدا الصحة. ولما أصبح الحجاج بن يوسف والي الكوفة، استقال شريح، وكانت أول مرة يفعلها بعد أن قضى في عهد خمسة خلفاء، ومات بعد ذلك بسنة، وكان يبكي وهو يموت فسئل لماذا، فأجاب: في مرة لم أساو بين متخاصمين.. قالوا كيف؟ قال مال قلبي لأحدهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©