الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية... وتجارب أميركا السابقة

5 مايو 2013 22:48
لويل شوارتز أستاذ العلوم السياسية بمؤسسة «راند» هناك سؤال يتردد بإلحاح في الوقت الراهن في الأوساط المهتمة بالشأن الكوري الشمالي هو: بعد سلسلة الاستفزازات التي قامت بها بيونج يانج خلال الآونة الأخيرة، والتي اشتملت على إجراء تجارب نووية، وإطلاق صواريخ بعيدة المدى، وإطلاق تهديدات، ما الذي ينويه زعيمها «كيم جونج أون» بعد ذلك؛ وكيف سترد عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها، وكيف ستستجيب كوريا الشمالية لهذا الرد؟ التنبؤ بالخطوة التالية لدولة متقلبة صعب، والتفكير في عدة خطوات لا خطوة واحدة أصعب بكل تأكيد؛ لكن من ضمن الأدوات التي تساعد صناع السياسة على النظر بإمعان في البدائل المختلفة، ما يعرف بـ» ألعاب الحرب» الاستراتيجية، والتي يواجه فيها اللاعبون أو»الخبراء» أزمة مستقبلية بناء على حقائق تاريخية، وعلى عملية تقدير دقيق لقدرات العدو العسكرية المعروفة. وتقوم مؤسسة «راند» بإجراء أبحاث عن المشكلات التي يمثلها الأعداء الإقليميون المسلحون نووياً، تشمل ليس كوريا الشمالية فحسب، بل إيران ودولاً أخرى قد يكون احتمال تحولها لعدو صريح بعيداً كباكستان على سبيل المثال. كجزء من هذه الأبحاث، دعونا خبراء إقليميين، ومسؤولين مدنيين وعسكريين من وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين للمشاركة في ألعاب حرب، يطلب منهم فيها، استنباط استراتيجيات، وصياغة استجابات لسلسلة من السيناريوهات المحتملة. وتلك «الألعاب»، بالإضافة لأبحاث تاريخية أخرى تم إجراءها، أثارت سلسلة من الموضوعات التي تساعد على صياغة تفكيرنا بشأن ردع، وعند الضرورة خوض حرب، ضد دول مثل كوريا الشمالية تمتلك قدرات نووية خطيرة. الموضوع الأول: أن الدول النووية الجديدة، تتصرف على نحو مستفز لأنها تريد سبر غور قوتها الجديدة، وتريد معرفة الكيفية التي سيستجيب بها اللاعبون الدوليون لذلك. وإذا نظرنا للأمر من هذه الزاوية، فإن سلوك كوريا الشمالية الحالي، يعتبر من النوع الذي يمكن التنبؤ به تقريباً، ويمثل حالة مثالية منهجية لما هو متوقع من قوة نووية جديدة. الموضوع الثاني: عندما يبدأ التصعيد، يكون من الصعوبة للغاية التحكم فيه، وذلك عندما يكون التعامل مع قوة، خلال «ألعاب الحرب» كانت الإجراءات التي اتخذها الفريق الممثل للولايات المتحدة، والتي اعتبرها مجرد استجابة محدودة ومتروٍ فيها، سببا أدى إلى إجراءات تصعيدية قصوى من قبل القوات المعادية، اشتملت على استخدام مبكر للأسلحة النووية. هناك مزيج من الأسباب التي تفسر لماذا يكون التحكم في التصعيد صعباً في الأزمات الحقيقية، من بين تلك الأسباب كفاءة الأساليب التي استخدمتها الولايات المتحدة في الإطاحة ببعض الحكومات المعادية في السنوات الأخيرة، والتي تبدأ عادة بحملة جوية مكثفة لشل الأهداف الاستراتيجية وتدميرها، وتلك الأساليب والهجمات يمكن رؤيتها بواسطة ممثلي قادة الدول المعادية خلال «ألعاب الحرب» على أنها تمثل تهديداً لسيطرتهم على السلطة مما يدفعهم للتصعيد. من بين الملاحظات المهمة الأخرى التي خرجنا بها من عملياتنا السابقة، الصعوبة القصوى التي تواجهها الولايات المتحدة عند سعيها لتحييد ترسانة العدو من أسلحة الدمار الشامل، ووسائل إيصالها لأهدافها. وتجربتا الولايات المتحدة مع العراق عامي 1991، و2003 لم تكونا مطمئنتين : ففي عام 1991 لم تنجح حملة قصف جوي استمرت 42 يوماً في منع العراق من إطلاق صواريخ سكود؛ وقبل غزو 2003 لم تنجح عملية مراقبة ورصد دقيقة استمرت 12 عاماً لأنشطة العراق المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل، في الحيلولة دون وقوع الولايات المتحدة في خطأ المبالغة الشديدة في تقدير قدرات العراق الحقيقية من تلك الأسلحة. وكوريا الشمالية بقدرتها المشهودة على إخفاء المنشآت العسكرية المهمة تحت الأرض، وطبيعة نظامها القمعي، وعزلتها الكاملة عن باقي العالم، تمثل من دون شك تحدياً استخباراتياً أكثر صعوبة بمراحل من العراق وغيرها. بالطبع لن يكون ممكناً دائماً تجنب استخدام القوة أو خطر التصعيد. ولكن المشكلة هي أن الولايات المتحدة وحلفاءها لا يستطيعون استبعاد إمكانية الاستجابات العسكرية ضد الخصوم الإقليميين النوويين، عن الطاولة من دون أن يؤدي ذلك إلى الحد من قدراتهم الاستراتيجية، وتآكل نفوذهم، وتهديد أمنهم القومي. يقودنا هذا إلى الملاحظة الثانية، وهي وجوب أخذ دوافع قادة الخصوم النوويين الإقليميين، والزوايا التي ينظرون بها للأمور، في الحسبان، عند قيام الولايات المتحدة وحلفائها بتصميم خياراتهم السياسية بشأن التعامل مع تلك الدول. فآخر شيء يجب أن تقوم به الخطط الاستراتيجية هو دفع الخصوم للاعتقاد بأن استخدام الأسلحة النووية هو خيارهم الأول، والأفضل. الاستجابات العسكرية المصممة لردع وهزيمة أعمال عدائية محددة، ستمثل بداية جيدة في المجمل، كما يمكن أيضاً الدعوة لتوجيه ضربات تقليدية على الأهداف المنتقاة، المرتبطة ارتباطا مباشرة بالعمليات العسكرية للدول مصدر التهديد، كما أن وضع منظومات دفاع صاروخية بمسرح عمليات المنطقة سيكون مطمئناً لحلفاء الولايات المتحدة، وسيوفر بعض الحماية لقواتها. وسيناريوهات الخطر تتخذ أشكالاً مختلفة، ومن هنا يجب على الولايات المتحدة، ومن خلال التعاون الوثيق مع حلفائها مقاربة كل صراع محتمل في سياقه الخاص، مع صياغة السياسة المناسبة للتعامل معه، المعتمدة على الخبرة العملية، والملاحظات التي تم التوصل إليها من خلال الأبحاث. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©